responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 5  صفحه : 314
حُكْمُ تَوْقِيتِ الصَّلَاةِ
التَّشْكِيكُ شَنْشَنَةٌ لِأَهْلِ الْجَدَلِ وَالْمِرَاءِ مِنْ دُعَاةِ الْمِلَلِ، وَمُتَعَصِّبِي مُقَلَّدَةِ الْمَذَاهِبِ وَالنِّحَلِ، وَنَاهِيكَ بِمَنْ يَتَّخِذُونَهُ صِنَاعَةً وَحِرْفَةً كَدُعَاةِ النَّصْرَانِيَّةِ الَّذِينَ عَرَفْنَاهُمْ فِي بِلَادِنَا، وَقَدْ صَارَ بَعْضُ شُبُهَاتِهِمْ عَلَى الْإِسْلَامِ يُرَوَّجُ فِي سُوقِ الْمُتَفَرْنِجِينَ، فِيمَا يُوَافِقُ أَهْوَاءَهُمْ مِنَ التَّفَصِّي مِنْ عُقُلِ الدِّينِ، وَمِنْ أَغْرَبِ ذَلِكَ اعْتِرَاضُهُمْ عَلَى تَوْقِيتِ الصَّلَاةِ وَزَعْمُهُمْ أَنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ جَعْلِهَا رُسُومًا صُورِيَّةً، وَعَادَاتٍ بَدَنِيَّةً، وَأَنَّ الْمَعْقُولَ أَنْ يُوَكَّلَ هَذَا إِلَى اخْتِيَارِ الْمُؤْمِنِ فَيَذْكُرُ رَبَّهُ وَيُنَاجِيهِ عِنْدَمَا يَجِدُ فَرَاغًا تَسْلَمُ بِهِ الصَّلَاةُ مِنَ الشَّوَاغِلِ، وَلَا تُوجَدُ قَاعِدَةٌ مِنْ قَوَاعِدِ الشَّرَائِعِ أَوِ الْقَوَانِينِ، وَلَا نَظَرِيَّةٌ مِنْ نَظَرِيَّاتِ الْعِلْمِ وَالْفَلْسَفَةِ، وَلَا مَسْأَلَةٌ مِنْ مَسَائِلِ الِاجْتِمَاعِ وَالْآدَابِ، إِلَّا وَيُمْكِنُ الْجِدَالُ فِيهَا، وَالْمِرَاءُ فِي نَفْعِهَا أَوْ ضَرِّهَا، وَقَدْ سُئِلْتُ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ 1328 هـ وَأَنَا فِي الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ فَأَجَبْتُ عَنْهَا جَوَابًا وَجِيزًا مُسْتَعْجَلًا نُشِرَ فِي ص 579 مِنْ مُجَلَّدِ الْمَنَارِ الثَّالِثَ عَشَرَ، وَهَذَا نَصُّ السُّؤَالِ، وَقَدْ وَرَدَ مَعَ أَسْئِلَةٍ أُخْرَى:
" إِذَا كَانَتِ الْغَايَةُ مِنَ الصَّلَاةِ هِيَ الْإِخْلَاصُ لِلْخَالِقِ بِالْقَلْبِ مِمَّا يُؤَدِّي إِلَى تَهْذِيبِ الْأَخْلَاقِ وَتَرْقِيَةِ النُّفُوسِ، وَكَانَ مِنَ الْمُحَتَّمِ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يُقِيمَ صَلَاتَهُ بِمَوَاعِيدَ فَكَيْفَ يُعْقَلُ وَالنَّاسُ عَلَى مَا تَرَى، أَنَّ كُلَّ الصَّلَوَاتِ الَّتِي تُقَامُ فِي الْمَسَاجِدِ وَالْبُيُوتِ هِيَ بِإِخْلَاصٍ عِنْدَ كُلِّ الْمُسْلِمِينَ؟ وَإِذَا كَانَ الْجُزْءُ الْقَلِيلُ مِنْهَا هُوَ الْمَقْصُودُ مِنَ الدِّينِ وَالْمَبْنِيُّ عَلَى الْفَضِيلَةِ فَلِمَاذَا لَا تُتْرَكُ الْحُرِّيَّةُ التَّامَّةُ لِلنَّاسِ فِي تَحْدِيدِ مَوَاعِيدِ إِقَامَةِ صَلَوَاتِهِمْ؟ وَإِلَّا فَمَا هِيَ الْفَائِدَةُ الَّتِي تَعُودُ عَلَى النَّفْسِ مِنَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ بِلَا إِخْلَاصٍ وَلَا مَيْلٍ حَقِيقِيٍّ لِلْعِبَادَةِ، بَلِ اتِّبَاعًا لِلْمَوَاعِيدِ، وَاحْتِرَامًا لِلتَّقَالِيدِ؟
وَهَذَا هُوَ الْجَوَابُ:
الْجَوَابُ عَنْ هَذَا يَتَّضِحُ لَكُمْ إِذَا تَدَبَّرْتُمْ تَفَاوُتَ الْبَشَرِ فِي الِاسْتِعْدَادِ وَكَوْنَ
الدِّينِ هِدَايَةً لَهُمْ كُلِّهِمْ لَا خَاصًّا بِمَنْ كَانَ مِثْلَكُمْ قَوِيَّ الِاسْتِعْدَادِ لِتَكْمِيلِ نَفْسِهِ بِمَا يَعْتَقِدُ أَنَّهُ الْحَقُّ وَفِيهِ الْفَائِدَةُ وَالْخَيْرُ، بِحَيْثُ لَوْ تُرِكَ إِلَى اجْتِهَادِهِ لَا يَتْرُكُ الْعِنَايَةَ بِتَكْمِيلِ إِيمَانِهِ، وَتَهْذِيبِ نَفْسِهِ، وَشُكْرِ رَبِّهِ وَذِكْرِهِ، وَقَدْ رَأَيْتُ بَعْضَ الْمُتَعَلِّمِينَ فِي الْمَدَارِسِ الْعَالِيَةِ وَالْبَاحِثِينَ فِي عِلْمِ النَّفْسِ وَالْأَخْلَاقِ يَنْتَقِدُونَ مَشْرُوعِيَّةَ تَوْقِيتِ الصَّلَوَاتِ وَالْوُضُوءِ وَقَرْنَ مَشْرُوعِيَّةِ الْغُسْلِ بِعِلَلٍ مُوجِبَةٍ وَعِلَلٍ غَيْرِ مُوجِبَةٍ عَلَى الْحَتْمِ، وَلَكِنْ تَقْتَضِي الِاسْتِحْبَابَ، وَرُبَّمَا انْتَقَدُوا أَيْضًا وُجُوبَ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِ الطَّهَارَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْأُمُورَ يَجِبُ أَنْ تُتْرَكَ لِاجْتِهَادِ الْإِنْسَانِ يَأْتِيهَا عِنْدَ حَاجَتِهِ إِلَيْهَا، وَالْعَقْلُ يُحَدِّدُ ذَلِكَ وَيُوَقِّتُهُ! ! هَؤُلَاءِ تَرَبَّوْا عَلَى شَيْءٍ وَتَعَلَّمُوا فَائِدَتَهُ فَحَسِبُوا لِاعْتِيَادِهِمْ وَاسْتِحْسَانِهِمْ إِيَّاهُ أَنَّهُمُ اهْتَدَوْا إِلَيْهِ بِعُقُولِهِمْ وَلَمْ يَحْتَاجُوا فِيهِ إِلَى إِيجَابِ مُوجِبٍ وَلَا فَرْضِ شَارِعٍ،

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 5  صفحه : 314
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست