responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 5  صفحه : 243
بِحَيْثُ يَسْتَفِزُّهُمْ كُلُّ خَبَرٍ عَنِ الْعَدُوِّ يَصِلُ إِلَيْهِمْ فَيُطْلِقُ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكَلَامِ فِيهِ وَإِذَاعَتِهِ بَيْنَ النَّاسِ، وَمَا كَانَ يَنْبَغِي أَنْ تَشِيعَ فِي الْعَامَّةِ أَخْبَارُ الْحَرْبِ وَأَسْرَارُهَا، وَلَا أَنْ تَخُوضَ الْعَامَّةُ فِي السِّيَاسَةِ فَإِنَّ ذَلِكَ يَشْغَلُهَا بِمَا يَضُرُّ وَلَا يَنْفَعُ، يَضُرُّهُمْ أَنْفُسَهُمْ بِمَا يَشْغَلُهُمْ عَنْ شُئُونِهِمُ الْخَاصَّةِ، وَيَضُرُّ الْأُمَّةَ وَالدَّوْلَةَ بِمَا يُفْسِدُ عَلَيْهَا مِنْ أَمْرِ الْمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ اهـ، وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى رَأْيِهِ فِي كَوْنِ هَذِهِ الْآيَاتِ فِي ضُعَفَاءِ الْمُسْلِمِينَ.
وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ رَدُّ الشَّيْءِ صَرْفُهُ وَإِرْجَاعُهُ وَإِعَادَتُهُ، وَفِي الرَّدِّ هُنَا وَفِي قَوْلِهِ السَّابِقِ: فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرَدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ، مَعْنَى التَّفْوِيضِ: أَيْ وَلَوْ أَرْجَعُوا هَذَا الْأَمْرَ الْعَامَّ الَّذِي خَاضُوا فِيهِ وَأَذَاعُوا بِهِ، وَفَوَّضُوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ، أَيْ أَهْلِ الرَّأْيِ وَالْمَعْرِفَةِ بِمِثْلِهِ مِنَ الْأُمُورِ الْعَامَّةِ وَالْقُدْرَةِ عَلَى الْفَصْلِ فِيهَا، وَهُمْ أَهْلُ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ مِنْهُمُ الَّذِينَ تَثِقُ بِهِمُ الْأُمَّةُ فِي سِيَاسَتِهَا وَإِدَارَةِ أُمُورِهَا لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ، أَيْ: لَعَلِمَ ذَلِكَ الْأَمْرَ الَّذِينَ يَسْتَخْرِجُونَهُ وَيُظْهِرُونَ مَخْبَأَهُ مِنْهُمْ.
الِاسْتِنْبَاطُ: اسْتِخْرَاجُ مَا كَانَ مُسْتَتِرًا عَنْ إِبْصَارِ الْعُيُونِ عَنْ مَعَارِفِ الْقُلُوبِ - كَمَا قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَأَصْلُهُ اسْتِخْرَاجُ النَّبَطِ مِنَ الْبِئْرِ وَهُوَ الْمَاءُ أَوَّلَ مَا يَخْرُجُ، وَفِي الْمُسْتَنْبِطِينَ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُمُ الرَّسُولُ وَبَعْضُ أُولِي الْأَمْرِ، فَالْمَعْنَى لَوْ أَنَّ أُولَئِكَ الْمُذِيعِينَ رَدُّوا ذَلِكَ الْأَمْرَ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ لَكَانَ عِلْمُهُ حَاصِلًا عِنْدَهُ وَعِنْدَ بَعْضِ أُولِي الْأَمْرِ، وَهُمُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَ مِثْلَهُ وَيَسْتَخْرِجُونَ خَفَايَاهُ بِدِقَّةِ نَظَرِهِمْ، فَهُوَ إِذًا مِنَ الْأُمُورِ الَّتِي لَا يَكْتَنِهُ سِرَّهَا كُلُّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ أُولِي الْأَمْرِ، وَإِنَّمَا يُدْرِكُ غَوْرَهُ بَعْضُهُمْ لِأَنَّ لِكُلِّ طَائِفَةٍ مِنْهُمُ اسْتِعْدَادًا لِلْإِحَاطَةِ بِبَعْضِ الْمَسَائِلِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِسِيَاسَةِ الْأُمَّةِ وَإِدَارَتِهَا دُونَ بَعْضٍ، فَهَذَا يَرْجَحُ رَأْيُهُ فِي الْمَسَائِلِ الْحَرْبِيَّةِ، وَهَذَا يَرْجَحُ رَأْيُهُ فِي الْمَسَائِلِ الْمَالِيَّةِ، وَهَذَا يَرْجَحُ رَأْيُهُ فِي الْمَسَائِلِ الْقَضَائِيَّةِ، وَكُلُّ الْمَسَائِلِ
تَكُونُ شُورَى بَيْنَهُمْ، فَإِذَا كَانَ مِثْلُ هَذَا لَا يَسْتَنْبِطُهُ إِلَّا بَعْضُ أُولِي الْأَمْرِ دُونَ بَعْضٍ، فَكَيْفَ يَصِحُّ أَنْ يُجْعَلَ شَرْعًا بَيْنَ الْعَامَّةِ يُذِيعُونَ بِهِ؟
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ الْمُسْتَنْبِطِينَ هُمْ بَعْضُ الَّذِينَ يَرُدُّونَ الْأَمْرَ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ، أَيْ لَوْ رَدُّوا ذَلِكَ الْأَمْرَ إِلَيْهِمْ وَطَلَبُوا الْعِلْمَ بِهِ مِنْ نَاحِيَتِهِمْ لَعَلِمَهُ مَنْ يَقْدِرُ أَنْ يَسْتَفِيدَ الْعِلْمَ بِهِ مِنَ الرَّسُولِ وَمِنْ أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ، فَإِنَّ الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ هُمُ الْعَارِفُونَ بِهِ، وَمَا كُلُّ مَنْ يُرْجَعُ إِلَيْهِمْ فِيهِ يَقْدِرُ أَنْ يَسْتَنْبِطَ مِنْ مَعْرِفَتِهِمْ مَا يَجِبُ أَنْ يَعْرِفَ، بَلْ ذَلِكَ مِمَّا يَقْدِرُ عَلَيْهِ بَعْضُ النَّاسِ دُونَ بَعْضٍ.
وَالْمُخْتَارُ الْوَجْهُ الْأَوَّلُ ; فَالْوَاجِبُ عَلَى الْجَمِيعِ تَفْوِيضُ ذَلِكَ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ فِي زَمَنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَإِلَيْهِمْ دُونُ غَيْرِهِمْ مِنْ بَعْدِهِ ; لِأَنَّ جَمِيعَ الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ تُوَكَّلُ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 5  صفحه : 243
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست