responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 2  صفحه : 355
أَوْرَدَ الْإِمَامُ الرَّازِيُّ هَذَا فِي تَفْسِيرِهِ، ثُمَّ قَالَ: وَاحْتَجَّ عَلَى قَوْلِهِ بِوُجُوهٍ:
(أَحَدُهَا) أَنَّ النَّسْخَ خِلَافُ الْأَصْلِ فَوَجَبَ الْمَصِيرُ إِلَى عَدَمِهِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ.
(وَالثَّانِي) أَنْ يَكُونَ النَّاسِخُ مُتَأَخِّرًا عَنِ الْمَنْسُوخِ فِي النُّزُولِ (أَيِ الْأَصْلُ أَنْ يَكُونَ إِلَخْ.
وَلَعَلَّ لَفْظَ الْأَصْلِ سَقَطَ مِنَ النَّاسِخِ أَوِ الطَّابِعِ) وَإِذَا كَانَ مُتَأَخِّرًا عَنْهُ فِي النُّزُولِ كَانَ الْأَحْسَنُ أَنْ يَكُونَ مُتَأَخِّرًا عَنْهُ فِي التِّلَاوَةِ أَيْضًا; لِأَنَّ هَذَا التَّرْتِيبَ أَحْسَنُ، فَأَمَّا تَقَدُّمُ النَّاسِخِ عَلَى الْمَنْسُوخِ فِي التِّلَاوَةِ فَهُوَ وَإِنْ كَانَ جَائِزًا فِي الْجُمْلَةِ إِلَّا أَنَّهُ يُعَدُّ مِنْ سُوءِ التَّرْتِيبِ، وَتَنْزِيهُ كَلَامِ اللهِ تَعَالَى عَنْهُ وَاجِبٌ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ، وَلَمَّا كَانَتْ هَذِهِ الْآيَةُ مُتَأَخِّرَةً عَنْ تِلْكَ فِي التِّلَاوَةِ كَانَ الْأَوْلَى أَلَّا يُحْكُمَ بِكَوْنِهَا مَنْسُوخَةً بِتِلْكَ.
(الْوَجْهُ الثَّالِثُ) هُوَ أَنَّهُ ثَبَتَ فِي عِلْمِ أُصُولِ الْفِقْهِ أَنَّهُ مَتَى وَقَعَ التَّعَارُضُ بَيْنَ النَّسْخِ وَبَيْنَ التَّخْصِيصِ كَانَ التَّخْصِيصُ أَوْلَى، وَهَا هُنَا إِنْ خَصَّصْنَا هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ بِالْحَالَتَيْنِ - عَلَى مَا هُوَ قَوْلُ مُجَاهِدٍ - انْدَفَعَ النَّسْخُ فَكَانَ الْمَصِيرُ إِلَى قَوْلِ مُجَاهِدٍ أَوْلَى مِنَ الْتِزَامِ النَّسْخِ مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي مُسْلِمٍ فَالْكَلَامُ أَظْهَرُ; لِأَنَّكُمْ تَقُولُونَ: تَقْدِيرُ الْآيَةِ: فَعَلَيْهِمْ وَصِيَّةٌ لِأَزْوَاجِهِمْ، أَوْ تَقْدِيرُهَا: فَلْيُوصُوا وَصِيَّةً، فَأَنْتُمْ تُضِيفُونَ هَذَا الْحُكْمَ إِلَى اللهِ تَعَالَى، وَأَبُو مُسْلِمٍ يَقُولُ بَلْ تَقْدِيرُ الْآيَةِ: ((وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَلَهُمْ وَصِيَّةٌ لِأَزْوَاجِهِمْ، أَوْ تَقْدِيرُهَا: وَقَدْ أَوْصَوْا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ،
فَهُوَ يُضِيفُ هَذَا الْكَلَامَ إِلَى الزَّوْجِ، وَإِذَا كَانَ لَا بُدَّ مِنَ الْإِضْمَارِ فَلَيْسَ إِضْمَارُكُمْ أَوْلَى مِنْ إِضْمَارِهِ، ثُمَّ عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ الْإِضْمَارُ مَا ذَكَرْتُمْ يَلْزَمُ تَطَرُّقُ النَّسْخِ إِلَى الْآيَةِ، وَعِنْدَ هَذَا يَشْهَدُ كُلُّ عَقْلٍ سَلِيمٍ بِأَنَّ إِضْمَارَ أَبِي مُسْلِمٍ أَوْلَى مِنْ إِضْمَارِكُمْ، وَأَنَّ الْتِزَامَ هَذَا النَّسْخِ الْتِزَامٌ لَهُ مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ، مَعَ مَا فِي هَذَا الْقَوْلِ بِهَذَا النَّسْخِ مِنْ سُوءِ التَّرْتِيبِ الَّذِي يَجِبُ تَنْزِيهُ كَلَامِ اللهِ تَعَالَى عَنْهُ، وَهَذَا كَلَامٌ وَاضِحٌ، وَإِذَا عَرَفْتَ هَذَا فَنَقُولُ: هَذِهِ الْآيَةُ مِنْ أَوَّلِهَا إِلَى آخِرِهَا تَكُونُ جُمْلَةً وَاحِدَةً شَرْطِيَّةً فَالشَّرْطُ هُوَ قَوْلُهُ: (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ) وَالْجَزَاءُ هُوَ قَوْلُهُ: (فَإِنْ خَرَجْنَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ) فَهَذَا تَقْدِيرُ قَوْلِ أَبِي مُسْلِمٍ وَهُوَ فِي غَايَةِ الصِّحَّةِ)) اهـ.
أَوْرَدْنَا كَلَامَ الرَّازِيِّ بِنَصِّهِ عَلَى إِسْهَابِهِ وَإِطْنَابِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَفْنِيدِ قَوْلِ الْجُمْهُورِ بِالْحُجَجِ الْبَيِّنَةِ الَّتِي يَقْتَنِعُ بِهَا أُولُو الْأَلْبَابِ، وَلِيَعْلَمَ الْمُقَلِّدُونَ أَنَّ فِي أَشْهَرِ مُفَسِّرِي الْقُرُونِ الْوُسْطَى مَنْ ضَعَّفَ ذَلِكَ الْقَوْلَ وَرَجَّحَ عَلَيْهِ كُلًّا مِنَ الْقَوْلَيْنِ الْمُخَالِفَيْنِ لَهُ، وَاعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ جَوَازِ كَوْنِ النَّاسِخِ مُتَأَخِّرًا عَنِ الْمَنْسُوخِ فِي التِّلَاوَةِ هُوَ مَا قَالَهُ الْأُصُولِيُّونَ، وَإِطْلَاقُ الْقَوْلِ فِيهِ غَرِيبٌ مَا حَمَلَهُمْ عَلَيْهِ إِلَّا تَصْحِيحُ فَهْمِهِمْ لِمِثْلِ هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ أَوِ اغْتِرَارِهِمْ بِتَفْسِيرِ الْجُمْهُورِ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 2  صفحه : 355
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست