responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 3  صفحه : 37
الْأَنْفَالِ بَعْدَ ذِكْرِ الْمُشْرِكِينَ: وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ [8: 34] .
وَقَالَ - تَعَالَى - فِي وِلَايَةِ الْمُؤْمِنِينَ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ [8: 72] وَقَالَ: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ [9: 71] .
يُقَابِلُ وِلَايَةَ اللهِ - تَعَالَى - لِلْمُؤْمِنِينَ وَوِلَايَتَهُمْ لَهُ، وِلَايَةُ الشَّيْطَانِ وَالطَّاغُوتِ لِلْكَافِرِينَ وَوِلَايَتُهُمْ لَهُمَا كَمَا تَرَى فِي الْآيَةِ الَّتِي نَحْنُ بِصَدَدِ تَفْسِيرِهَا، وَقَالَ تَعَالَى: إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ [3: 175] وَقَالَ: فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ [4: 76] وَقَالَ: إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ [7: 30] وَيُقَابِلُ
وِلَايَةَ الْمُؤْمِنِينَ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ وِلَايَةُ الْكَافِرِينَ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ، كَمَا قَالَ: وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ [8: 73] وَقَالَ: بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ [5: 51] .
وَمِنْ تَأَمَّلَ هَذِهِ الْآيَاتِ رَأَى مَعَانِيَهَا ظَاهِرَةً جَلِيَّةً، أَمَّا كَوْنُهُ - تَعَالَى - هُوَ الْوَلِيُّ وَحْدَهُ لَا وَلِيَّ سِوَاهُ، فَالْمُرَادُ بِهِ أَنَّهُ هُوَ الْمُتَوَلِّي لِأُمُورِ الْعِبَادِ فِي الْوَاقِعِ وَنَفْسِ الْأَمْرِ - كَمَا تَقَدَّمَ - وَذَلِكَ بِمَا خَلَقَ لَهُمْ مِنَ الْمَنَافِعِ وَمِنَ الْأَعْضَاءِ وَالْقُوَى الَّتِي تُمَكِّنُهُمْ مِنَ الِانْتِفَاعِ بِهَا، بِمَا بَيَّنَ لَهُمْ مِنَ السُّنَنِ وَمَهَّدَ لَهُمْ مِنَ الْأَسْبَابِ، وَهَذِهِ هِيَ الْوِلَايَاتُ الْعَامَّةُ الْمُطْلَقَةُ، وَأَمَّا وِلَايَتُهُ لِلْمُؤْمِنِينَ خَاصَّةً فَهِيَ عِبَارَةٌ عَنْ عِنَايَتِهِ بِهِمْ وَإِلْهَامِهِ وَتَوْفِيقِهِ إِيَّاهُمْ لِمَا فِيهِ الْخَيْرُ وَالصَّلَاحُ الرُّوحَانِيُّ وَالْجُسْمَانِيُّ، بِمَا اخْتَارُوا لِأَنْفُسِهِمْ مِنَ الْإِيمَانِ بِهِ وَبِمَا جَاءَتْ بِهِ رُسُلُهُ، وَأَمَّا وِلَايَتُهُمْ لَهُ - تَعَالَى - فَقَدْ عَبَّرَ عَنْهَا بِالْإِيمَانِ وَالتَّقْوَى، فَهُمْ بِالْإِيمَانِ بِوِلَايَتِهِ لَهُمْ يَتَوَلَّوْنَهُ، أَيْ يَعْتَقِدُونَ أَنَّهُ هُوَ الْمُتَوَلِّي لِأُمُورِهِمْ وَحْدَهُ - كَمَا تَقَدَّمَ - وَهُمْ فِي اسْتِفَادَتِهِمْ بِقُوَاهُمْ مِنْ نَافِعِ الْكَوْنِ وَاتِّقَائِهِمْ لِمَضَارِّهِ يُلَاحِظُونَ أَنَّ هَذَا مِنْ فَضْلِهِ عَلَيْهِمْ وَتَوَلِّيهِ لِأُمُورِهِمْ، إِذْ مَكَّنَهُمْ مِنْ ذَلِكَ وَهَيَّأَ أَسْبَابَهُ لَهُمْ، وَإِذَا ضَعُفَتْ قُوَاهُمْ دُونَ مَطْلَبٍ مِنْ مَطَالِبِهِمْ أَوْ جَهِلُوا طَرِيقَهُ وَسَبَبَهُ تَوَجَّهُوا إِلَيْهِ وَحْدَهُ مَعَ تَعَاوُنِهِمْ وَتَنَاصُرِهِمْ لَا يَتَوَجَّهُونَ إِلَى غَيْرِهِ فِي اسْتِمْدَادِ الْعِنَايَةِ وَطَلَبِ التَّوْفِيقِ وَالْهِدَايَةِ كَمَا تَقَدَّمَ آنِفًا، ثُمَّ إِنَّهُمْ مَعَ هَذَا الْإِيمَانِ يَتَّقُونَهُ - تَعَالَى - بِتَرْكِ الْمَعَاصِي وَالْإِثْمِ وَالظُّلْمِ وَالْبَغْيِ فِي الْأَرْضِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا جَعَلَهُ اللهُ سَبَبَ الْبَلَاءِ وَالشَّقَاءِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَبِفِعْلِ الطَّاعَاتِ وَالْخَيْرَاتِ الَّتِي هِيَ أَسْبَابُ السَّعَادَةِ فِي الدَّارَيْنِ، فَهَذَا مَعْنَى تَفْسِيرِ أَوْلِيَائِهِ الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ.
وَأَمَّا وِلَايَةُ الْمُؤْمِنِينَ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ: فَهِيَ عِبَارَةٌ عَنْ تَعَاوُنِهِمْ وَتَنَاصُرِهِمْ فِي الْأُمُورِ الْمُشْتَرَكَةِ مَعَ اسْتِقَامَتِهِمْ عَلَى الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ ; لِأَنَّ الْفَسَادَ الشَّخْصِيَّ لَا يَتَّفِقُ مَعَ الْقِيَامِ بِالْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ وَذَلِكَ ظَاهِرٌ مِنْ قَوْلِهِ فِي الْآيَةِ (9: 71) بَعْدَ ذِكْرِهِ هَذِهِ الْوِلَايَةِ.

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 3  صفحه : 37
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست