responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 6  صفحه : 360
هَذِهِ هِيَ الْحَقِيقَةُ، وَأَمَّا خَبَرُ الْغَيْبِ فَهُوَ أَنَّهُ سَيَرْتَدُّ بَعْضُ الَّذِينَ آمَنُوا عَنِ الْإِسْلَامِ جَهْرًا، فَلَا يَضُرُّهُ ذَلِكَ ; لِأَنَّ اللهَ تَعَالَى يُسَخِّرُ لَهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَيُجَاهِدُ لِحِفْظِهِ، فَقَالَ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ) قَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ وَنَافِعٌ " يَرْتَدِدْ " بِدَالَيْنِ، وَالْبَاقُونَ " يَرْتَدَّ " بِدَالٍ وَاحِدَةٍ مُشَدَّدَةٍ، وَهُمَا لُغَتَانِ ; فَلُغَةُ إِظْهَارِ الدَّالَيْنِ هِيَ الْأَصْلُ، وَلُغَةُ الْإِدْغَامِ تَشْدِيدٌ يُرَادُ بِهِ التَّخْفِيفُ، وَالْمَعْنَى: مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ يَا جَمَاعَةَ الَّذِينَ دَخَلُوا فِي أَهْلِ الْإِيمَانِ عَنْ دِينِهِ لِعَدَمِ رُسُوخِهِ، فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ مَكَانَهُمْ، أَوْ بَدَلًا مِنْهُمْ بِقَوْمٍ رَاسِخِينَ فِي الْإِيمَانِ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ. . . إِلَى آخَرِ مَا ذَكَرَهُ مِنْ صِفَاتِ الْمُؤْمِنِينَ الصَّادِقِينَ.
أَخْرَجَ رُوَاةُ التَّفْسِيرِ الْمَأْثُورِ عَنْ قَتَادَةَ، وَاللَّفْظُ لِابْنِ جَرِيرٍ، أَنَّهُ قَالَ: أَنْزَلَ اللهُ هَذِهِ الْآيَةَ وَقَدْ عَلِمَ أَنَّهُ سَيَرْتَدُّ مُرْتَدُّونَ مِنَ النَّاسِ، فَلَمَّا قَبَضَ اللهُ نَبِيَّهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ارْتَدَّ عَامَّةُ الْعَرَبِ عَنِ الْإِسْلَامِ، إِلَّا ثَلَاثَةَ مَسَاجِدَ - أَهْلُ الْمَدِينَةِ، وَأَهْلُ مَكَّةَ، وَأَهْلُ الْبَحْرَيْنِ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ. قَالُوا (أَيِ الْمُرْتَدُّونَ) : نُصَلِّي وَلَا نُزَكِّي، وَاللهِ لَا نُغْصَبُ أَمْوَالَنَا، فَكُلِّمَ أَبُو بَكْرٍ فِي ذَلِكَ فَقِيلَ لَهُ: إِنَّهُمْ لَوْ قَدْ فَقِهُوا لِهَذَا أَعْطَوْهَا وَزَادُوهَا، فَقَالَ: لَا وَاللهِ، لَا أُفَرِّقُ بَيْنَ شَيْءٍ جَمَعَ اللهُ بَيْنَهُ، وَلَوْ مَنَعُوا عِقَالًا مِمَّا فَرَضَ اللهُ وَرَسُولَهُ لَقَاتَلْنَاهُمْ عَلَيْهِ، فَبَعَثَ اللهُ عِصَابَةً مَعَ أَبِي بَكْرٍ، فَقَاتَلَ عَلَى مَا قَاتَلَ عَلَيْهِ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى سَبَى وَقَتَلَ وَحَرَقَ بِالنِّيرَانِ أُنَاسًا ارْتَدُّوا عَنِ الْإِسْلَامِ، وَمَنَعُوا الزَّكَاةَ، فَقَاتَلَهُمْ حَتَّى أَقَرُّوا بِالْمَاعُونِ - وَهِيَ الزَّكَاةُ - صَغَرَةً أَقْمِيَاءَ، فَأَتَتْهُ وُفُودُ الْعَرَبِ فَخَيَّرَهُمْ بَيْنَ حِطَّةٍ مُخْزِيَةٍ أَوْ حَرْبٍ مُجْلِيَةٍ ; فَاخْتَارُوا الْحِطَّةَ الْمُخْزِيَةَ، وَكَانَتْ
أَهْوَنَ عَلَيْهِمْ أَنْ يَسْتَعِدُّوا، أَنَّ قَتْلَاهُمْ فِي النَّارِ، وَأَنَّ قَتْلَى الْمُؤْمِنِينَ فِي الْجَنَّةِ، وَأَنَّ مَا أَصَابُوا مِنَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ مَالٍ رَدُّوهُ عَلَيْهِمْ، وَمَا أَصَابَ الْمُسْلِمِينَ لَهُمْ مِنْ مَالٍ فَهُوَ لَهُمْ حَلَالٌ، فَالْقَوْمُ الَّذِينَ يُحِبُّهُمُ اللهُ وَيُحِبُّونَهُ عَلَى هَذَا هُمْ أَبُو بَكْرٍ وَأَصْحَابُهُ الَّذِينَ قَاتَلُوا أَهْلَ الرِّدَّةِ، وَنَقَلَ الْمُفَسِّرُونَ هَذَا الْقَوْلَ عَنْ عَلِيٍّ الْمُرْتَضَى وَالْحَسَنِ وَقَتَادَةَ وَالضَّحَّاكِ، وَرَوَوْا عَنِ السُّدِّيِّ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّهُمُ الْأَنْصَارُ ; لِأَنَّهُمْ هُمُ الَّذِينَ نَصَرُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقِيلَ: هُمُ الْفُرْسُ لِحَدِيثٍ وَرَدَ فِي مَنَاقِبِ سَلْمَانَ أَنَّهُمْ قَوْمُهُ، وَلَكِنَّهُ ضَعِيفٌ، وَقِيلَ: نَزَلَتْ فِي عَلِيٍّ كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ ; لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَدَ فِي خَيْبَرَ بِأَنْ يُعْطِيَ الرَّايَةَ غَدًا رَجُلًا يُحِبُّهُ اللهُ، ثُمَّ أَعْطَاهَا عَلِيًّا، وَلَيْسَ هَذَا بِدَلِيلٍ، وَلَفْظُ الْقَوْمِ لَا يَجْرِي عَلَى الْوَاحِدِ ; لِأَنَّهُ نَصٌّ فِي الْجَمَاعَةِ، وَغُلَاةُ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 6  صفحه : 360
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست