responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 2  صفحه : 307
بِهَا; لِأَنَّ الْعَمَلَ عِنْدَهُمْ عَلَى أَقْوَالِ كُتُبِهِمْ دُونَ كِتَابِ اللهِ تَعَالَى وَسُنَّةِ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: (فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ) فِيهِ وَجْهَانِ:
(أَحَدُهُمَا) أَنَّ مَعْنَاهُ: فَالْوَاجِبُ عَلَيْكُمْ إِمَّا إِمْسَاكٌ لِلْمَرْأَةِ مَعَ الْمُعَاشَرَةِ بِالْمَعْرُوفِ، وَإِمَّا تَسْرِيحُهَا بِإِمْضَاءِ الطَّلَاقِ مَعَ الْإِحْسَانِ إِلَيْهَا فِي الْمُعَامَلَةِ وَالتَّمْتِيعِ بِمَالٍ لَائِقٍ بِهِ، وَهُوَ مَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ قَرِيبًا، وَيَسْتَلْزِمُ اتِّقَاءَ الْإِهَانَةِ وَالْإِسَاءَةِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ لَيْسَ لَكُمْ بَعْدَ الْمَرَّتَيْنِ إِلَّا أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ: الْإِمْسَاكُ بِالْمَعْرُوفِ أَوِ التَّسْرِيحُ; أَيِ: الطَّلَاقُ بِالْإِحْسَانِ، وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ أَبِي رَزِينٍ الْأَسَدِيِّ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ وَغَيْرِهِ ((أَنَّهُ سَأَلَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَمِعْتُ اللهَ يَقُولُ: (الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ) فَأَيْنَ الثَّالِثَةُ؟ فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ) وَعَلَى هَذَا يَكُونُ قَوْلُهُ: (فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ) فِي الْآيَةِ الْآتِيَةِ بِمَعْنَى هَذَا، فَإِنِ اخْتَارَ الْأَمْرَ الثَّانِيَ وَهُوَ التَّسْرِيحُ فَطَلَّقَهَا بَانَتْ مِنْهُ وَلَا تَحِلُّ لَهُ إِلَى آخِرَ مَا سَيَأْتِي مَعَ حِكْمَتِهِ لَا أَنَّهُ دَلِيلٌ عَلَى طَلْقَةٍ رَابِعَةٍ.
بَعْدَ أَنْ فَرَضَ اللهُ سُبْحَانَهُ الْإِحْسَانَ عَلَى مَنِ اخْتَارَ التَّسْرِيحَ حَرَّمَ عَلَيْهِمْ أَخْذَ شَيْءٍ مِنَ الْمَرْأَةِ فَقَالَ: (وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا) وَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ الْمَهْرُ وَغَيْرُهُ مِمَّا يُعْطِيهِ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ عَلَى سَبِيلِ التَّمْلِيكِ، بَلْ يَجِبُ أَنْ يُمَتِّعَهَا بِشَيْءٍ مِنْ مَالِهِ زَائِدًا عَلَى ذَلِكَ (فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ) (33: 49) .
قَالَ الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ (رَضِيَ اللهُ عَنْهُ) : إِنَّ أَخْذَ الرَّجُلِ شَيْئًا مِنْ مَالِ مُطَلَّقَتِهِ مُنَافٍ لِلْإِحْسَانِ فَالْأَمْرُ بِالْإِحْسَانِ يَسْتَلْزِمُهُ، وَإِنَّمَا صَرَّحَ بِهِ لِمَزِيدِ رَأْفَتِهِ سُبْحَانَهُ بِالنِّسَاءِ، وَتَأْكِيدِهِ تَحْذِيرَ الرِّجَالِ الْأَقْوِيَاءِ مِنْ ظُلْمِهِنَّ حُقُوقَهُنَّ، وَقَدْ كَرَّرَ هَذَا النَّهْيَ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ: (وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مَهْ شَيْئًا) (4: 20) إِلَخْ، الْآيَتَيْنِ، وَمَحَلُّ هَذَا الْحُكْمِ إِذَا كَانَ الزَّوْجُ هُوَ الَّذِي اخْتَارَ فِرَاقَ الْمَرْأَةِ وَرَغِبَ عَنْهَا، وَأَمَّا إِذَا كَانَتْ هِيَ الرَّاغِبَةَ عَنْهُ الطَّالِبَةَ لِفِرَاقِهِ،
وَخِيفَ أَنْ تَتَوَسَّلَ إِلَيْهِ بِالنُّشُوزِ وَسُوءِ الْعِشْرَةِ لِكَرَاهَتِهَا إِيَّاهُ أَوْ لِسُوءِ خُلُقِهَا، لَا لِمُضَارَّتِهِ لَهَا; فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا حِينَئِذٍ فِيمَا يَأْخُذُهُ مِنْهَا لِإِطْلَاقِ سَرَاحِهَا، إِذْ لَا يُكَلَّفُ خَسَارَةَ امْرَأَتِهِ وَمَالِهِ بِغَيْرِ ذَنْبٍ مِنْهُ; وَلِذَلِكَ قَالَ تَعَالَى: (إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللهِ) الَّتِي حَدَّهَا لِلزَّوْجَيْنِ مِنْ حُسْنِ الْمُعَاشَرَةِ وَالْمُمَاثَلَةِ فِي الْحُقُوقِ مَعَ وِلَايَةِ الرَّجُلِ، وَالتَّعَاوُنِ عَلَى الْقِيَامِ بِأَمْرِ الْمَنْزِلِ وَتَرْبِيَةِ الْأَوْلَادِ وَعَدَمِ الْمُضَارَّةِ لِقَوْلِهِ: (وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ) (65: 6) وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَذَلِكَ بِأَنْ تَخَافَ الْمَرْأَةُ أَنْ تَعْصِيَ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 2  صفحه : 307
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست