responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 5  صفحه : 326
يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ
(82: 19) ، الَّذِي يُحَاسِبُ عَلَى الذَّرَّةِ وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ (21: 47) ، وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ فِي الدُّنْيَا لَا يُجِيزُ لِلْمَحْكُومِ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِهِ إِذَا عَلِمَ أَنَّهُ حُكْمٌ لَهُ بِغَيْرِ حَقِّهِ.
وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللهَ يَجِدِ اللهَ غَفُورًا رَحِيمًا هَذَا بَيَانٌ لِلْمَخْرَجِ مِنَ الذَّنْبِ بَعْدَ وُقُوعِهِ، وَالسُّوءُ مَا يَسُوءُ أَيْ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْغَمُّ وَالْكَدَرُ وَفَسَّرُوهُ بِالذَّنْبِ مُطْلَقًا ; لِأَنَّ عَاقِبَتَهُ تَسُوءُ وَلَوْ عِنْدَ الْجَزَاءِ. وَهَذِهِ الْآيَاتُ تُشِيرُ إِلَى كُلِّ نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الذُّنُوبِ الَّتِي ارْتُكِبَتْ فِي الْقِصَّةِ الَّتِي نَزَلَ السِّيَاقُ بِسَبَبِهَا.
الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ: هَذِهِ الْآيَاتُ تَحْذِيرٌ مِنْ أَعْدَاءِ الْحَقِّ وَالْعَدْلِ الَّذِينَ يُحَاوِلُونَ هَدْمَ رُكْنِهِمَا، وَهَذَا الرُّكْنُ هُوَ الْمَقْصُودُ مِنَ الشَّرَائِعِ، وَإِنَّمَا يُمْتَثَلُ هَذَا التَّحْذِيرُ بِالِاجْتِهَادِ وَتَحَرِّي الْعَدْلِ وَعَدَمِ الِاغْتِرَارِ بِظَوَاهِرِ الْخُصَمَاءِ، وَالسُّوءُ مَا يَسُوءُ بِهِ الْإِنْسَانُ غَيْرَهُ، وَالظُّلْمُ مَا كَانَ ضَرَرُهُ خَاصًّا بِالْعَامِلِ كَتَرْكِ الْفَرِيضَةِ، أَيْ: هَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِهِمَا هُنَا، وَالِاسْتِغْفَارُ طَلَبُ الْمَغْفِرَةِ مِنَ اللهِ - تَعَالَى -، وَيَتَضَمَّنُ ذَلِكَ لَازِمَهُ وَهُوَ الشُّعُورُ بِقُبْحِ الذَّنْبِ وَالتَّوْبَةُ مِنْهُ، وَلِسَيِّدِنَا عَلِيٍّ - كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ - خُطْبَةً فِي تَفْسِيرِ الِاسْتِغْفَارِ بِالتَّوْبَةِ الَّتِي تُذِيبُ الشَّحْمَ وَتُفْنِي الْعَظْمَ، وَمَعْنَى وِجْدَانِهِ اللهَ غَفُورًا رَحِيمًا أَنَّ اللهَ أَكْرَمُ مِنْ أَنْ يَرُدَّ تَوْبَةَ عَبْدِهِ إِذَا اطَّلَعَ عَلَى قَلْبِهِ وَعَلِمَ مِنْهُ الصِّدْقَ وَالْإِخْلَاصَ.
أَقُولُ: وَقَدْ كُنْتُ كَتَبْتُ فِي مُذَكِّرَاتِي عَنِ الدَّرْسِ عِنْدَمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ نُكْتَةٍ لِهَذَا التَّعْبِيرِ وَهِيَ: وَتَرَكْتُ بَيَاضًا لِأَكْتُبَ فِيهِ مَا ظَهَرَ لِي مِنَ النُّكْتَةِ ثُمَّ نَسِيتُهُ إِلَى الْآنَ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِوِجْدَانِ اللهِ غَفُورًا رَحِيمًا هُوَ أَنَّ التَّائِبَ الْمُسْتَغْفِرَ يَجِدُ أَثَرَ الْمَغْفِرَةِ فِي نَفْسِهِ بِكَرَاهَةِ الذَّنْبِ وَذَهَابِ دَاعِيَتِهِ، وَيَجِدُ أَثَرَ الرَّحْمَةِ بِالرَّغْبَةِ فِي الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ الَّتِي تُطَهِّرُ النَّفْسَ وَتُزِيلُ ذَلِكَ الدَّرَنَ مِنْهُ، فَيَكُونُ السُّوءُ أَوِ الظُّلْمُ الَّذِي تَابَ مِنْهُ الْعَبْدُ مِصْدَاقًا لِقَوْلِ ابْنِ عَطَاءِ اللهِ الْإِسْكَنْدَرِيِّ: رُبَّ مَعْصِيَةٍ أَوْرَثَتْ ذُلًّا وَانْكِسَارًا، خَيْرٌ مِنْ طَاعَةٍ أَوْرَثَتْ عِزًّا وَاسْتِكْبَارًا، وَالْمُرَادُ الذُّلُّ وَالِانْكِسَارُ لِلَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - الَّذِي يُورِثُ صَاحِبَهُ الْعِزَّةَ وَالرِّفْعَةَ مَعَ غَيْرِهِ، وَفِي الْآيَةِ تَرْغِيبٌ لِطُعْمَةَ وَأَنْصَارِهِ فِي التَّوْبَةِ.
وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ، أَيْ: وَمَنْ يَعْمَلِ الْإِثْمَ عَنْ قَصْدٍ
وَيَرَ أَنَّهُ قَدْ كَسَبَهُ وَانْتَفَعَ بِهِ، فَإِنَّمَا كَسْبُهُ هَذَا وَبَالٌ عَلَى نَفْسِهِ وَضَرَرٌ لَا نَفْعَ لَهُمَا كَمَا يَتَوَهَّمُ لِجَهْلِهِ بِعَوَاقِبِ الْآثَامِ السَّيِّئَةِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَمِنَ الْعَوَاقِبِ غَيْرِ الْمَأْمُونَةِ فِي الدُّنْيَا فَضِيحَةُ الْآثِمِ وَمَهَانَتُهُ بِظُهُورِ الْأَمْرِ لِلنَّاسِ وَلِلْحَاكِمِ الْعَادِلِ، كَمَا وَقَعَ لِأَصْحَابِ الْقِصَّةِ الَّذِينَ نَزَلَتْ بِسَبَبِهِمُ الْآيَاتُ، وَسَتَرَى تَحْدِيدَ مَعْنَى الْإِثْمِ فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ الَّتِي بَعْدَ هَذِهِ وَكَانَ اللهُ عَلِيمًا حَكِيمًا قَالَ الْأُسْتَاذُ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 5  صفحه : 326
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست