responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 3  صفحه : 266
عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَحَسْبُنَا فِي بَيَانِهِ قَوْلُهُ - تَعَالَى -: مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَالْعِلْمُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ الِاعْتِقَادِيَّةِ لَا يُرَادُ بِهِ إِلَّا الْيَقِينُ، وَفِي قَوْلِهِ: نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ إِلَخْ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ كُلَّ فَرِيقٍ يَدْعُو الْآخَرَ، فَأَنْتُمْ تَدْعُونَ أَبْنَاءَنَا وَنَحْنُ نَدْعُو أَبْنَاءَكُمْ، وَهَكَذَا الْبَاقِي.
وَثَانِيهِمَا: أَنَّ كُلَّ فَرِيقٍ يَدْعُو أَهْلَهُ، فَنَحْنُ الْمُسْلِمِينَ نَدْعُو أَبْنَاءَنَا وَنِسَاءَنَا وَأَنْفُسَنَا وَأَنْتُمْ كَذَلِكَ، وَلَا إِشْكَالَ فِي وَجْهٍ مِنْ وَجْهَيِ التَّوْزِيعِ فِي دَعْوَةِ الْأَنْفُسِ، وَإِنَّمَا الْإِشْكَالُ فِيهِ عَلَى قَوْلِ الشِّيعَةِ وَمَنْ شَايَعَهُمْ عَلَى الْقَوْلِ بِالتَّخْصِيصِ.
أَقُولُ: وَفِي الْآيَةِ مَا تَرَى مِنَ الْحُكْمِ بِمُشَارَكَةِ النِّسَاءِ لِلرِّجَالِ فِي الِاجْتِمَاعِ لِلْمُبَارَاةِ الْقَوْمِيَّةِ وَالْمُنَاضَلَةِ الدِّينِيَّةِ، وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى اعْتِبَارِ الْمَرْأَةِ كَالرَّجُلِ حَتَّى فِي الْأُمُورِ الْعَامَّةِ إِلَّا مَا اسْتُثْنِيَ مِنْهَا، كَكَوْنِهَا لَا تُبَاشِرُ الْحَرْبَ بِنَفْسِهَا بَلْ يَكُونُ حَظُّهَا مِنَ الْجِهَادِ خِدْمَةَ الْمُحَارِبِينَ كَمُدَاوَاةِ الْجَرْحَى، وَقَدْ عَلِمْنَا مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّ الْحِكْمَةَ فِي الدَّعْوَةِ إِلَى الْمُبَاهَلَةِ هِيَ إِظْهَارُ الثِّقَةِ بِالِاعْتِقَادِ وَالْيَقِينِ فِيهِ، فَلَوْ لَمْ يَعْلَمِ اللهُ أَنَّ الْمُؤْمِنَاتِ عَلَى يَقِينٍ فِي اعْتِقَادِهِنَّ كَالْمُؤْمِنِينَ لَمَا أَشْرَكَهُنَّ مَعَهُمْ فِي هَذَا الْحُكْمِ، فَأَيْنَ هَذَا مِنْ حَالِ نِسَائِنَا الْيَوْمَ وَمِنَ اعْتِقَادِ جُمْهُورِنَا فِيمَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُنَّ عَلَيْهِ؟ لَا عِلْمَ لَهُنَّ بِحَقَائِقِ الدِّينِ وَلَا بِمَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ غَيْرِنَا مِنَ الْخِلَافِ وَالْوِفَاقِ، وَلَا مُشَارَكَةَ لِلرِّجَالِ فِي عَمَلٍ مِنَ الْأَعْمَالِ الدِّينِيَّةِ وَلَا الِاجْتِمَاعِيَّةِ، فَهَلْ فَرَضَ الْإِسْلَامُ عَلَى نِسَاءِ الْأَغْنِيَاءِ - لَا سِيَّمَا فِي الْمُدُنِ - أَلَّا يَعْرِفْنَ غَيْرَ التَّطَرُّسِ وَالتَّطَرُّزِ وَالتَّوَرُّنِ وَعَلَى نِسَاءِ الْفُقَرَاءِ - لَا سِيَّمَا فِي الْقُرَى وَالْبَوَادِي - أَنْ يَكُنَّ كَالْأُتُنِ الْحَامِلَةِ وَالْبَقَرِ الْعَامِلَةِ؟ وَهَلْ حَرَّمَ عَلَى هَؤُلَاءِ وَأُولَئِكَ عِلْمَ الدُّنْيَا وَالدِّينِ، وَالِاشْتِرَاكَ فِي شَيْءٍ مِنْ شُئُونِ الْعَالَمِينَ؟ كَلَّا بَلْ فَسَقَ الرِّجَالُ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ، فَوَضَعُوا النِّسَاءَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ بِحُكْمِ قُوَّتِهِمْ، فَصَغُرَتْ نُفُوسُهُنَّ، وَهَزُلَتْ آدَابُهُنَّ، وَضَعُفَتْ دِيَانَتُهُنَّ.
وَنَحُفَتْ إِنْسَانِيَّتُهُنَّ، وَصِرْنَ كَالدَّوَاجِنِ فِي الْبُيُوتِ، أَوِ السَّوَائِمِ فِي الصَّحْرَاءِ، أَوِ السَّوَانِي عَلَى السَّوَاقِي وَالْآبَارِ، أَوْ ذَوَاتِ الْحَرْثِ فِي الْحُقُولِ وَالْغَيْطَانِ، فَسَاءَتْ تَرْبِيَةُ الْبَنِينَ وَالْبَنَاتِ، وَسَرَى الْفَسَادُ الِاجْتِمَاعِيُّ مِنَ الْأَفْرَادِ إِلَى الْجَمَاعَاتِ فَعَمَّ الْأُسَرَ وَالْعَشَائِرَ وَالشُّعُوبَ وَالْقَبَائِلَ، لَبِثَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى هَذَا الْجَهْلِ الْفَاضِحِ أَحْقَابًا، حَتَّى قَامَ فِيهِمُ الْيَوْمَ مَنْ يُعَيِّرُهُمْ بِاحْتِقَارِ النِّسَاءِ وَاسْتِبْعَادِهِنَّ، وَيُطَالِبُونَهُمْ بِتَحْرِيرِهِنَّ وَمُشَارَكَتِهِنَّ فِي الْعِلْمِ وَالْأَدَبِ وَشُئُونِ الْحَيَاةِ، مِنْهُمْ مَنْ يُطَالِبُ بِهَذَا اتِّبَاعًا لِهَدْيِ الْإِسْلَامِ وَمَا جَاءَ بِهِ مِنَ الْإِصْلَاحِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُطَالِبُ بِهِ تَقْلِيدًا لِمَدَنِيَّةِ أُورُبَّا، وَقَدِ اسْتُحْسِنَتِ الدَّعْوَةُ الْأَوْلَى بِالْقَوْلِ دُونَ الْعَمَلِ، وَأُجِيبَتِ الدَّعْوَةُ الْأُخْرَى بِالْعَمَلِ عَلَى ذَمِّ الْأَكْثَرِينَ لَهَا بِالْقَوْلِ، فَأَنْشَأَ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 3  صفحه : 266
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست