responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 5  صفحه : 37
وَالْمَالُ، وَالنَّسَبُ، وَعَلَّلُوا التَّعْبِيرَ عَنْ قَتْلِ الْإِنْسَانِ لِغَيْرِهِ بِقَتْلِهِ لِنَفْسِهِ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ يُفْضِي إِلَى قَتْلِهِ قِصَاصًا أَوْ ثَأْرًا كَانَ كَأَنَّهُ قَتْلٌ لِنَفْسِهِ، وَقَالُوا مِثْلَ هَذَا الْقَوْلِ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى فِي خِطَابِ بَنِي إِسْرَائِيلَ: وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لَا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ وَلَا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِنْكُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ (2: 84، 85) ، الْآيَةَ، حَتَّى إِنَّهُمْ قَالُوا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ: فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ (2: 54) ، إِنَّ الْمَعْنَى لِيَقْتُلْ كُلٌّ مِنْكُمْ نَفْسَهُ بِالْبَخْعِ وَالِانْتِحَارِ أَوْ أُمِرُوا أَنْ يَقْتُلَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّ الْمُرَادَ بِالْقَتْلِ هُنَالِكَ قَطْعُ الشَّهَوَاتِ، كَمَا قِيلَ: مَنْ لَمْ يُعَذِّبْ نَفْسَهُ لَمْ يُنَعِّمْهَا، وَمَنْ لَمْ يَقْتُلْهَا لَمْ يُحْيِهَا، وَقِيلَ: إِنَّ الْمَعْنَى هُنَا: لَا تُخَاطِرُوا بِنُفُوسِكُمْ فِي الْقِتَالِ فَتُقَاتِلُوا مَنْ يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّكُمْ أَنَّهُمْ يَقْتُلُونَكُمْ، وَمَنْ نَظَرَ فِي مَجْمُوعِ الْآيَاتِ الْوَارِدَةِ فِي هَذَا الْمَعْنَى وَرَاعَى دَلَالَةَ النَّظْمِ وَالْأُسْلُوبِ يَجْزِمُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِقَتْلِ النَّاسِ أَنْفُسَهُمْ هُوَ قَتْلُ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ، وَأَنَّ النُّكْتَةَ فِي التَّعْبِيرِ هِيَ مَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ مِنْ وَحْدَةِ الْأُمَّةِ حَتَّى كَأَنَّ كُلَّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِهَا هُوَ عَيْنُ الْآخَرِ، وَجِنَايَتُهُ عَلَيْهِ جِنَايَةٌ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ جِهَةٍ، وَجِنَايَةٌ عَلَى جَمِيعِ الْأَفْرَادِ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى، بَلْ عَلَّمَنَا الْقُرْآنُ أَنَّ جِنَايَةَ الْإِنْسَانِ عَلَى غَيْرِهِ تُعَدُّ جِنَايَةً عَلَى الْبَشَرِ كُلِّهِمْ لَا عَلَى الْمُتَّصِلِينَ مَعَهُ بِرَابِطَةِ الْأُمَّةِ الدِّينِيَّةِ أَوِ الْجِنْسِيَّةِ أَوِ السِّيَاسِيَّةِ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا (5: 32) ، وَإِذَا كَانَ يُرْشِدُنَا بِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نَحْتَرِمَ نُفُوسَ النَّاسِ بَعْدَهَا كَنُفُوسِنَا فَاحْتِرَامُنَا لِنُفُوسِنَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ أَوْلَى، فَلَا يُبَاحُ بِحَالٍ مِنَ الْأَحْوَالِ أَنْ يَقْتُلَ أَحَدٌ نَفْسَهُ كَأَنْ يَبْخَعَهَا لِيَسْتَرِيحَ مِنَ الْغَمِّ وَشَقَاءِ الْحَيَاةِ، فَمَهْمَا اشْتَدَّتِ الْمَصَائِبُ عَلَى الْمُؤْمِنِ فَإِنَّهُ يَصْبِرُ وَيَحْتَسِبُ، وَلَا يَنْقَطِعُ رَجَاؤُهُ مِنَ الْفَرَجِ الْإِلَهِيِّ ; وَلِذَلِكَ نَرَى بَخْعَ النَّفْسِ (الِانْتِحَارَ) يَكْثُرُ حَيْثُ يَقِلُّ الْإِيمَانُ، وَيَفْشُو الْكُفْرُ وَالْإِلْحَادُ، وَمِنْ فَوَائِدِ الْإِيمَانِ مُدَافَعَةُ الْمَصَائِبِ وَالْأَكْدَارِ، فَالْمُؤْمِنُ لَا يَتَأَلَّمُ مِنْ بُؤْسِ الْحَيَاةِ كَمَا يَتَأَلَّمُ الْكَافِرُ، فَلَيْسَ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَبْخَعَ نَفْسَهُ حَتَّى يُنْهَى عَنْ ذَلِكَ نَهْيًا صَرِيحًا.
إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا أَيْ: إِنَّهُ كَانَ بِنَهْيِهِ إِيَّاكُمْ عَنْ أَكْلِ أَمْوَالِكُمْ بِالْبَاطِلِ، وَعَنْ قَتْلِ أَنْفُسِكُمْ رَحِيمًا بِكُمْ ; لِأَنَّ فِي ذَلِكَ حِفْظَ دِمَائِكُمْ وَأَمْوَالِكُمُ الَّتِي هِيَ قِوَامُ مَصَالِحِكُمْ وَمَنَافِعِكُمْ فَيَجِبُ أَنْ تَتَرَاحَمُوا فِيمَا بَيْنَكُمْ وَيَكُونَ كُلٌّ مِنْكُمْ عَوْنًا لِلْآخَرِينَ عَلَى حِفْظِ النَّفْسِ وَمُدَافَعَةِ رَزَايَا الدَّهْرِ.
وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا، قَالَ الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ: ذَهَبَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ إِلَى أَنَّ الْمُشَارَ إِلَيْهِ فِي قَوْلِهِ: ذَلِكَ كُلٌّ مَا تَقَدَّمَ النَّهْيُ عَنْهُ مِنْ أَوَّلِ السُّورَةِ إِلَى الْآيَةِ السَّابِقَةِ، وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: إِنَّ الْمُشَارَ إِلَيْهِ هُوَ مَا نَهَى عَنْهُ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى:

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 5  صفحه : 37
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست