responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 6  صفحه : 187
أَبِي حَنِيفَةَ، وَلَيْسَتِ الْيَدُ رُبُعَ الرَّأْسِ بِالتَّحْدِيدِ، وَقَدْ عَبَّرُوا هُمْ أَنْفُسُهُمْ بِقَوْلِهِمْ: غَالِبًا.
وَلَوْ كَانَ مُرَادُ أَبِي حَنِيفَةَ قَدْرَ الْيَدِ لَعَبَّرَ بِهِ،
وَالْحَدِيثُ لَيْسَ نَصًّا فِي مَسْحِ جَمِيعِ النَّاصِيَةِ، فَالْخِلَافُ فِي مَسْحِ الرَّأْسِ يَجْرِي فِي مَسْحِ النَّاصِيَةِ ; فَالِاسْتِدْلَالُ بِمَسْحِهَا مُصَادَرَةٌ. وَنَازَعَ بَعْضُهُمْ فِي كَوْنِ الْبَاءِ تُفِيدُ التَّبْعِيضَ مُطْلَقًا، وَقِيلَ: اسْتِقْلَالًا، وَإِنَّمَا تُفِيدُهَا مَعَ مَعْنَى الْإِلْصَاقِ، وَلَا يَظْهَرُ مَعْنَى كَوْنِهَا زَائِدَةً، وَالتَّحْقِيقُ: أَنَّ مَعْنَى الْبَاءِ الْإِلْصَاقُ، لَا التَّبْعِيضُ أَوِ الْآلَةُ، وَإِنَّمَا الْعِبْرَةُ بِمَا يَفْهَمُهُ الْعَرَبِيُّ مِنْ: مَسَحَ بِكَذَا، وَمَسَحَ كَذَا ; فَهُوَ يَفْهَمُ مِنْ كَلِمَةِ: مَسَحَ الْعَرَقَ عَنْ وَجْهِهِ: أَنَّهُ أَزَالَهُ بِإِمْرَارِ يَدِهِ أَوْ أُصْبُعِهِ عَلَيْهِ، وَمَنْ مَسَحَ رَأْسَهُ بِالطِّيبِ أَوِ الدُّهْنِ: أَنَّهُ أَمَرَّهُ عَلَيْهِ، وَمِنْ مَسْحِ الشَّيْءِ بِالْمَاءِ: أَنَّهُ أَمَرَّ عَلَيْهِ مَاءً قَلِيلًا لِيُزِيلَ مَا عَلَقَ بِهِ مِنْ غُبَارٍ أَوْ أَذًى، وَمِنْ مَسْحِ يَدِهِ بِالْمِنْدِيلِ: أَنَّهُ أَمَرَّ عَلَيْهَا الْمَنْدِيلَ كُلَّهُ أَوْ بَعْضَهُ لِيُزِيلَ مَا عَلَقَ بِهَا مَنْ بَلَلٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَمِنْ مَسَحَ رَأْسَ الْيَتِيمِ أَوْ عَلَى رَأْسِهِ، وَمَسَحَ بِعُنُقِ الْفَرَسِ أَوْ سَاقِهِ أَوْ بِالرُّكْنِ أَوِ الْحَجَرِ: أَنَّهُ أَمَرَّ يَدَهُ عَلَيْهِ، لَا يَتَقَيَّدُ ذَلِكَ بِمَجْمُوعِ الْكَفِّ الْمَاسِحِ، وَلَا بِكُلِّ أَجْزَاءِ الرَّأْسِ أَوِ الْعُنُقِ أَوِ السَّاقِ أَوِ الرُّكْنِ أَوِ الْحَجَرِ الْمَمْسُوحِ، فَهَذَا مَا يَفْهَمُهُ كُلُّ مَنْ لَهُ حَظٌّ مِنْ هَذِهِ اللُّغَةِ مِمَّا ذُكِرَ، وَمِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ (38: 33) عَلَى الْقَوْلِ الرَّاجِحِ الْمُخْتَارِ، أَنَّ الْمَسْحَ بِالْيَدِ لَا بِالسَّيْفِ، وَمِنْ مِثْلِ قَوْلِ الشَّاعِرِ:
وَلَمَّا قَضَيْنَا مِنْ مِنًى كُلَّ حَاجَةٍ ... وَمَسَحَ بِالْأَرْكَانِ مَنْ هُوَ مَاسِحُ
وَالْأَقْرَبُ: أَنَّ سَبَبَ الْخِلَافِ مَا وَرَدَ مِنَ الْأَحَادِيثِ فِي الْمَسْحِ، مَعَ مَفْهُومِ عِبَارَةِ الْآيَةِ، قِيلَ: إِنَّ الْعِبَارَةَ مُجْمَلَةُ بَيَّنَتْهَا السُّنَّةُ، وَصَرَّحَ الزَّمَخْشَرِيُّ بِأَنَّهَا مُطْلَقَةٌ، وَجَعَلَ الْمُطْلَقَ مِنَ الْمُجْمَلِ، وَالتَّحْقِيقُ عِنْدَ أَهْلِ الْأُصُولِ أَنَّ الْمُطْلَقَ لَيْسَ بِمُجْمَلٍ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَى الْكُلِّ وَالْبَعْضِ، فَأَيُّهُمَا وَقَعَ حَصَلَ بِهِ الِامْتِثَالُ، وَلَوْ سُلِّمَ أَنَّهُ مُجْمَلٌ لَكَانَ الصَّحِيحُ فِي بَيَانِهِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْمَسْحَ يَكُونُ عَلَى الرَّأْسِ كُلِّهِ مَكْشُوفًا، وَعَلَى بَعْضِهِ مَعَ التَّكْمِيلِ عَلَى الْعِمَامَةِ كَمَا وَرَدَ فِي الصِّحَاحِ، وَلَمْ يَرِدْ حَدِيثٌ مُتَّصِلٌ بِمَسْحِ الْبَعْضِ، إِلَّا حَدِيثُ أَنَسٍ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ قَالَ: " رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَتَوَضَّأُ، وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ قَطَرِيَّةٌ، فَأَدْخَلَ يَدَهُ تَحْتَ الْعِمَامَةِ فَمَسَحَ مُقَدَّمَ رَأْسِهِ، وَلَمْ يَنْقُضِ الْعِمَامَةَ. وَهَذَا الْحَدِيثُ لَا يُحْتَجُّ بِهِ لِأَنَّ أَبَا مَعْقِلٍ الَّذِي رَوَاهُ عَنْ أَنَسٍ مَجْهُولٌ، وَقَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ: فِي إِسْنَادِهِ نَظَرٌ، وَقَالَ ابْنُ
الْقَيِّمِ فِي زَادِ الْمَعَادِ: " إِنَّهُ لَمْ يَصِحَّ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَدِيثٍ وَاحِدٍ أَنَّهُ اقْتَصَرَ عَلَى مَسْحِ بَعْضِ رَأْسِهِ، أَلْبَتَّةَ، وَلَكِنَّهُ كَانَ إِذَا مَسَحَ بِنَاصِيَتِهِ كَمَّلَ عَلَى الْعِمَامَةِ، وَأَمَّا حَدِيثُ أَنَسٍ - وَذَكَرَهُ كَمَا تَقَدَّمَ آنِفًا - فَهَذَا مَقْصُودُ أَنَسٍ بِهِ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَنْقُضْ عِمَامَتَهُ حَتَّى يَسْتَوْعِبَ مَسْحَ الشَّعْرِ كُلِّهِ، وَلَمْ يَنْفِ التَّكْمِيلَ عَلَى الْعِمَامَةِ، وَقَدْ أَثْبَتَهُ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ وَغَيْرُهُ، فَسُكُوتُ أَنَسٍ عَلَيْهِ لَا يَدُلُّ عَلَى نَفْيِهِ " انْتَهَى.

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 6  صفحه : 187
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست