responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 5  صفحه : 316
مِنْ طَبَقَاتِ النَّاسِ فِي الْبَدْوِ وَالْحَضَرِ عَلَى شَيْءٍ مَا لَمْ يَكُنْ فَرْضًا مُعَيَّنًا وَكِتَابًا مَوْقُوتًا، فَهَذَا النَّوْعُ مِنْ ذِكْرِ اللهِ الْمُهَذِّبِ لِلنَّفْسِ - وَهُوَ الصَّلَاةُ - تَرْبِيَةٌ عَمَلِيَّةٌ لِلْأُمَّةِ تُشْبِهُ الْوَظَائِفَ الْعَسْكَرِيَّةَ فِي وُجُوبِ اطِّرَادِهَا وَعُمُومِهَا وَعَدَمِ الْهَوَادَةِ فِيهَا، وَمَنْ قَصَّرَ فِي هَذَا الْقَدْرِ الْقَلِيلِ مِنَ الذَّكْرِ الْمُوَزَّعِ عَلَى هَذِهِ الْأَوْقَاتِ الْخَمْسَةِ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ فَهُوَ جَدِيرٌ بِأَنْ يَنْسَى رَبَّهُ وَنَفْسَهُ، وَيَغْرَقَ فِي بَحْرٍ مِنَ الْغَفْلَةِ، وَمَنْ قَوِيَ إِيمَانُهُ وَزَكَتْ نَفْسُهُ لَا يَرْضَى بِهَذَا الْقَلِيلِ مِنْ ذِكْرِ اللهِ وَمُنَاجَاتِهِ بَلْ يَزِيدُ عَلَيْهِ مِنَ النَّافِلَةِ وَمِنْ أَنْوَاعِ الذَّكَرِ الْأُخْرَى مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَزِيدَ، وَيَتَحَرَّى فِي تِلْكَ الزِّيَادَةِ أَوْقَاتَ الْفَرَاغِ وَالنَّشَاطِ الَّتِي يَرْجُو فِيهَا حُضُورَ قَلْبِهِ وَخُشُوعَهُ، وَهُوَ الَّذِي اسْتَحْسَنَهُ السَّائِلُ، وَجُمْلَةُ الْقَوْلِ
أَنَّ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ إِنَّمَا كَانَتْ مَوْقُوتَةً ; لِتَكُونَ مُذَكِّرَةً لِجَمِيعِ أَفْرَادِ الْمُؤْمِنِينَ بِرَبِّهِمْ فِي الْأَوْقَاتِ الْمُخْتَلِفَةِ ; لِئَلَّا تَحْمِلَهُمُ الْغَفْلَةُ عَلَى الشَّرِّ أَوِ التَّقْصِيرِ فِي الْخَيْرِ، وَلِمُرِيدِي الْكَمَالِ فِي النَّوَافِلِ وَسَائِرِ الْأَذْكَارِ أَنْ يَخْتَارُوا الْأَوْقَاتَ الَّتِي يَرَوْنَهَا أَوْفَقَ بِحَالِهِمْ.
وَإِذَا رَاجَعْتَ تَفْسِيرَ حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ (2: 238) ، فِي الْجُزْءِ الثَّانِي مِنْ تَفْسِيرِنَا هَذَا تَجِدُ بَيَانَ ذَلِكَ وَاضِحًا، وَبَيَانَ كَوْنِ الصَّلَاةِ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ إِذَا وَاظَبَ الْمُؤْمِنُ عَلَيْهَا، وَمَنْ لَا تَحْضُرُ قُلُوبُهُمْ فِي الصَّلَاةِ عَلَى تِكْرَارِهَا فَلَا صَلَاةَ لَهُمْ فَلْيُجَاهِدُوا أَنْفُسَهُمْ.
وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتَغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللهِ مَا لَا يَرْجُونَ وَكَانَ اللهُ عَلِيمًا حَكِيمًا.
رَوَى ابْنُ جَرِيرٍ أَنَّ عِكْرِمَةَ قَالَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي غَزْوَةِ أُحُدٍ كَمَا نَزَلَ فِيهَا إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ (3: 140) ، حِينَ بَاتُوا مُثْقَلِينَ بِالْجِرَاحِ، أَقُولُ: وَقَبْلَ آيَةِ آلِ عِمْرَانَ هَذِهِ وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (3: 139) ، [رَاجِعْ ص 119 وَمَا بَعْدَهَا مِنْ ج 4 ط الْهَيْئَةِ الْمِصْرِيَّةِ الْعَامَّةِ لِلْكِتَابِ] ، فَالظَّاهِرُ أَنَّ عِكْرِمَةَ ذَكَرَ مَسْأَلَةَ (أُحُدٍ) رِوَايَةً عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَاسْتَنْبَطَ مِنْ مُوَافَقَةِ مَعْنَى الْآيَةِ الَّتِي نَحْنُ بِصَدَدِ تَفْسِيرِهَا لِآيَةِ آلِ عِمْرَانَ أَنَّهَا نَزَلَتْ مِثْلَهَا فِي غَزْوَةِ أُحُدٍ ثُمَّ جَاءَ الْجَلَالُ فَنَقَلَ رَأْيَ عِكْرِمَةَ بِالْمَعْنَى مِنْ غَيْرِ عَزْوٍ فَأَخْطَأَ فِي تَصْوِيرِهِ إِذْ قَالَ: إِنَّهَا نَزَلَتْ " لَمَّا بَعَثَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طَائِفَةً فِي طَلَبِ أَبِي سُفْيَانَ وَأَصْحَابِهِ لَمَّا رَجَعُوا مِنْ أُحُدٍ فَشَكُوا الْجِرَاحَاتِ " وَقَدْ رَدَّ قَوْلَهُ الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ فِي الدَّرْسِ فَقَالَ: الْمَعْرُوفُ فِي الْقِصَّةِ أَنَّ الصَّحَابَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ - كَانُوا بَعْدَ غَزْوَةِ أُحُدٍ يَرْغَبُونَ اقْتِفَاءَ أَثَرِ أَبِي سُفْيَانَ عَلَى إِثْقَالِهِمْ بِالْجِرَاحِ، وَلَا حَاجَةَ فِي فَهْمِ الْآيَةِ إِلَى مَا ذَكَرَ بَلْ هُوَ مُنَافٍ لِلْأُسْلُوبِ الْبَلِيغِ إِذِ الْقِصَّةُ ذُكِرَتْ فِي سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ تَامَّةً، وَهَذِهِ جَاءَتْ فِي سِيَاقِ أَحْكَامٍ أُخْرَى.
ثُمَّ قَالَ: كَانَ الْكَلَامُ فِيمَا سَبَقَ فِي شَأْنِ الْحَرْبِ وَمَا يَقَعُ فِيهَا وَبَيَانُ كَيْفِيَّةِ
الصَّلَاةِ فِي أَثْنَائِهَا

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 5  صفحه : 316
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست