responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 3  صفحه : 142
حَدِّ قَوْلِهِ - تَعَالَى -: وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ [34: 24] وَمِنْهُ إِبْهَامُ الْقُرْآنِ لِمَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ لِحِكْمَةٍ، وَقَدْ بَيَّنَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَلِكَ فِي بِلَادِ الْعَرَبِ الْمُعْتَدِلَةِ بِالْأَوْقَاتِ الْخَمْسَةِ لِلصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ، وَمَا كَانَتِ الْعَرَبُ تَعْلَمُ أَنَّ فِي الدُّنْيَا بِلَادًا لَا يُمْكِنُ تَحْدِيدُ هَذِهِ الْمَوَاقِيتِ فِيهَا، كَالْبِلَادِ الَّتِي تُشْرِقُ فِيهَا الشَّمْسُ نَحْوَ سَاعَتَيْنِ لَا يَزِيدُ نَهَارُ أَهْلِهَا عَلَى ذَلِكَ، أَشَارَ الْقُرْآنُ إِلَى مَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ بِقَوْلِهِ: فَسُبْحَانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ [30: 17، 18] وَسَبَبُ هَذَا الْإِبْهَامِ أَنَّ الْقُرْآنَ دِينٌ عَامٌّ لَا خَاصٌّ بِبِلَادِ الْعَرَبِ وَنَحْوِهَا، فَوَجَبَ أَنْ يَسْهُلَ الِاهْتِدَاءُ بِهِ حَيْثُمَا بَلَغَ، وَمِثْلُ هَذَا الْإِجْمَالِ وَالْإِبْهَامِ فِي مَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ يَجْعَلُ لِعُقُولِ الرَّاسِخِينَ فِي الْعِلْمِ وَسِيلَةً لِلْمُرَاوَحَةِ فِيهِ وَاسْتِخْرَاجِ الْأَحْكَامِ مِنْهُ فِي كُلِّ مَكَانٍ بِحَسْبِهِ. فَأَيْنَمَا ظَهَرَتِ الْحَقِيقَةُ وَجَدْتَ لَهَا حُكْمًا فِي الْقُرْآنِ، وَهَذَا النَّوْعُ مِنَ الْمُتَشَابِهِ مِنْ أَجَلِّ نِعَمِ اللهِ - تَعَالَى - وَلَا سَبِيلَ إِلَى الِاعْتِرَاضِ عَلَى اشْتِمَالِ الْكِتَابِ عَلَيْهِ.
وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ قَالَ الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ: أَيْ وَمَا يَعْقِلُ ذَلِكَ وَيَفْقَهُ حِكْمَتَهُ إِلَّا أَرْبَابُ الْقُلُوبِ النَّيِّرَةِ وَالْعُقُولِ الْكَبِيرَةِ، وَإِنَّمَا وُصِفَ الرَّاسِخُونَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا رَاسِخِينَ إِلَّا بِالتَّعَقُّلِ وَالتَّدَبُّرِ لِجَمِيعِ الْآيَاتِ الْمُحْكَمَةِ الَّتِي هِيَ
الْأُصُولُ وَالْقَوَاعِدُ، حَتَّى إِذَا عَرَضَ الْمُتَشَابِهُ بَعْدَ ذَلِكَ يَتَسَنَّى لَهُمْ أَنْ يَتَذَكَّرُوا تِلْكَ الْقَوَاعِدَ الْمُحْكَمَةَ، وَيَنْظُرُوا مَا يُنَاسِبُ الْمُتَشَابِهَ مِنْهَا فَيَرُدُّونَهُ إِلَيْهِ. أَقُولُ: وَهَذَا التَّخْرِيجُ يَصْدُقُ عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ السَّابِقَيْنِ، وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْمُتَشَابِهَ مَا كَانَ نَبَأً عَنْ عَالَمِ الْغَيْبِ فَهُمُ الَّذِينَ يَعْلَمُونَ أَنَّ قِيَاسَ الشَّاهِدِ عَلَى الْغَائِبِ قِيَاسٌ بِالْفَارِقِ اهـ.
(فَصْلٌ) اعْلَمْ أَنَّهُ لَيْسَ فِي كُتُبِ التَّفْسِيرِ الْمُتَدَاوَلَةِ مَا يَرْوِي الْغَلِيلَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَمَا ذَكَرْنَاهُ آنِفًا صَفْوَةُ مَا قَالُوهُ، وَخَيْرُهُ كَلَامُ الْأُسْتَاذِ الْإِمَامِ، وَقَدْ رَأَيْنَا أَنْ نَرْجِعَ بَعْدَ كِتَابَتِهِ إِلَى كَلَامٍ فِي الْمُتَشَابِهِ وَالتَّأْوِيلِ لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ أَحْمَدَ بْنِ تَيْمِيَّةَ كُنَّا قَرَأْنَا بَعْضَهُ مِنْ قَبْلُ فِي تَفْسِيرِهِ لِسُورَةِ الْإِخْلَاصِ، فَرَجَعْنَا إِلَيْهِ وَقَرَأْنَاهُ بِإِمْعَانٍ، فَإِذَا هُوَ مُنْتَهَى التَّحْقِيقِ وَالْعِرْفَانِ، وَالْبَيَانِ الَّذِي لَيْسَ وَرَاءَهُ بَيَانٌ، أَثْبَتَ فِيهِ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْقُرْآنِ كَلَامٌ لَا يُفْهَمُ مَعْنَاهُ، وَأَنَّ الْمُتَشَابِهَ إِضَافِيٌّ إِذَا اشْتَبَهَ فِيهِ الضَّعِيفُ لَا يَشْتَبِهُ فِيهِ الرَّاسِخُ، وَأَنَّ التَّأْوِيلَ الَّذِي لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللهُ - تَعَالَى - هُوَ مَا تَئُولُ إِلَيْهِ تِلْكَ الْآيَاتُ فِي الْوَاقِعِ كَكَيْفِيَّةِ صِفَاتِ اللهِ - تَعَالَى - وَكَيْفِيَّةِ عَالَمِ الْغَيْبِ مِنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ وَمَا فِيهِمَا، فَلَا يَعْلَمُ أَحَدٌ غَيْرُهُ - تَعَالَى - قُدْرَتَهُ وَتَعَلُّقَهَا بِالْإِيجَادِ وَالْإِعْدَامِ وَكَيْفِيَّةَ اسْتِوَائِهِ عَلَى الْعَرْشِ، مَعَ أَنَّ الْعَرْشَ مَخْلُوقٌ لَهُ وَقَائِمٌ بِقُدْرَتِهِ، وَلَا كَيْفِيَّةَ عَذَابِ أَهْلِ النَّارِ وَلَا نَعِيمِ أَهْلِ الْجَنَّةِ كَمَا قَالَ - تَعَالَى - فِي هَؤُلَاءِ: فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ [32: 17]

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 3  صفحه : 142
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست