responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 4  صفحه : 5
لَا أُطْلِقُكَ إِنْ لَمْ تُبَارِكْنِي [27] فَقَالَ لَهُ مَا اسْمُكَ. فَقَالَ: يَعْقُوبُ [28] فَقَالَ لَا يُدْعَى اسْمُكَ فِي مَا بَعْدُ يَعْقُوبَ بَلْ إِسْرَائِيلُ. لِأَنَّكَ جَاهَدْتَ مَعَ اللهِ وَالنَّاسِ وَقَدَرْتَ [29] وَسَأَلَ يَعْقُوبُ وَقَالَ: أَخْبِرْنِي بِاسْمِكَ. فَقَالَ: لِمَاذَا تَسْأَلُ عَنِ اسْمِي؟ وَبَارَكَهُ هُنَاكَ [30] فَدَعَا يَعْقُوبُ اسْمَ الْمَكَانِ فنيئيلَ. قَائِلًا لِأَنِّي نَظَرْتُ اللهَ وَجْهًا لِوَجْهٍ وَنَجَّيْتُ نَفْسِي [31] وَأَشْرَقَتْ لَهُ الشَّمْسُ إِذْ عَبَرَ فُنُوئِيلَ وَهُوَ يَخْمَعُ عَلَى فَخِذِهِ [32] لِذَلِكَ لَا يَأْكُلُ بَنُو إِسْرَائِيلَ عِرْقَ النَّسَا الَّذِي عَلَى حُقِّ الْفَخِذِ إِلَى هَذَا الْيَوْمِ لِأَنَّهُ ضُرِبَ حُقُّ فَخِذِ يَعْقُوبَ عَلَى عِرْقِ النَّسَا " اهـ. وَلَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ نَذَرَ شَيْئًا وَلَا حَرَّمَ شَيْئًا. وَقِيلَ: إِنَّ مَا حَرَّمَهُ يَعْقُوبُ هُوَ زَائِدَتَا الْكَبِدِ وَالْكُلْيَتَيْنِ وَالشَّحْمِ إِلَّا مَا كَانَ عَلَى الظَّهْرِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: حَرَّمَ لُحُومَ الْأَنْعَامِ كُلَّهَا، وَكُلُّ ذَلِكَ مِنَ الْإِسْرَائِيلِيَّاتِ، وَصِحَّةُ السَّنَدِ فِي بَعْضِهَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَوْ غَيْرِهِ - كَمَا زَعَمَ الْحَاكِمُ - لَا يَمْنَعُ أَنْ يَكُونَ مَصْدَرُهَا إِسْرَائِيلِيًّا. وَالْأَقْرَبُ مَا قَالَهُ الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ ; لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي تَقُومُ بِهِ الْحُجَّةُ وَلَا سِيَّمَا عِنْدَ الْمُطَّلِعِ عَلَى التَّوْرَاةِ، وَلَوْ أُرِيدَ بِإِسْرَائِيلَ يَعْقُوبُ نَفْسُهُ لَمَا كَانَ هُنَاكَ حَاجَةٌ إِلَى قَوْلِهِ: مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ لِأَنَّ زَمَنَ يَعْقُوبَ سَابِقٌ عَلَى زَمَنِ نُزُولِ التَّوْرَاةِ سَبْقًا لَا يُشْتَبَهُ فِيهِ فَيُحْتَرَسُ عَنْهُ.
وَالْمُتَبَادِرُ عِنْدِي: أَنَّ الْمُرَادَ بِمَا حَرَّمَهُ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مَا امْتَنَعُوا عَنْ أَكْلِهِ وَحَرَّمُوهُ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِحُكْمِ الْعَادَةِ وَالتَّقْلِيدِ لَا بِحُكْمٍ مِنَ اللهِ، كَمَا يُعْهَدُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي جَمِيعِ الْأُمَمِ، وَمِنْهُ تَحْرِيمُ الْعَرَبِ لِلْبَحَائِرِ وَالسَّوَائِبِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا حَكَاهُ الْقُرْآنُ عَنْهُمْ فِي سُورَتَيِ الْمَائِدَةِ وَالْأَنْعَامِ. وَقِيلَ: إِنَّ شُبْهَتَهُمُ الَّتِي دَفَعَتْهَا الْآيَةُ هِيَ إِنْكَارُ النَّسْخِ، فَأَلْزَمَهُمْ بِأَنَّ التَّوْرَاةَ نَفْسَهَا نَسَخَتْ بَعْضَ مَا كَانَ
عَلَيْهِ إِبْرَاهِيمُ وَإِسْرَائِيلُ، وَهُوَ إِلْزَامٌ لَا يُمْكِنُهُمُ التَّفَصِّي مِنْهُ ; لِأَنَّهُ ثَابِتٌ عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى نُبُوَّةِ النَّبِيِّ عَلَى كُلِّ حَالٍ، إِذْ أَخْبَرَهُمْ بِمَا عِنْدَهُمْ وَلَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ. وَبِهَذَا يَسْقُطُ بَحْثُهُمْ فِي كَوْنِ التَّحْلِيلِ وَالتَّحْرِيمِ لَا يَكُونَانِ إِلَّا مِنَ اللهِ.
وَمِنْ مَبَاحِثِ اللَّفْظِ فِي الْآيَةِ: أَنَّ الطَّعَامَ مَا يُطْعَمُ، أَيْ يُتَنَاوَلُ لِأَجْلِ الْغِذَاءِ، كَمَا قَالَ الرَّاغِبُ. وَقَدْ يُقَالُ أَيْضًا: طَعِمَ الْمَاءَ - بِكَسْرِ الْعَيْنِ - وَكَانَ يُطْلَقُ غَالِبًا عَلَى الْخُبْزِ. وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: أَكَلَ الطَّعَامَ مَأْدُومًا، وَعَلَى الْبُرِّ. وَمِنْهُ حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ " كُنَّا نُخْرِجُ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ " إِلَخْ. - مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ - وَمِنْ إِطْلَاقِهِ عَلَى غَيْرِهِ حَتْمًا قَوْلُهُ - تَعَالَى -: أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ [5: 96] وَعَلَى الذَّبَائِحِ أَوْ لِعُمُومِ قَوْلِهِ: وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ [5: 5] الْآيَةَ. وَالْحِلُّ بِالْكَسْرِ: مَصْدَرُ حَلَّ الشَّيْءُ ضِدَّ حَرُمَ، وَهُوَ مُسْتَعَارٌ مِنْ حَلِّ الْعُقْدَةِ، كَمَا قَالَ الرَّاغِبُ. وَإِسْرَائِيلُ: لَقَبُ نَبِيِّ اللهِ يَعْقُوبَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَمَعْنَاهُ " الْأَمِيرُ الْمُجَاهِدُ مَعَ اللهِ " وَقَدْ عَلِمْتَ مَا عِنْدَهُمْ فِي سَبَبِ إِطْلَاقِهِ عَلَيْهِ مِنْ عِبَارَةِ سِفْرِ التَّكْوِينِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا آنِفًا، ثُمَّ أُطْلِقَ عَلَى جَمِيعِ ذُرِّيَّتِهِ كَمَا هُوَ شَائِعٌ فِي كُتُبِ الْقَوْمِ مِنَ الْأَسْفَارِ الْمَنْسُوبَةِ إِلَى مُوسَى فَمَا دُونَهُمَا.

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 4  صفحه : 5
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست