responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 2  صفحه : 311
تَنْكِحُ زَوْجًا. وَهَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِحَدِيثِ الْعُسَيْلَةِ الصَّحِيحِ وَالْمُنْطَبِقِ عَلَى الْحِكْمَةِ فِي مَنْعِ الْمُرَاجَعَةِ.
رَوَى الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَغَيْرُهُمْ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ قَالَتْ: ((جَاءَتِ امْرَأَةُ رِفَاعَةَ الْقُرَظِيِّ إِلَى رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَتْ: إِنِّي كُنْتُ عِنْدَ رِفَاعَةَ فَطَلَّقَنِي فَبَتَّ طَلَاقِي فَتَزَوَّجَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الزُّبَيْرِ وَمَا مَعَهُ إِلَّا مِثْلُ هُدْبَةِ الثَّوْبِ، فَتَبَسَّمَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَ: أَتُرِيدِينَ أَنْ تَرْجِعِي إِلَى رِفَاعَةَ؟ لَا، حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ وَيَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ)) وَالْعُسَيْلَةُ كِنَايَةٌ عَنْ أَقَلِّ مَا يَكُونُ مِنْ تَغَشِّي الرَّجُلِ لِلْمَرْأَةِ. وَذَكَرَ السُّيُوطِيُّ فِي أَسْبَابِ النُّزُولِ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي امْرَأَةِ رِفَاعَةَ هَذِهِ وَاسْمُهَا عَائِشَةُ بِنْتُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَتِيكٍ، وَرِفَاعَةُ بْنُ وَهَبِ بْنِ عَتِيكٍ ابْنُ عَمِّهَا. وَسَاقَ الْحَدِيثَ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْمُنْذِرِ عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ، وَفِيهِ أَنَّهَا قَالَتْ: ((إِنَّهُ طَلَّقَنِي - أَيْ عَبْدَ الرَّحْمَنِ زَوْجَهَا الثَّانِيَ - قَبْلَ أَنْ يَمَسَّنِي أَفَأَرْجِعُ إِلَى الْأَوَّلِ؟ قَالَ: لَا حَتَّى يَمَسَّ)) .
وَقَالَ الْمُفَسِّرُونَ وَالْفُقَهَاءُ فِي حِكْمَةِ ذَلِكَ: إِنَّهُ إِذَا عَلِمَ الرَّجُلُ أَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تَحِلُّ لَهُ بَعْدَ أَنْ يُطَلِّقَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ إِلَّا إِذَا نَكَحَتْ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنَّهُ يَرْتَدِعُ ; لِأَنَّهُ مِمَّا تَأْبَاهُ غَيْرَةُ الرِّجَالِ وَشَهَامَتُهُمْ، وَلَا سِيَّمَا إِذَا كَانَ الزَّوْجُ الْآخَرُ عَدُوًّا أَوْ مُنَاظِرًا لِلْأَوَّلِ، وَلَنَا أَنْ نَزِيدَ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ الَّذِي يُطَلِّقُ زَوْجَتَهُ ثُمَّ يَشْعُرُ بِالْحَاجَةِ إِلَيْهَا فَيَرْتَجِعُهَا نَادِمًا عَلَى طَلَاقِهَا، ثُمَّ يَمْقُتُ عِشْرَتَهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَيُطَلِّقُهَا، ثُمَّ يَبْدُو لَهُ وَيَتَرَجَّحُ عِنْدَهُ عَدَمُ الِاسْتِغْنَاءِ عَنْهَا فَيَرْتَجِعُهَا ثَانِيَةً، فَإِنَّهُ يَتِمُّ لَهُ بِذَلِكَ اخْتِبَارُهَا; لِأَنَّ الطَّلَاقَ رُبَّمَا جَاءَ عَنْ غَيْرِ رَوِيَّةٍ تَامَّةٍ وَمَعْرِفَةٍ صَحِيحَةٍ مِنْهُ بِمِقْدَارِ حَاجَتِهِ إِلَى امْرَأَتِهِ، وَلَكِنَّ الطَّلَاقَ الثَّانِيَ لَا يَكُونُ كَذَلِكَ; لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ إِلَّا بَعْدَ النَّدَمِ عَلَى مَا كَانَ أَوَّلًا وَالشُّعُورِ بِأَنَّهُ كَانَ خَطَأً، وَلِذَلِكَ قُلْنَا: إِنَّ الِاخْتِبَارَ يَتِمُّ بِهِ، فَإِذَا هُوَ رَاجَعَهَا بَعْدَهُ كَانَ ذَلِكَ تَرْجِيحًا لِإِمْسَاكِهَا عَلَى تَسْرِيحِهَا، وَيَبْعُدُ أَنْ يَعُودَ إِلَى تَرْجِيحِ التَّسْرِيحِ بَعْدَ أَنْ رَآهُ بِالِاخْتِبَارِ التَّامِّ مَرْجُوحًا، فَإِنْ هُوَ عَادَ وَطَلَّقَ ثَالِثَةً كَانَ نَاقِصَ الْعَقْلِ وَالتَّأْدِيبِ، فَلَا يَسْتَحِقُّ أَنْ تُجْعَلَ الْمَرْأَةُ كُرَةً بِيَدِهِ يَقْذِفُهَا مَتَى شَاءَ تَقَلُّبُهُ وَيَرْتَجِعُهَا مَتَى شَاءَ هَوَاهُ، بَلْ يَكُونُ مِنَ الْحِكْمَةِ أَنْ تَبِينَ مِنْهُ وَيَخْرُجَ أَمْرُهَا مِنْ يَدِهِ، لِأَنَّهُ عَلِمَ أَنْ لَا ثِقَةَ بِالْتِئَامِهَا وَإِقَامَتِهِمَا حُدُودَ اللهِ تَعَالَى، فَإِنِ اتَّفَقَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ تَزَوَّجَتْ بِرَجُلٍ آخَرَ عَنْ رَغْبَةٍ
وَاتَّفَقَ أَنْ طَلَّقَهَا الْآخَرُ أَوْ مَاتَ عَنْهَا، ثُمَّ رَغِبَ فِيهَا الْأَوَّلُ وَأَحَبَّ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِهَا - وَقَدْ عَلِمَ أَنَّهَا صَارَتْ فِرَاشًا لِغَيْرِهِ - وَرَضِيَتْ هِيَ بِالْعُودِ إِلَيْهِ، فَإِنَّ الرَّجَاءَ فِي الْتِئَامِهِمَا وَإِقَامَتِهِمَا حُدُودَ اللهِ تَعَالَى يَكُونُ حِينَئِذٍ قَوِيًّا جِدًّا، وَلِذَلِكَ أَحَلَّتْ لَهُ بَعْدَ الْعِدَّةِ، وَقَدْ شَرَحْنَا الْحِكْمَةَ بِنَاءً عَلَى مَا فَسَّرْنَا بِهِ كَوْنَ الطَّلَاقِ مَرَّتَيْنِ، وَكَوْنَ النِّكَاحِ لِزَوْجٍ آخَرَ هُوَ مَا يَكُونُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ بِالْعَقْدِ الصَّحِيحِ وَهُوَ الْحَقُّ.
(فَإِنْ طَلَّقَهَا) الزَّوْجُ الثَّانِي (فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا) أَيِ: الزَّوْجِ الثَّانِي وَالْمَرْأَةِ (أَنْ يَتَرَاجَعَا) هَذَا مَا اخْتَارَهُ الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ خِلَافًا (لِلْجَلَالِ) وَغَيْرِهِ مِنَ الْقَائِلِينَ: إِنَّ الْمُرَادَ الزَّوْجُ الْأَوَّلُ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 2  صفحه : 311
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست