responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 4  صفحه : 215
الْآيَةُ الْآتِيَةُ بَعْدَ آيَاتٍ - وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ، عَنْ قَتَادَةَ أَنَّهُ قَالَ: ذُكِرَ لَنَا أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي حُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ لَمَّا أَنْزَلَ اللهُ: مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً [2: 245] قَالَ: يَسْتَقْرِضُنَا رَبُّنَا، إِنَّمَا يَسْتَقْرِضُ الْفَقِيرُ الْغَنِيَّ، وَأَخْرَجَ الضِّيَاءُ، وَغَيْرُهُ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَتَتِ الْيَهُودُ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ أَنْزَلَ اللهُ - تَعَالَى -: مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضًا حَسَنًا فَقَالُوا يَا مُحَمَّدُ: فَقِيرٌ رَبُّكَ يَسْأَلُ عِبَادَهُ الْقَرْضَ؟ فَأَنْزَلَ اللهُ الْآيَةَ.
فَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذِهِ الْمُجَازَفَةَ فِي الْقَوْلِ قَدْ وَقَعَتْ مِنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ يَهُودَ، وَمَا يَقُولُهُ الْبَعْضُ، وَيُجِيزُهُ الْجَمْعُ يُسْنَدُ إِلَى الْقَائِلِينَ، وَالْمُجِيزِينَ جَمِيعًا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمْ قَالُوا ذَلِكَ تَهَكُّمًا بِالْقُرْآنِ، وَرِوَايَةُ فِنْحَاصَ لَيْسَ لَهَا مُنَاسَبَةٌ ظَاهِرَةٌ.
سَمِعَ اللهُ قَوْلَ هَؤُلَاءِ الْمُجَازِفِينَ لَمْ يَفُتْهُ، وَلَمْ يَخْفَ عَلَيْهِ، فَهُوَ سَيَجْزِيهِمْ عَلَيْهِ، فَهَذَا التَّعْبِيرُ يَتَضَمَّنُ التَّهْدِيدَ، وَالْوَعِيدَ كَمَا يَتَضَمَّنُ قَوْلُهُ: " سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ " الْبِشَارَةَ، وَالْوَعْدَ بِحُسْنِ الْجَزَاءِ، وَكَمَا يَتَضَمَّنُ قَوْلُهُ: قَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللهِ وَاللهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا [58: 1] مَزِيدَ الْعِنَايَةِ، وَإِرَادَةَ الْإِشْكَاءِ، وَالْإِغَاثَةِ، ذَلِكَ بِأَنَّ قَوْلَكَ: سَمِعْتُ مَا قَالَ فُلَانٌ يُشْعِرُ بِمَا لَا يُشْعِرُ بِهِ قَوْلُكَ: عَلِمْتُ بِمَا قَالَ، وَالسَّمْعُ هُوَ الْعِلْمُ بِالْمَسْمُوعَاتِ خَاصَّةً بِوَجْهٍ خَاصٍّ، وَذَهَبَ بَعْضُ مَنْ كَتَبَ فِي عِلْمِ الْكَلَامِ إِلَى أَنَّ سَمْعَ الْبَارِي - تَبَارَكَ وَتَعَالَى - يَتَعَلَّقُ بِجَمِيعِ الْمَوْجُودَاتِ، لَا يَخْتَصُّ بِالْكَلَامِ، أَوْ بِالْأَصْوَاتِ، وَهُوَ رَأْيٌ تُنْكِرُهُ اللُّغَةُ، وَلَا يَعْرِفُهُ الشَّرْعُ. وَلَيْسَ لِلرَّأْيِ، أَوِ الْعَقْلِ أَنْ يَتَحَكَّمَ فِي صِفَاتِ اللهِ - تَبَارَكَ وَتَعَالَى - بِنَظَرِيَّاتِهِ، وَأَقْيِسَتِهِ، وَمِنْ فَائِدَةِ التَّعْبِيرِ بِسَمْعِ اللهِ لِكَلَامِ عِبَادِهِ مُرَاقَبَتُهُمْ لَهُ فِي أَقْوَالِهِمْ، وَلَا تَتَحَقَّقُ هَذِهِ الْفَائِدَةُ بِخُصُوصِهَا عَلَى رَأْيِ ذَلِكَ الْمُتَكَلِّمِ.
سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَعِيدٌ لَهُمْ عَلَى ذَلِكَ الْقَوْلِ الَّذِي قَالُوهُ اسْتِهْزَاءً بِالْقُرْآنِ. قَرَأَ حَمْزَةُ: " سَيُكْتَبُ " بِالْيَاءِ الْمَضْمُومَةِ، أَيْ سَيُكْتَبُ قَوْلُهُمْ هَذَا، وَيُثْبَتُ عِنْدَ اللهِ - تَعَالَى - فَيُعَاقِبُهُمْ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَا يَفُوتُهُ. وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالنُّونِ. قَالَ الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ: قَالَ مُفَسِّرُنَا كَغَيْرِهِ، أَيْ نَأْمُرُ بِكِتَابَتِهِ، وَغَفَلُوا عَنْ قَوْلِهِ: وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ فَإِنَّهُ كَانَ مِنْ سَلَفِهِمْ، فَمَا مَعْنَى التَّعْبِيرِ عَنْ كِتَابَةٍ بِصِيغَةِ الِاسْتِقْبَالِ؟ لَا بُدَّ مِنْ تَفْسِيرِهِ بِوَجْهٍ يَصِحُّ فِي الْأَمْرَيْنِ، وَلَكِنَّ ضَعْفَ الْمُسْلِمِينَ فِي لُغَةِ الْقُرْآنِ هُوَ الَّذِي أَوْقَعَهُمْ فِي هَذَا الضَّعْفِ فِي الْفَهْمِ وَالضَّعْفِ فِي الدِّينِ، وَتَبِعَ ذَلِكَ الضَّعْفُ فِي كُلِّ شَيْءٍ. وَلَا يُقَالُ - كَمَا زَعَمَ بَعْضُ الْمُجَاوِرِينَ - إِنَّ الْفِعْلَ إِذَا أُسْنِدَ إِلَى اللهِ - تَعَالَى - يَتَجَرَّدُ مِنَ الزَّمَانِ، فَإِنَّ الْكَلَامَ فِي اخْتِلَافِ التَّعْبِيرِ. وَالْمَعْنَى الصَّحِيحُ لِهَذِهِ الْكَلِمَةِ: " سَنُعَاقِبُهُمْ عَلَى ذَلِكَ حَتْمًا "، فَإِنَّ الْكِتَابَةَ هُنَا عِبَارَةٌ عَنْ حِفْظِهِ عَلَيْهِمْ، وَيُرَادُ بِهِ لَازِمُهُ، وَهُوَ الْعُقُوبَةُ عَلَيْهِ، وَالتَّوَعُّدُ بِحِفْظِ الذَّنْبِ، وَكِتَابَتِهِ، وَإِرَادَةُ الْعُقُوبَةِ عَلَيْهِ شَائِعٌ مُسْتَعْمَلٌ حَتَّى

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 4  صفحه : 215
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست