responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 4  صفحه : 27
الْحَسَنَةِ حَتَّى لَا يَنْفِرَ النَّاسُ أَوْ لَا يَحْمِلَهُمْ عَلَى إِيذَائِهِ، فَإِنَّ اللهَ يُبَيِّنُ أَنَّهُ لَا نَجَاةَ لِلنَّاسِ إِلَّا بِالتَّوَاصِي بِالْحَقِّ وَالتَّوَاصِي بِالصَّبْرِ. وَلَمْ يَشْتَرِطْ فِي ذَلِكَ شَرْطًا، أَيْ فَيَجِبُ أَنْ نَأْخُذَ النُّصُوصَ عَلَى إِطْلَاقِهَا، وَأَنْ نَقُومَ بِهَا بِقَدْرِ الِاسْتِطَاعَةِ أَوِ الطَّاقَةِ وَنَتَّقِيَ مَعَ ذَلِكَ مَا يَحُفُّ بِهَا مِنَ الْمَهَالِكِ.
أَقُولُ: وَقَدْ جَرَتْ سُنَّةُ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ وَالسَّلَفِ الصَّالِحِينَ عَلَى الدَّعْوَةِ إِلَى الْخَيْرِ وَالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ وَإِنْ كَانَ مَحْفُوفًا بِالْمَكَارِهِ وَالْمَخَاوِفِ، وَكَمْ قُتِلَ فِي سَبِيلِ ذَلِكَ مِنْهُمْ مِنْ نَبِيٍّ وَصِدِّيقٍ فَكَانُوا أَفْضَلَ الشُّهَدَاءِ. وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: سَيِّدُ الشُّهَدَاءِ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، ثُمَّ رَجُلٌ قَامَ إِلَى إِمَامٍ فَأَمَرَهُ وَنَهَاهُ فِي ذَاتِ اللهِ - تَعَالَى - فَقَتَلَهُ عَلَى ذَلِكَ رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَقَالَ: صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَتَعَقَّبَهُ الذَّهَبِيُّ بِأَنَّ فِي سَنَدِهِ حَفِيدَ الْعَطَّارِ لَا يُدْرَى مَنْ هُوَ، وَرَوَاهُ الدَّيْلَمِيُّ وَالضِّيَاءُ الْمَقْدِسِيُّ. وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ نَحْوَهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَفْضَلُ الْجِهَادِ كَلِمَةُ حَقٍّ عِنْدَ سُلْطَانٍ جَائِرٍ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، وَأَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ وَالطَّبَرَانِيُّ والْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، وَأَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ والْبَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ أَيْضًا عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ. ذَكَرَ ذَلِكَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ، وَوَضَعَ بِجَانِبِهِ عَلَامَةَ الصَّحِيحِ.
أَقُولُ: وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ مَرْفُوعًا بِلَفْظِ أَفْضَلُ الْجِهَادِ كَلِمَةُ عَدْلٍ عِنْدَ سُلْطَانٍ جَائِرٍ أَوْ أَمِيرٍ جَائِرٍ وَقَدْ وَرَدَ مِنْ تَصَدِّي عُلَمَاءِ السَّلَفِ لِنَصِيحَةِ الْمُلُوكِ وَالْأُمَرَاءِ الظَّالِمِينَ وَإِيذَاءِ هَؤُلَاءِ لَهُمْ وَسَفْكِهِمْ دِمَاءَ بَعْضِهِمْ مَا يَرُدُّ شَرْطَ أُولَئِكَ الْمُشْتَرِطِينَ لِلْأَمْنِ عَلَيْهِمْ وَيَضْرِبُ بِهِ وُجُوهَهُمْ، وَلَا يُنَافِي هَذَا كَوْنُ التَّوَقِّي مِنَ الْهَلَكَةِ وَاجِبًا لِذَاتِهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، كَمَا يَجِبُ فِي حَالِ الْجِهَادِ بِالسَّيْفِ، فَلَا نَتْرُكُ الدَّعْوَةَ إِلَى الْخَيْرِ وَلَا الْجِهَادَ دُونَهُ خَوْفًا عَلَى أَنْفُسِنَا وَحِرْصًا عَلَى الْحَيَاةِ الدُّنْيَا، وَلَا نُفَرِّطُ بِأَنْفُسِنَا فِي أَثْنَاءِ دَعْوَتِنَا وَجِهَادِنَا فِيمَا لَا تَتَوَقَّفُ الدَّعْوَةُ وَلَا حِمَايَتُهَا عَلَيْهِ. وَقَدْ يَكُونُ أَكْثَرُ مَا يُصِيبُ الدَّاعِيَ إِلَى الْخَيْرِ مِنَ الْأَذَى نَاشِئًا عَنْ طَرِيقَةِ الدَّعْوَةِ
وَكَيْفِيَّةِ سَوْقِهَا إِلَى الْمَدْعُوِّ وَلَا سِيَّمَا إِذَا كَانَ مُسْلِمًا وَكَانَتِ الدَّعْوَةُ مُؤَيَّدَةً بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [16: 125] .
قَالَ الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ: إِنَّ اللهَ - تَعَالَى - أَمَرَ النَّاسَ بِالتَّوَاصِي بِالْحَقِّ وَالدَّعْوَةِ إِلَى الْخَيْرِ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يُعِدُّوا لِذَلِكَ عُدَّتَهُ وَيَعْرِفُوا سُبُلَهُ وَهِيَ مَبْسُوطَةٌ فِي السُّنَّةِ، كَقِصَّةِ ذَلِكَ الرَّجُلِ الَّذِي كَانَ يُنَادِي فِي الطَّرِيقِ: أُرِيدُ أَنْ أَزْنِيَ، فَجَاءَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَضَرَبَ عَلَى

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 4  صفحه : 27
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست