responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 5  صفحه : 147
قَالَ: وَأَمَّا أُولُو الْأَمْرِ فَقَدِ اخْتُلِفَ فِيهِمْ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُمُ الْأُمَرَاءُ وَاشْتَرَطُوا فِيهِمْ أَلَّا يَأْمُرُوا بِمُحَرَّمٍ كَمَا قَالَ مُفَسِّرُنَا (الْجَلَالُ) وَغَيْرُهُ، وَالْآيَةُ مُطْلَقَةٌ، أَيْ:
وَإِنَّمَا أَخَذُوا هَذَا الْقَيْدَ مِنْ نُصُوصٍ أُخْرَى كَحَدِيثِ: لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ وَحَدِيثِ إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ وَبَعْضُهُمْ أَطْلَقَ فِي الْحُكَّامِ فَأَوْجَبُوا طَاعَةَ كُلِّ حَاكِمٍ، وَغَفَلُوا عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: مِنْكُمْ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّهُمُ الْعُلَمَاءُ، وَلَكِنَّ الْعُلَمَاءَ يَخْتَلِفُونَ، فَمَنْ يُطَاعُ فِي الْمَسَائِلِ الْخِلَافِيَّةِ وَمَنْ يُعْصَى؟ وَحُجَّةُ هَؤُلَاءِ أَنَّ الْعُلَمَاءَ هُمُ الَّذِينَ يُمْكِنُهُمْ أَنْ يَسْتَنْبِطُوا الْأَحْكَامَ غَيْرَ الْمَنْصُوصَةِ مِنَ الْأَحْكَامِ الْمَنْصُوصَةِ، وَقَالَتِ الشِّيعَةُ: إِنَّهُمُ الْأَئِمَّةُ الْمَعْصُومُونَ، وَهَذَا مَرْدُودٌ إِذْ لَا دَلِيلَ عَلَى هَذِهِ الْعِصْمَةِ، وَلَوْ أُرِيدَ ذَلِكَ لَصَرَّحَتْ بِهِ الْآيَةُ، وَمَعْنَى وَأُولِي الْأَمْرِ الَّذِينَ يُنَاطُ بِهِمُ النَّظَرُ فِي أَمْرِ إِصْلَاحِ النَّاسِ، أَوْ مَصَالِحِ النَّاسِ، وَهَؤُلَاءِ يَخْتَلِفُونَ أَيْضًا، فَكَيْفَ يُؤْمَرُ بِطَاعَتِهِمْ بِدُونِ شَرْطٍ وَلَا قَيْدٍ؟
قَالَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: إِنَّهُ فَكَّرَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مِنْ زَمَنٍ بَعِيدٍ فَانْتَهَى بِهِ الْفِكْرُ إِلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِأُولِي الْأَمْرِ جَمَاعَةُ أَهْلِ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَهُمُ الْأُمَرَاءُ وَالْحُكَّامُ، وَالْعُلَمَاءُ وَرُؤَسَاءُ الْجُنْدِ وَسَائِرُ الرُّؤَسَاءِ وَالزُّعَمَاءِ الَّذِينَ يَرْجِعُ إِلَيْهِمُ النَّاسُ فِي الْحَاجَاتِ وَالْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ، فَهَؤُلَاءِ إِذَا اتَّفَقُوا عَلَى أَمْرٍ، أَوْ حُكْمٍ وَجَبَ أَنْ يُطَاعُوا فِيهِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونُوا مِنَّا، وَأَلَّا يُخَالِفُوا أَمْرَ اللهِ وَلَا سُنَّةَ رَسُولِهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ الَّتِي عُرِفَتْ بِالتَّوَاتُرِ، وَأَنْ يَكُونُوا مُخْتَارِينَ فِي بَحْثِهِمْ فِي الْأَمْرِ، وَاتِّفَاقِهِمْ عَلَيْهِ، وَأَنْ يَكُونَ مَا يَتَّفِقُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ، وَهُوَ مَا لِأُولِي الْأَمْرِ سُلْطَةٌ فِيهِ وَوُقُوفٌ عَلَيْهِ، وَأَمَّا الْعِبَادَاتُ وَمَا كَانَ مِنْ قَبِيلِ الِاعْتِقَادِ الدِّينِيِّ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ أَمْرُ أَهْلِ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ، بَلْ هُوَ مِمَّا يُؤْخَذُ عَنِ اللهِ وَرَسُولِهِ فَقَطْ لَيْسَ لِأَحَدٍ رَأْيٌ فِيهِ إِلَّا مَا يَكُونُ فِي فَهْمِهِ.
فَأَهْلُ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا أَجْمَعُوا عَلَى أَمَلٍ مِنْ مَصَالِحِ الْأُمَّةِ لَيْسَ فِيهِ نَصٌّ عَنِ الشَّارِعِ ـ مُخْتَارِينَ فِي ذَلِكَ غَيْرَ مُكْرَهِينَ عَلَيْهِ بِقُوَّةِ أَحَدٍ وَلَا نُفُوذِهِ ـ فَطَاعَتُهُمْ وَاجِبَةٌ، وَيَصِحُّ أَنْ يُقَالَ: هُمْ مَعْصُومُونَ فِي هَذَا الْإِجْمَاعِ ; وَلِذَلِكَ أُطْلِقَ الْأَمْرُ بِطَاعَتِهِمْ بِلَا شَرْطٍ مَعَ اعْتِبَارِ الْوَصْفِ وَالِاتِّبَاعِ الْمَفْهُومِ مِنَ الْآيَةِ، وَذَلِكَ كَالدِّيوَانِ الَّذِي أَنْشَأَهُ عَمَرُ بِاسْتِشَارَةِ أَهْلِ الرَّأْيِ مِنَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ، وَغَيْرِهِ مِنَ الْمَصَالِحِ الَّتِي أُخِذَ بِهَا بِرَأْيِ أُولِي الْأَمْرِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَلَمْ تَكُنْ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَلَمْ يَعْتَرِضْ أَحَدٌ مِنْ عُلَمَائِهِمْ عَلَى ذَلِكَ.
قَالَ: فَأَمْرُ اللهِ فِي كِتَابِهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ الثَّابِتَةِ الْقَطْعِيَّةِ الَّتِي جَرَى عَلَيْهَا ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ بِالْعَمَلِ هُمَا الْأَصْلُ الَّذِي لَا يُرَدُّ، وَمَا لَا يُوجَدُ فِيهِ نَصٌّ عَنْهُمَا يَنْظُرُ فِيهِ أُولُو الْأَمْرِ إِذَا كَانَ مِنَ الْمَصَالِحِ ; لِأَنَّهُمْ هُمُ الَّذِينَ يَثِقُ بِهِمُ النَّاسُ فِيهَا وَيَتْبَعُونَهُمْ، فَيَجِبُ أَنْ يَتَشَاوَرُوا فِي تَقْرِيرِ مَا يَنْبَغِي الْعَمَلُ بِهِ، فَإِذَا اتَّفَقُوا وَأَجْمَعُوا وَجَبَ الْعَمَلُ بِمَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ، وَإِنِ اخْتَلَفُوا وَتَنَازَعُوا

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 5  صفحه : 147
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست