responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 3  صفحه : 143
فَلَيْسَتْ نَارُ الْآخِرَةِ كَنَارِ الدُّنْيَا وَإِنَّمَا هِيَ شَيْءٌ آخَرُ، وَلَيْسَتْ ثَمَرَاتُ الْجَنَّةِ وَلَبَنُهَا وَعَسَلُهَا مِنْ جِنْسِ الْمَعْهُودِ لَنَا فِي هَذَا الْعَالَمِ، وَإِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ آخَرُ يَلِيقُ بِذَلِكَ الْعَالَمِ وَيُنَاسِبُهُ، وَإِنَّنَا نُبَيِّنُ ذَلِكَ بِالْإِطْنَابِ الَّذِي يَحْتَمِلُهُ الْمَقَامُ مُسْتَمَدِّينَ مِنْ كَلَامِ هَذَا الْحَبْرِ الْعَظِيمِ نَاقِلِينَ بَعْضَ مَا كَتَبَهُ فَنَقُولُ:
إِنَّمَا غَلِطَ الْمُفَسِّرُونَ فِي تَفْسِيرِ التَّأْوِيلِ فِي الْآيَةِ؛ لِأَنَّهُمْ جَعَلُوهُ بِالْمَعْنَى الِاصْطِلَاحِيِّ، وَإِنَّ تَفْسِيرَ كَلِمَاتِ الْقُرْآنِ بِالْمُوَاضَعَاتِ الِاصْطِلَاحِيَّةِ قَدْ كَانَ مَنْشَأَ غَلَطٍ يَصْعُبُ حَصْرُهُ. ذُكِرَ التَّأْوِيلُ فِي سَبْعِ سُوَرٍ مِنَ الْقُرْآنِ - هَذِهِ السُّورَةُ أُولَاهَا، وَالثَّانِيَةُ: (سُورَةُ النِّسَاءِ) وَلَيْسَ فِيهَا إِلَّا قَوْلُهُ - تَعَالَى -: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا [4: 59] فَسَّرَ التَّأْوِيلَ هَاهُنَا مُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ بِالثَّوَابِ وَالْجَزَاءِ، وَالسُّدِّيُّ وَابْنُ زَيْدٍ وَابْنُ قُتَيْبَةَ وَالزَّجَّاجُ بِالْعَاقِبَةِ، وَكِلَاهُمَا بِمَعْنَى الْمَآلِ، لَكِنَّ الثَّانِيَ أَعَمُّ، فَهُوَ يَشْمَلُ حُسْنَ الْمَآلِ فِي الدُّنْيَا. وَقَدْ يَكُونُ التَّنَازُعُ فِي الْأُمُورِ الدُّنْيَوِيَّةِ أَكْثَرَ وَالرُّجُوعُ فِيهِ إِلَى كِتَابِ اللهِ وَرَسُولِهِ فِي حَيَاتِهِ وَسُنَّتِهِ مِنْ بَعْدِهِ يَكُونُ مَآلُهُ الْوِفَاقُ وَالسَّلَامَةُ مِنَ الْبَغْضَاءِ وَلَا يُحْتَمَلُ بِحَالٍ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى التَّأْوِيلِ هُنَا التَّفْسِيرَ أَوْ صَرْفَ الْكَلَامِ عَنْ ظَاهِرِهِ إِلَى غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي التَّنَازُعِ وَحُسْنِ عَاقِبَةِ رَدِّهِ إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ.
وَالثَّالِثَةُ: (سُورَةُ الْأَعْرَافِ) وَفِيهَا قَوْلُهُ - تَعَالَى -: وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِن قَبْلُ قَدْ جَاءتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ فَهَل لَّنَا مِن شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ [7: 52، 53] فَسَّرَ ابْنُ عَبَّاسٍ تَأْوِيلَهُ هُنَا بِتَصْدِيقِ وَعْدِهِ وَوَعِيدِهِ ; أَيْ يَوْمَ يَظْهَرُ صِدْقُ مَا أَخْبَرَ بِهِ مِنْ أَمْرِ الْآخِرَةِ، وَقَالَ قَتَادَةُ: تَأْوِيلُهُ ثَوَابُهُ، وَمُجَاهِدٌ: جَزَاؤُهُ، وَالسَّدِّيُّ: عَاقِبَتُهُ، وَابْنُ زَيْدٍ: حَقِيقَتُهُ. وَكُلُّ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ مُتَقَارِبَةُ الْمَعْنَى، وَالْمُرَادُ مَا يَئُولُ إِلَيْهِ الْأَمْرُ مِنْ وُقُوعِ مَا أَخْبَرَ بِهِ الْقُرْآنُ مِنْ أَمْرِ الْآخِرَةِ وَلَا يُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِهِ تَفْسِيرُهُ.
الرَّابِعَةُ: (سُورَةُ يُونُسَ) قَالَ - تَعَالَى - بَعْدَ ذِكْرِ الْقُرْآنِ بِكَوْنِهِ تَصْدِيقٌ لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَمُنَزَّهًا عَنِ الِافْتِرَاءِ وَالرَّيْبِ، وَدَعْوَاهُمُ الْبَاطِلَةُ فِيهِ وَبَعْدَ تَعْجِيزِهِمْ بِطَلَبِ الْإِتْيَانِ بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ -: بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ [10: 39] فَسَّرَ أَهْلُ الْأَثَرِ تَأْوِيلَهُ هُنَا بِنَحْوِ مَا تَقَدَّمَ ; أَيْ مَا يَئُولُ إِلَيْهِ الْأَمْرُ مِنْ ظُهُورِ صِدْقِهِ وَوُقُوعِ مَا أَخْبَرَ بِهِ، وَلَمَّا كَانَتْ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ قَبْلَهُمُ الْهَلَاكُ كَانَ تَأْوِيلُهُ أَنْ تَكُونَ عَاقِبَتُهُمْ كَعَاقِبَةِ مَنْ قَبْلَهُمْ.

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 3  صفحه : 143
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست