responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 3  صفحه : 140
وَقَالَ: إِنَّ صَاحِبَ كُلِّ مَذْهَبٍ يُعِدُّ مَا دَلَّ عَلَيْهِ مِنَ الْمُحْكَمِ وَمَا يُخَالِفُهُ مِنَ الْمُتَشَابِهِ وَيَلْجَأُ إِلَى التَّأْوِيلِ وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا. (قَالَ) : أَلَيْسَ أَنَّهُ لَوْ جَعَلَهُ جَلِيًّا نَقِيًّا عَنْ هَذِهِ الْمُتَشَابِهَاتِ كَانَ أَقْرَبَ إِلَى حُصُولِ الْغَرَضِ فِي دِينِهِ؟ ثُمَّ قَالَ: إِنَّ الْعُلَمَاءَ ذَكَرُوا فِي فَوَائِدِ الْمُتَشَابِهَاتِ وُجُوهًا وَنَحْنُ نَنْقُلُهَا
كَمَا أَوْرَدَهَا بِاخْتِصَارٍ قَلِيلٍ لَا يُضَيِّعُ شَيْئًا مِنَ الْمَعْنَى وَهِيَ:
(الْوَجْهُ الْأَوَّلُ) أَنَّهُ مَتَّى كَانَتِ الْمُتَشَابِهَاتُ مَوْجُودَةً كَانَ الْوُصُولُ إِلَى الْحَقِّ أَصْعَبَ وَأَشَقَّ، وَزِيَادَةُ الْمَشَقَّةِ تُوجِبُ مَزِيدَ الثَّوَابِ. قَالَ اللهُ - تَعَالَى -: أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ [3: 142] .
(الثَّانِي) لَوْ كَانَ الْقُرْآنُ مُحْكَمًا بِالْكُلِّيَّةِ لَمَا كَانَ مُطَابِقًا إِلَّا لِمَذْهَبٍ وَاحِدٍ، وَكَانَ تَصْرِيحُهُ مُبْطِلًا لِكُلِّ مَا سِوَى ذَلِكَ الْمَذْهَبِ، وَذَلِكَ مِمَّا يُنَفِّرُ أَرْبَابَ الْمَذَاهِبِ عَنْ قَبُولِهِ وَعَنِ النَّظَرِ فِيهِ، فَالِانْتِفَاعُ بِهِ إِنَّمَا حَصَلَ لَمَّا كَانَ مُشْتَمِلًا عَلَى الْمُحْكَمِ وَعَلَى الْمُتَشَابِهِ فَحِينَئِذٍ يَطْمَعُ صَاحِبُ كُلِّ مَذْهَبٍ أَنْ يَجِدَ فِيهِ مَا يُقَوِّي مَذْهَبَهُ وَيُؤْثِرُ مَقَالَهُ فَحِينَئِذٍ يَنْظُرُ فِيهِ جَمِيعُ أَصْحَابِ الْمَذَاهِبِ وَيَجْتَهِدُ فِي التَّأَمُّلِ فِيهِ كُلُّ صَاحِبِ مَذْهَبٍ فَإِذَا بَالَغُوا فِي ذَلِكَ صَارَتِ الْمُحْكَمَاتُ مُفَسِّرَةً لِلْمُتَشَابِهَاتِ، فَهَذَا الطَّرِيقُ يَتَخَلَّصُ الْمُبْطِلُ مِنْ بَاطِلِهِ وَيَصِلُ إِلَى الْحَقِّ.
(الثَّالِثُ) أَنَّ الْقُرْآنَ إِذَا كَانَ مُشْتَمِلًا عَلَى الْمُحْكَمِ وَالْمُتَشَابِهِ افْتَقَرَ النَّاظِرُ فِيهِ إِلَى الِاسْتِعَانَةِ بِدَلِيلِ الْعَقْلِ وَحِينَئِذٍ يَتَخَلَّصُ مِنْ ظُلْمَةِ التَّقْلِيدِ، وَيَصِلُ إِلَى ضِيَاءِ الِاسْتِدْلَالِ وَالْبَيِّنَةِ.
(الرَّابِعُ) لَمَّا كَانَ الْقُرْآنُ مُشْتَمِلًا عَلَى الْمُحْكَمِ وَالْمُتَشَابِهِ افْتَقَرُوا إِلَى تَعَلُّمِ طُرُقِ التَّأْوِيلَاتِ وَتَرْجِيحِ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ، وَافْتَقَرَ تَعَلُّمُ ذَلِكَ إِلَى تَحْصِيلِ عُلُومٍ مِنْ عِلْمِ اللُّغَةِ وَالنَّحْوِ وَعِلْمِ أُصُولِ الْفِقْهِ.
(الْخَامِسُ) وَهُوَ السَّبَبُ الْأَقْوَى فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّ الْقُرْآنَ كِتَابٌ اشْتَمَلَ عَلَى دَعْوَةِ الْخَوَاصِّ وَالْعَوَامِّ بِالْكُلِّيَّةِ، وَطَبَائِعُ الْعَوَامِّ تَنْبُو فِي أَكْثَرِ الْأَمْرِ عَنْ إِدْرَاكِ الْحَقَائِقِ، فَمَنْ سَمِعَ مِنَ الْعَوَامِّ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ إِثْبَاتَ مَوْجُودٍ لَيْسَ بِجِسْمٍ وَلَا بِمُتَحَيِّزٍ وَلَا مُشَارٍ إِلَيْهِ ظَنَّ أَنَّ هَذَا عَدَمٌ وَنَفْيٌ فِي التَّعْطِيلِ، فَكَانَ الْأَصَحُّ أَنْ يُخَاطَبُوا بِأَلْفَاظٍ دَالَّةٍ عَلَى بَعْضِ مَا يُنَاسِبُ مَا يَتَوَهَّمُونَهُ وَيَتَخَيَّلُونَهُ، وَيَكُونُ ذَلِكَ مَخْلُوطًا بِمَا يَدُلُّ عَلَى الْحَقِّ الصَّرِيحِ، فَالْقَسَمُ الْأَوَّلُ وَهُوَ الَّذِي يُخَاطَبُونَ بِهِ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ يَكُونُ مِنْ بَابِ الْمُتَشَابِهَاتِ، وَالْقِسْمُ الثَّانِي وَهُوَ الَّذِي يَكْشِفُ لَهُمْ فِي آخِرِ الْأَمْرِ هُوَ الْمُحْكَمَاتُ، فَهَذَا مَا حَضَرَنَا فِي هَذَا الْبَابِ. وَاللهُ أَعْلَمُ. اهـ.
أَقُولُ: إِنَّهُ - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى - لَمْ يَأْتِ بِشَيْءٍ نَيِّرٍ، وَلَمْ يُحْسِنْ بَيَانَ مَا قَالَهُ الْعُلَمَاءُ، وَأَسْخَفُ هَذِهِ الْوُجُوهِ وَأَشَدُّهَا تَشَوُّهًا الثَّانِي وَلَا أَدْرِي كَيْفَ أَجَازَ لَهُ عَقْلُهُ أَنْ يَقُولَ: إِنَّ الْقُرْآنَ جَاءَ بِالْمُتَشَابِهَاتِ لِيَسْتَمِيلَ أَهْلَ الْمَذَاهِبِ إِلَى النَّظَرِ فِيهِ وَأَنَّ هَذَا طَرِيقٌ إِلَى الْحَقِّ؟ أَيْنَ كَانَتْ هَذِهِ الْمَذَاهِبُ عِنْدَ نُزُولِهِ؟ وَمَنِ اهْتَدَى مِنْ أَهْلِهَا بِهَذِهِ الطَّرِيقَةِ؟ وَيَقْرُبُ مِنْ هَذَا مَا قَالَهُ فِي بَيَانِ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 3  صفحه : 140
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست