responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 2  صفحه : 309
وَعُرْفًا أَنْ تَطْلُبَ الطَّلَاقَ، وَقَدْ رُفِعَ عَنْهَا الْجُنَاحُ فِيهِ بِهَذَا الْعُذْرِ، وَهُوَ عِلْمُهَا بِتَعَذُّرِ إِقَامَةِ حُدُودِ اللهِ فِي الزَّوْجِيَّةِ.
وَقَدْ يُقَالُ: إِنْ هُنَاكَ حَالَةً ثَانِيَةً وَهِيَ أَنْ يَكْرَهَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْآخَرَ وَيَوَدَّ فِرَاقَهُ. وَيَقُولُ: إِنَّ الْمَطْلُوبَ فِي هَذِهِ الْحَالِ الصَّبْرُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: (فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا) (4: 19) فَإِنْ صَبَرَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ جَاءَ الْوَجْهَانِ السَّابِقَانِ، وَإِنِ اتَّفَقَا عَلَى الْفِرَاقِ خَوْفًا مِنَ الشِّقَاقِ، وَرَضِيَتِ الْمَرْأَةُ بِأَنْ تُعْطِيَهُ شَيْئًا صُدِّقَ عَلَيْهَا أَنَّهَا هِيَ الطَّالِبَةُ لِلْفَسْخِ.
وَجُمْلَةُ الْقَوْلِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا شَيْئًا إِلَّا بِرِضَاهَا وَاخْتِيَارِهَا مِنْ غَيْرِ إِيذَاءٍ مِنْهُ وَلَا مُضَارَّةٍ، وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا مَا وَرَدَ فِي نُزُولِ الْآيَةِ.
أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ والْبَيْهَقِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ((أَنَّ جَمِيلَةَ بِنْتَ عَبْدِ اللهِ ابْنِ سَلُولَ امْرَأَةَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ أَتَتِ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ مَا أَعْتِبُ عَلَيْهِ فِي خُلُقٍ وَلَا دِينٍ، وَلَكِنِّي
لَا أُطِيقُهُ بُغْضًا، وَأَكْرَهُ الْكُفْرَ فِي الْإِسْلَامِ (أَيْ: كُفْرَ نِعْمَةِ الْعَشِيرِ وَخِيَانَتَهُ) قَالَ: أَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ: أَقْبَلُ الْحَدِيقَةَ، وَطَلَّقَهَا تَطْلِيقَةً)) وَلَفْظُ ابْنِ مَاجَهْ ((فَأَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا حَدِيقَتَهُ وَلَا يَزْدَادَ)) وَذَكَرَ السُّيُوطِيُّ فِي أَسْبَابِ النُّزُولِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ أَنَّ قَوْلَهُ: (وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا) إِلَخْ، نَزَلَ فِي ذَلِكَ. وَقَدْ زَعَمَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ مَنْسُوخَةٌ بِآيَةِ النِّسَاءِ الَّتِي لَا اسْتِثْنَاءَ فِيهَا، وَلَا دَلِيلَ عَلَى ذَلِكَ، وَالْجُمْهُورُ عَلَى خِلَافِهِ.
وَهَذَا الْفِرَاقُ الْمَبْنِيُّ عَلَى الِافْتِدَاءِ يُسَمَّى الْخُلْعُ. وَقَدِ اخْتَلَفَ فِيهِ الْعُلَمَاءُ: هَلْ هُوَ طَلَاقٌ أَمْ فَسْخٌ؟ وَلِكُلِّ مَذْهَبٍ أَدِلَّةٌ لَيْسَ التَّفْسِيرُ بِمَحَلٍّ لَهَا، وَيَتَرَتَّبُ عَلَى هَذَا الِاخْتِلَافِ فِي عَدِّهِ مِنَ الطَّلَقَاتِ الثَّلَاثِ أَمْ لَا، وَفِي عِدَّةِ الْمُخْتَلِعَةِ. فَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهَا كَعِدَّةِ الْمُطَلَّقَةِ، وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيِّ وَالنَّسَائِيِّ وَالْحَاكِمِ ((أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ امْرَأَةَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ أَنْ تَعْتَدَّ بِحَيْضَةٍ)) مِثْلُهُ حَدِيثُ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ.
ثُمَّ خَتَمَ الْآيَةَ بِوَعِيدِ مَنْ يُخَالِفُ هَذِهِ الْأَحْكَامَ فَقَالَ: (تِلْكَ حُدُودُ اللهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا) أَيْ: هَذِهِ الْأَوَامِرُ وَالنَّوَاهِي هِيَ حُدُودُ اللهِ لِلْمُعَامَلَةِ الزَّوْجِيَّةِ فَلَا تَتَجَاوَزُوهَا بِالْمُخَالَفَةِ (وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) الَّذِينَ صَارَ الظُّلْمُ وَصْفًا لَازِمًا لَهُمْ مُتَمَكِّنًا مِنَ أَنُفُسِهِمْ دُونَ الْمُلْتَزِمِينَ لَهَا، وَالظُّلْمُ آفَةُ الْعُمْرَانِ وَمُهْلِكُ الْأُمَمِ، وَإِنَّ ظُلْمَ الْأَزْوَاجِ لِلْأَزْوَاجِ أَعْرَقُ فِي الْإِفْسَادِ، وَأَعْجَلُ فِي الْإِهْلَاكِ مِنْ ظُلْمِ الْأَمِيرِ لِلرَّعِيَّةِ ; لِأَنَّ رَابِطَةَ الزَّوْجِيَّةِ أَمْتَنُ الرَّوَابِطِ وَأَحْكَمُهَا فَتُلَافِي الْفِطْرَةَ، فَإِذَا فَسَدَتِ الْفِطْرَةُ فَسَادًا انْتَكَثَ بِهِ هَذَا الْقَتْلُ، وَانْقَطَعَ هَذَا

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 2  صفحه : 309
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست