responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 5  صفحه : 331
وَإِنَّمَا الْمُرَادُ بِالنَّجْوَى الْكَثِيرَةِ الْمَنْفِيِّ الْخَيْرُ عَنْهَا النَّجْوَى فِي شُئُونِ النَّاسِ ; وَلِذَلِكَ اسْتَثْنَى الْأُمُورَ الثَّلَاثَةَ الَّتِي هِيَ مَجَامِعُ الْخَيْرِ لِلنَّاسِ اهـ.
أَقُولُ: إِذَا كَانَ الْكَلَامُ هُنَا فِي أُولَئِكَ الْخَائِنِينَ فَنَفْيُ الْخَيْرِ عَنِ الْكَثِيرِ مِنْ
نَجْوَاهُمْ ظَاهِرٌ، وَلَكِنَّنَا نَرَى الْكِتَابَ الْحَكِيمَ يَجْعَلُ النَّجْوَى مَظِنَّةَ الْإِثْمِ وَالشَّرِّ مُطْلَقًا ; وَلِذَلِكَ خَاطَبَ الْمُؤْمِنِينَ بُقُولِهِ فِي سُورَةِ الْمُجَادِلَةِ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلَا تَتَنَاجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (58: 9، 10) ، وَهَذَا بَعْدَ أَنْ بَيَّنَ أَنَّ بَعْضَ النَّاسِ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى، ثُمَّ هُمْ يَعُودُونَ إِلَيْهَا وَهُمُ الْيَهُودُ وَالْمُنَافِقُونَ، وَالْحِكْمَةُ فِي كَوْنِ النَّجْوَى مَظِنَّةَ الشَّرِّ فِي الْأَكْثَرِ هِيَ أَنَّ الْعَادَةَ الْغَالِبَةَ وَسُنَّةَ الْفِطْرَةِ الْمُتَّبَعَةَ هِيَ اسْتِحْبَابُ إِظْهَارِ الْخَيْرِ وَالتَّحَدُّثِ بِهِ فِي الْمَلَأِ، وَأَنَّ الشَّرَّ وَالْإِثْمَ هُوَ الَّذِي يُخْفَى، وَيُذْكَرُ فِي السِّرِّ وَالنَّجْوَى، وَفِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ: الْإِثْمُ مَا حَاكَ فِي صَدْرِكَ وَكَرِهْتَ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ النَّاسُ، وَقَلَّمَا يَكْتُمُ النَّاسُ شَيْئًا مِنَ الْخَيْرِ الْمُطْلَقِ الْمُتَّفَقِ عَلَى كَوْنِهِ خَيْرًا، وَإِنَّمَا الْغَالِبُ فِي كِتْمَانِ بَعْضِ الْخَيْرِ وَإِسْرَارِهِ وَجَعْلِ الْحَدِيثِ فِيهِ نَجْوًى أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْخَيْرُ خَيْرًا لِلْمُتَنَاجِينَ وَشَرًّا لِغَيْرِهِمْ أَوْ مُؤْذِيًا لَهُ وَلَوْ مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ، كَأَسْرَارِ الْحَرْبِ وَالسِّيَاسَةِ الَّتِي يَتَوَخَّى بِهَا أَهْلُهَا نَفْعَ أَنْفُسِهِمْ وَضَرَرَ غَيْرِهِمْ فَيَكْتُمُونَ أَخْبَارَهَا وَيَجْعَلُونَهَا نَجْوَى بَيْنِهِمْ لِئَلَّا تَصِلَ إِلَى خَصْمِهِمْ وَعَدُوِّهِمُ الَّذِي يَضُرُّهُ مَا يَنْفَعُهُمْ، وَيَنْفَعُهُ مَا يُحْبِطُ عَمَلَهُمْ وَيُبْطِلُ كَيْدَهُمْ، وَيُشْبِهُ ذَلِكَ مَا يَكُونُ بَيْنَ التُّجَّارِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ طُلَّابِ الْكَسْبِ مِنَ التَّنَاجِي فِيمَا يَخَافُونَ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ غَيْرُهُمْ فَيَسْبِقُهُمْ إِلَيْهِ أَوْ يُشَارِكُهُمْ فِيهِ، فَإِنَّ مَا يُرِيدُونَ أَنْ يَفُوتَهُ مِنَ الْكَسْبِ خَيْرٌ لَهُمْ وَشَرٌّ لَهُمْ.
وَهُنَالِكَ أُمُورٌ مِنَ الْخَيْرِ تَتَوَقَّفُ خَيْرِيَّتُهَا أَوْ كَمَالُ الْخَيْرِ فِيهَا وَخُلُوُّهُ مِنَ الشَّوَائِبِ عَلَى كِتْمَانِهِ وَجَعْلِ التَّعَاوُنِ عَلَيْهِ سِرًّا وَالْحَدِيثِ فِيهِ نَجْوَى، وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ اللهُ - تَعَالَى - مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ، فَمَا اسْتَثْنَاهَا اللهُ - تَعَالَى - مِنَ النَّجْوَى الَّتِي لَا خَيْرَ فِي أَكْثَرِهَا إِلَّا لِأَنَّهَا يُحْتَاجُ فِيهَا إِلَى النَّجْوَى، وَإِنِّي لَمْ أَفْطِنْ لِهَذَا إِلَّا عِنْدَ كِتَابَةِ تَفْسِيرِ الْآيَةِ وَلَيْسَ عِنْدِي فِيهِ نَقْلٌ، وَقَدْ عَجِبْتُ لِلْأُسْتَاذِ الْإِمَامِ كَيْفَ ذَهَبَ عَنْهُ فَلَمْ يُبَيِّنْهُ مَا لَمْ أَعْجَبْ لِغَيْرِهِ، فَإِنَّهُ أَبُو عُذْرَةِ هَذِهِ الدَّقَائِقُ فِي عِلْمِ الْإِنْسَانِ وَالْقُرْآنِ ; عَلَى أَنَّنِي كُنْتُ أَوَدُّ لَوْ كَانَ بَيْنَ يَدَيَّ جَمِيعُ كُتُبِ التَّفْسِيرِ الْمُعْتَبَرَةِ لِأُرَاجِعَ تَفْسِيرَ الْآيَةِ فِيهَا.
أَمَّا الصَّدَقَةُ فَهِيَ مِنَ الْخَيْرَاتِ الَّتِي لَا مِرْيَةَ فِيهَا، وَإِنَّ إِظْهَارَهَا قَدْ يُؤْذِي الْمُتَصَدَّقَ عَلَيْهِ وَيَضَعُ مِنْ كَرَامَتِهِ، وَقَدْ يَكُونُ الْجَهْرُ بِالْأَمْرِ بِهَا وَالْحَثِّ عَلَيْهَا أَشَدَّ إِيذَاءً وَإِهَانَةً لَهُ مِنْ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 5  صفحه : 331
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست