responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 2  صفحه : 289
الَّذِينَ يَقِفُونَ عِنْدَ الْحُدُودِ وَيَتَّبِعُونَ هُدَى اللهِ تَعَالَى فِي أَمْرِ النِّسَاءِ وَالْأَوْلَادِ، وَقَدْ حَذَفَ مَا بِهِ الْبِشَارَةُ; لِيُفِيدَ أَنَّهُ عَامٌّ يَشْمَلُ مَنَافِعَ الدُّنْيَا وَنَعِيمَ الْآخِرَةِ، وَلَا يَعْزُبُ عَنْ فِكْرِ الْعَاقِلِ أَنَّ مَنْ يَخْتَارُ لِنَفْسِهِ الْمَرْأَةَ الصَّالِحَةَ وَلَا يَخْرُجُ فِي شَأْنِ الزَّوْجِيَّةِ عَنْ سُنَّةِ الْفِطْرَةِ وَالشَّرِيعَةِ فِي ابْتِغَاءِ الْوَلَدِ، ثُمَّ إِنَّهُ يُحْسِنُ تَرْبِيَةَ مَا يَرْزُقُهُ اللهُ مِنْ وَلَدٍ فَإِنَّهُ يَكُونُ فِي الدُّنْيَا قَرِيرَ الْعَيْنِ بِحُسْنِ حَالِهِ
وَحَالِ أَهْلِهِ وَسَعَادَةِ بَيْتِهِ، وَأَمَّا الَّذِينَ تَطْغَى بِهِمْ شَهَوَاتُهُمْ فَتُخْرِجُهُمْ عَنِ الْحُدُودِ وَالسُّنَنِ فَإِنَّهُمْ لَا يَسْلَمُونَ مِنَ الْمُنَغِّصَاتِ وَالشَّقَاءِ فِي حَيَاتِهِمُ الدُّنْيَا، وَهُمْ فِي الْآخِرَةِ أَشْقَى وَأَضَلُّ سَبِيلًا، وَإِنَّمَا سَعَادَةُ الدَّارَيْنِ فِي تَكْمِيلِ النَّفْسِ بِالِاعْتِقَادِ الصَّحِيحِ، وَالْأَخْلَاقِ الْمُعْتَدِلَةِ، وَتِلْكَ هِيَ الْفِطْرَةُ السَّلِيمَةُ، وَالتَّعْبِيرُ بِالْمُؤْمِنِينَ يُشْعِرُ بِأَنَّ الْعَمَلَ وَالِامْتِثَالَ وَالْإِذْعَانَ مِمَّا يَتَحَقَّقُ بِهِ إِيمَانُ الْمُؤْمِنِ وَأَنَّ فَائِدَةَ الْإِيمَانِ بِثَمَرَاتِهِ هَذِهِ، وَإِنْ شِئْتَ قُلْتَ بِتَمَامِ أَرْكَانِهِ وَهِيَ الِاعْتِقَادُ وَالْقَوْلُ وَالْفِعْلُ، كَمَا وَرَدَ فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ الْمُبَيِّنَةِ لِلْآيَاتِ الْكَرِيمَةِ الدَّامِغَةِ لِلَّذِينِ يَفْصِلُونَ بَيْنَ الِاعْتِقَادِ وَالْأَعْمَالِ اللَّازِمَةِ لَهُ.
وَإِنَّنَا نُعِيدُ التَّنْبِيهَ لِلِاقْتِدَاءِ بِنَزَاهَةِ الْقُرْآنِ فِي التَّعْبِيرِ عَنِ الْأُمُورِ الَّتِي يُسْتَحْيَا مِنَ التَّصْرِيحِ بِهَا بِالْكِنَايَاتِ الْبَعِيدَةِ الَّتِي يُفْهَمُ مِنْهَا الْمُرَادُ وَلَا تَسْتَحِي مِنْ تِلَاوَتِهَا الْعَذْرَاءُ فِي خِدْرِهَا، فَإِنَّ الْإِتْيَانَ بِمَعْنَى الْمَجِيءِ فَهُوَ كِنَايَةٌ لَطِيفَةٌ كَقَوْلِهِ: (وَلَا تَقْرُبُوهُنَّ) وَتَشْبِيهُ النِّسَاءِ بِالْحَرْثِ لَا يَخْفَى حُسْنُهُ، فَأَيْنَ هَذِهِ النَّزَاهَةُ مِمَّا تَرَاهُ لِبَعْضِهِمْ فِي تَفْسِيرِهَا وَتَفْسِيرِ أَمْثَالِهَا مِنَ الْآيَاتِ الْمُعْجِزَةِ بِنَزَاهَتِهَا كَإِعْجَازِهَا بِبَلَاغَتِهَا، وَمِمَّا تَرَاهُ فِي بَعْضِ كُتُبِ الدِّينِ الْأُخْرَى مِنَ الْعِبَارَاتِ الْمُسْتَهْجَنَةِ الَّتِي قَدْ يُسْتَغْنَى عَنْهَا فِي بَيَانِ الْمُرَادِ مِنْهَا؟ !
(وَلَا تَجْعَلُوا اللهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)
هَذِهِ الْآيَاتُ فِي أَحْكَامِ الْأَيْمَانِ، وَهِيَ عَامَّةٌ وَخَاصَّةٌ وَالثَّانِي هُوَ حَلِفُ الرَّجُلِ
أَلَّا يَقْرَبَ امْرَأَتَهُ وَخُصَّ بِاسْمِ الْإِيلَاءِ فِي عُرْفِ الشَّرْعِ كَمَا سَيَأْتِي، فَبَيْنَ الْآيَاتِ وَمَا قَبْلَهَا وَمَا بَعْدَهَا تَنَاسُبٌ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ.

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 2  صفحه : 289
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست