responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 3  صفحه : 169
الْحَقِيقَةِ مُؤْمِنًا بِالرَّسُولِ وَلَا مُتَلَقِّيًا عَنْهُ الْأَخْبَارَ بِشَأْنِ الرُّبُوبِيَّةِ، وَلَا فَرْقَ عِنْدَهُ بَيْنَ أَنْ يُخْبِرَ الرَّسُولُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يُخْبِرْ بِهِ، فَإِنَّ مَا أَخْبَرَ بِهِ إِذَا لَمْ يَعْلَمْهُ بِعَقْلِهِ لَا يُصَدِّقُ بِهِ بَلْ يَتَأَوَّلُهُ أَوْ يُفَوِّضُهُ، وَمَا لَمْ يُخْبِرْ بِهِ إِنْ عَلِمَهُ بِعَقْلِهِ آمَنَ بِهِ فَلَا فَرْقَ عِنْدَ مَنْ سَلَكَ هَذِهِ السَّبِيلَ بَيْنَ وُجُودِ الرَّسُولِ وَإِخْبَارِهِ وَبَيْنَ عَدَمِ الرَّسُولِ وَإِخْبَارِهِ، وَكَانَ مَا يُذْكَرُ مِنَ الْقُرْآنِ وَالْحَدِيثِ وَالْإِجْمَاعِ عَدِيمَ الْأَثَرِ عِنْدَهُ. قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ الْأَصْفَهَانِيَّةِ وَقَدْ صَرَّحَ بِهَذَا أَئِمَّةُ هَذَا الطَّرِيقِ، قَالَ: ثُمَّ أَهْلُ الطَّرِيقِ الثُّبُوتِيَّةِ فِيهِمْ مَنْ يُحِيلُ عَلَى الْكَشْفِ، وَكُلٌّ مِنَ الطَّرِيقَيْنِ فِيهَا مِنَ الِاضْطِرَابِ وَالِاخْتِلَافِ مَا لَا يَنْضَبِطُ، وَلَيْسَتْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا تُحَصِّلُ الْمَقْصُودَ بِدُونِ الطَّرِيقِ النَّبَوِيَّةِ، وَالطَّرِيقُ النَّبَوِيَّةُ بِهَا يَحْصُلُ الْإِيمَانُ النَّافِعُ فِي الْآخِرَةِ، ثُمَّ إِنْ حَصَلَ قِيَاسٌ أَوْ كَشْفٌ يُوَافِقُ مَا أَخْبَرَ بِهِ الرَّسُولُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ حَسَنًا مَعَ أَنَّ الْقُرْآنَ قَدْ نَبَّهَ عَلَى الطَّرِيقِ الِاعْتِبَارِيَّةِ الَّتِي بِهَا يُسْتَدَلُّ عَلَى مِثْلِ مَا فِي الْقُرْآنِ كَمَا قَالَ - تَعَالَى -: سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ [41: 53] فَأَخْبَرَ أَنَّهُ يُرِي عِبَادَهُ مِنَ الْآيَاتِ الْمَشْهُودَةِ الَّتِي هِيَ أَدِلَّةٌ عَقْلِيَّةٌ مَا يُبَيِّنُ أَنَّ الْقُرْآنَ حَقٌّ، وَلَيْسَ لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: إِنَّمَا خُصَّتْ هَذِهِ الصِّفَاتُ بِالذِّكْرِ لِأَنَّ السَّمْعَ مَوْقُوفٌ عَلَيْهَا دُونَ غَيْرِهَا، فَإِنَّ الْأَمْرَ لَيْسَ كَذَلِكَ، لِأَنَّ التَّصْدِيقَ بِالسَّمْعِيَّاتِ لَيْسَ مَوْقُوفًا عَلَى إِثْبَاتِ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. ثُمَّ قَالَ شَيْخُ
الْإِسْلَامِ قَدَّسَ اللهُ رُوحَهُ: وَالْمَقْصُودُ هُنَا التَّنْبِيهُ عَلَى أَنَّ مَا يَجِبُ إِثْبَاتُهُ لِلَّهِ - تَعَالَى - مِنَ الصِّفَاتِ لَيْسَ مَقْصُورًا عَلَى مَا ذَكَرَهُ هَؤُلَاءِ مَعَ إِثْبَاتِهِمْ بَعْضَ صِفَاتِهِ بِالْعَقْلِ وَبَعْضَهَا بِالسَّمْعِ، فَإِنَّ مَنْ عَرَفَ حَقَائِقَ أَقْوَالِ النَّاسِ بِطُرُقِهِمُ الَّتِي دَعَتْهُمْ إِلَى تِلْكَ الْأَقْوَالِ حَصَلَ لَهُ الْعِلْمُ وَالرَّحْمَةُ فَعَلِمَ الْحَقَّ وَرَحِمَ الْخَلْقَ، وَكَانَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ.
وَهَذِهِ خَاصَّةُ أَهْلِ السُّنَّةِ الْمُتَّبِعِينَ لِلرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّهُمْ يَتَّبِعُونَ الْحَقَّ وَيَرْحَمُونَ مَنْ خَالَفَهُمْ بِاجْتِهَادِهِ حَيْثُ عَذَرَهُ اللهُ وَرَسُولُهُ، وَأَمَّا أَهْلُ الْبِدَعِ فَيَبْتَدِعُونَ بِدْعَةً بَاطِلَةً وَيُكَفِّرُونَ مَنْ خَالَفَهُمْ فِيهَا. انْتَهَى وَبِاللهِ التَّوْفِيقُ.
أَقُولُ: وَقَدِ اشْتُهِرَ عَنِ الْحَنَابِلَةِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْأَثَرِ إِثْبَاتُ صِفَةِ الْعُلُوِّ لِلَّهِ - تَعَالَى - حَتَّى رَمَاهُمْ بَعْضُ الْمُتَكَلِّمِينَ بِالْقَوْلِ بِالتَّجْسِيمِ، لِأَنَّ ذَلِكَ قَوْلٌ بِالْجِهَةِ وَهُوَ يَسْتَلْزِمُ الْحَدَّ وَالْجِسْمِيَّةَ فَآخَذُوهُمْ بِلَازِمِ الْمَذْهَبِ وَهُمْ يَجْهَلُونَ مَذْهَبَهُمْ وَهُمْ لَمْ يَقُولُوا إِلَّا بِالنَّقْلِ الْمُوَافِقِ لِلْعَقْلِ، وَهَاكَ كَلَامٌ وَاحِدٌ مِنْهُ نَقْلًا عَنْ شَرْحِ عَقِيدَةِ السَّفَارِينِيِّ وَهُوَ:
" ذَكَرَ الْإِمَامُ أَبُو الْعَبَّاسِ عِمَادُ الدِّينِ أَحْمَدُ الْوَاسِطِيُّ الصُّوفِيُّ الْمُحَقِّقُ الْعَارِفُ تِلْمِيذُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ ابْنِ تَيْمِيَةَ - قَدَّسَ اللهُ سِرَّهُمَا - الَّذِي قَالَ فِيهِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: إِنَّهُ جُنَيْدُ زَمَانِهِ فِي رِسَالَتِهِ (نَصِيحَةُ الْإِخْوَانِ) مَا حَاصِلُهُ فِي مَسْأَلَةِ الْعُلُوِّ وَالْفَوْقِيَّةِ وَالِاسْتِوَاءِ: هُوَ أَنَّ اللهَ - عَزَّ وَجَلَّ - كَانَ وَلَا مَكَانَ وَلَا عَرْشَ وَلَا مَاءَ وَلَا فَضَاءَ وَلَا هَوَاءَ وَلَا خَلَاءَ وَلَا مِلَاءَ، وَأَنَّهُ كَانَ مُنْفَرِدًا فِي قِدَمِهِ وَأَزَلِيَّتِهِ مُتَوَحِّدًا فِي فَرْدَانِيَّتِهِ لَا يُوصَفُ بِأَنَّهُ فَوْقَ كَذَا إِذْ لَا شَيْءَ غَيْرَهُ هُوَ - تَعَالَى -

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 3  صفحه : 169
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست