responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 2  صفحه : 27
وَعَطَّلَتْ مَا أَعْطَاهَا اللهُ مِنْ مَوَاهِبِ الْمَشَاعِرِ وَالْعَقْلِ وَالْمُلْكِ فَلَمْ تَسْتَعْمِلْهَا فِيمَا خُلِقَتْ لَهُ، وَهَكَذَا انْحَرَفُوا بِكُلِّ شَيْءٍ عَنْ أَصْلِهِ، فَسَلَبَهُمُ اللهُ مَا كَانَ وَهَبَهُمْ تَأْدِيبًا لَهُمْ وَلِغَيْرِهِمْ، ثُمَّ رَحِمَهُمْ بِأَنْ أَرْسَلَ إِلَيْهِمْ خَاتَمَ النَّبِيِّينَ بِهِدَايَةٍ عَامَّةٍ تُعَرِّفُهُمْ وَجْهَ تِلْكَ الْعُقُوبَاتِ الْإِلَهِيَّةِ وَتُحَذِّرُهُمُ الْعَوْدَ إِلَى أَسْبَابِهَا، وَقَدِ امْتَثَلَ الْمُسْلِمُونَ هَذِهِ الْأَوَامِرَ زَمَنًا قَصِيرًا فَسَعِدُوا، ثُمَّ تَرَكُوهَا بِالتَّدْرِيجِ فَحَلَّ بِهِمْ مَا نَرَى كَمَا قَالَ: (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ) (14: 7) فَإِذَا عَادُوا عَادَ اللهُ عَلَيْهِمْ بِمَا كَانَ أَعْطَى سَلَفَهُمْ وَإِلَّا كَانُوا مِنَ الْهَالِكِينَ.
(يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ)
ذَهَبَ الَّذِينَ يَنْظُرُونَ مِنَ الْقُرْآنِ فِي جُمَلِهِ وَآيَاتِهِ مُفَكَّكَةً مُنْفَصِلًا بَعْضُهَا عَنْ بَعْضٍ ; الْتِمَاسًا لِسَبَبِ النُّزُولِ فِي كُلِّ آيَةٍ أَوْ جُمْلَةٍ أَوْ كَلِمَةٍ، وَلَا يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ فِي سِيَاقِ جُمَلِهِ وَكَمَالِ نَظْمِهِ إِلَى أَنَّ الْأَمْرَ بِالِاسْتِعَانَةِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ) هُوَ لِلِاسْتِعَانَةِ عَلَى أَمْرِ الْآخِرَةِ وَالِاسْتِعْدَادِ لَهَا، وَأَنَّ الْمُرَادَ بِالصَّبْرِ فِيهِ الصَّبْرُ عَنِ الْمَعَاصِي وَحُظُوظِ النَّفْسِ، وَاعْتَمَدَهُ الْبَيْضَاوِيُّ وَغَيْرُهُ، أَوْ عَلَى الطَّاعَاتِ، وَبِهَذَا صَرَّحَ (الْجَلَالُ) ، وَقَدْ أَوْرَدَ قَوْلَهُ الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ وَسَأَلَ اللهَ تَعَالَى الصَّبْرَ عَلَى احْتِمَالِ مِثْلِ هَذَا الْكَلَامِ. وَالتَّحْقِيقُ أَنَّهُ عَامٌّ فِي كُلِّ عَمَلٍ نَفْسِيٍّ أَوْ بَدَنِيٍّ أَوْ تَرْكٍ يَشُقُّ عَلَى النَّفْسِ، كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ حَذْفُ مُتَعَلِّقِهِ، وَالْمَعْنَى: اسْتَعِينُوا عَلَى إِقَامَةِ دِينِكُمْ وَالدِّفَاعِ عَنْهُ وَعَلَى سَائِرِ مَا يَشُقُّ عَلَيْكُمْ مِنْ مَصَائِبِ الْحَيَاةِ بِالصَّبْرِ وَتَوْطِينِ النَّفْسِ عَلَى احْتِمَالِ الْمَكَارِهِ، وَبِالصَّلَاةِ الَّتِي تَكْبُرُ بِهَا الثِّقَةُ بِاللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَتَصْغُرُ بِمُنَاجَاتِهِ فِيهَا كُلُّ الْمَشَاقِّ وَأَعَمُّهَا الْمَصَائِبُ الْمَذْكُورَةُ فِي الْآيَاتِ بَعْدَهُ، وَلَا سِيَّمَا الْأَعْمَالُ الْعَامَّةُ النَّفْعِ كَالْجِهَادِ الْمُشَارِ إِلَيْهِ فِي الْآيَةِ التَّالِيَةِ. وَقَدْ بَيَّنَ شَيْخُنَا أَهَمَّ مَوَاضِعِهِ الَّتِي يَدُلُّ عَلَيْهَا السِّيَاقُ مَعَ بَيَانِ التَّنَاسُبِ بَيْنَ الْآيَاتِ وَوَجْهِ الِاتِّصَالِ بِمَا مِثَالُهُ مُوَضَّحًا.

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 2  صفحه : 27
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست