responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 3  صفحه : 126
وَالرُّبُوبِيَّةِ، انْصُرْنَا عَلَى الْجَاحِدِينَ وَالْمُرْتَابِينَ مِنْهُمْ بِالْحُجَّةِ وَالْبُرْهَانِ، وَعَلَى الْمُعْتَدِينَ بِالسَّيْفِ وَالسِّنَانِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَسْبَابِ حِمَايَةِ الْحَقِّ الَّتِي تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الزَّمَانِ.
اسْتَحْسَنَ الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ تَفْسِيرَ الْجَلَالِ " النَّصْرَ " بِالْغَلَبَةِ بِالْحُجَّةِ وَبِالسَّيْفِ وَقَالَ: إِنَّ النَّصْرَ بِالْحُجَّةِ هُوَ أَعْلَى النَّصْرِ وَأَفْضَلُهُ؛ لِأَنَّهُ نَصْرٌ عَلَى الرُّوحِ وَالْعَقْلِ، وَالنَّصْرُ بِالسَّيْفِ إِنَّمَا هُوَ نَصْرٌ عَلَى الْجَسَدِ وَلَا نُؤْثِرُ عَنْهُ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْجُمَلِ الْأَخِيرَةِ مِنَ الْآيَةِ شَيْئًا إِلَّا هَذِهِ الْعِبَارَةَ، وَلَكِنَّهُ قَالَ فِي شَأْنِ هَذَا الدُّعَاءِ كُلِّهِ مَا مِثَالُهُ: إِنَّ اللهَ - تَعَالَى - مَا عَلَّمَنَا هَذَا الدُّعَاءَ لِأَجْلِ أَنْ نَلُوكَهُ بِأَلْسِنَتِنَا وَنُحَرِّكَ بِهِ شِفَاهَنَا فَقَطْ، كَمَا يَفْعَلُ أَهْلُ الْأَوْرَادِ وَالْأَحْزَابِ، بَلْ عَلَّمَنَا إِيَّاهُ لِأَجْلِ أَنْ نَدْعُوَهُ بِهِ مُخْلِصِينَ لَهُ لَاجِئِينَ إِلَيْهِ بَعْدَ أَخْذِ مَا أَنْزَلَهُ بِقُوَّةٍ وَالْعَمَلِ بِهِ عَلَى قَدْرِ الطَّاقَةِ وَاسْتِعْمَالِ مَا يَصِلُ إِلَيْهِ كَسْبُنَا مِنَ الْوَسَائِلِ وَالذَّرَائِعِ الَّتِي هِيَ وَسَائِلُ الِاسْتِجَابَةِ فِي الْحَقِيقَةِ، فَمَنْ دَعَاهُ بِلِسَانِ مَقَالِهِ وَلِسَانِ حَالِهِ مَعًا فَإِنَّهُ يَسْتَجِيبُ لَهُ بِلَا شَكٍّ، وَمَنْ لَمْ يَعْرِفْ مِنَ الدُّعَاءِ إِلَّا حَرَكَةَ اللِّسَانِ مَعَ مُخَالَفَةِ الْأَحْكَامِ وَتَنَكُّبِ السُّنَنِ فَهُوَ بِدُعَائِهِ كَالسَّاخِرِ مِنْ رَبِّهِ الَّذِي لَا يَسْتَحِقُّ إِلَّا مَقْتَهُ وَخُذْلَانَهُ، فَإِذَا كَانَ - سُبْحَانَهُ - قَدْ بَيَّنَ لَنَا سَبَبَ الْمَغْفِرَةِ وَالْعَفْوِ، وَهَدَانَا إِلَى طُرُقِ الْغَلَبَةِ وَالنَّصْرِ، فَأَعْرَضْنَا عَنْ هِدَايَتِهِ، وَتَنَكَّبْنَا سُنَنَهُ فِي خَلِيقَتِهِ، ثُمَّ طَلَبْنَا مِنْهُ ذَلِكَ بِأَلْسِنَتِنَا دُونَ قُلُوبِنَا وَجَوَارِحِنَا، أَفَلَا نَكُونُ نَحْنُ الْجَانِينَ عَلَى أَنْفُسِنَا؟ وَتَوَقُّفُ الدُّعَاءِ عَلَى الْعَمَلِ يَسْتَلْزِمُ تَوَقُّفَهُ عَلَى الْعِلْمِ، فَلَا يَكُونُ الدَّاعِي دَاعِيًا حَقِيقَةً كَمَا يُحِبُّ اللهُ وَيَرْضَى إِلَّا إِذَا كَانَ قَدْ عَرَفَ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ مِنَ الشَّرِيعَةِ وَسُنَنِ الِاجْتِمَاعِ وَاتَّبَعْهُ بِقَدْرِ اسْتِطَاعَتِهِ. فَإِذَا اتَّخَذَتِ الْأُمَّةُ الْوَسَائِلَ الَّتِي أُمِرَتْ بِهَا وَدَعَتِ اللهَ - تَعَالَى - أَنْ يُثَبِّتَهَا وَيُتِمَّ لَهَا مَا لَيْسَ فِي وُسْعِهَا مِنْ أَسْبَابِ النَّصْرِ فَإِنَّ اللهَ - تَعَالَى - يَسْتَجِيبُ لَهَا حَتْمًا كَمَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ لَا تُغْلَبُ مِنْ قِلَّةٍ. فَنَسْأَلُهُ - تَعَالَى - التَّوْفِيقَ وَهِدَايَةَ أَقْوَمِ طَرِيقٍ.

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 3  صفحه : 126
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست