responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 2  صفحه : 245
اللهِ، وَبَذْلُ الْمَالِ كَبَذْلِ النَّفْسِ كِلَاهُمَا مِنْ آيَاتِ الْإِيمَانِ، فَكَأَنَّ السَّامِعَ لِمَا تَقَدَّمَ تَتَوَجَّهُ نَفْسُهُ إِلَى الْبَذْلِ فَيَسْأَلُ عَنْ طَرِيقِهِ، فَجَاءَ بَعْدَهُ السُّؤَالُ مَقْرُونًا بِالْجَوَابِ.
وَقَدْ وَرَدَ فِي أَسْبَابِ النُّزُولِ أَنَّ السُّؤَالَ وَقَعَ بِالْفِعْلِ؛ أَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: سَأَلَ الْمُؤْمِنُونَ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَيْنَ يَضَعُونَ أَمْوَالَهُمْ فَنَزَلَتِ الْآيَةُ، وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ أَبِي حَيَّانَ أَنَّ عَمْرَو بْنَ الْجَمُوحِ سَأَلَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: مَاذَا نُنْفِقُ مِنْ أَمْوَالِنَا وَأَيْنَ نَضَعُهَا؟ فَنَزَلَتْ. قَالَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ: إِنَّ هَذَا مِنْ رِوَايَةِ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَقَالَ غَيْرُهُ: إِنَّهَا مِنْ رِوَايَةِ الْكَلْبِيِّ عَنْهُ وَهِيَ وَاحِدَةٌ. قَالُوا: إِنَّهَا أَوْهَى الرِّوَايَاتِ عَنْهُ. وَعَنْ عَطَاءٍ عَنْهُ: أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي رَجُلٍ أَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
فَقَالَ: إِنَّ لِي دِينَارًا فَقَالَ: ((أَنْفِقْهُ عَلَى نَفْسِكَ)) قَالَ: إِنَّ لِي دِينَارَيْنِ، قَالَ: ((أَنْفِقْهُمَا عَلَى أَهْلِكَ)) قَالَ: إِنَّ لِي ثَلَاثَةً، قَالَ: ((أَنْفِقْهَا عَلَى خَادِمِكَ)) قَالَ إِنَّ لِي أَرْبَعَةً، قَالَ: ((أَنْفِقْهَا عَلَى وَالِدَيْكَ)) قَالَ: إِنَّ لِي خَمْسَةً، قَالَ: ((أَنْفِقْهَا عَلَى قَرَابَتِكَ)) قَالَ: إِنَّ لِي سِتَّةً، قَالَ: ((أَنْفِقْهَا فِي سَبِيلِ اللهِ تَعَالَى)) هَكَذَا أَوْرَدَ الْحَدِيثَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ، وَهُوَ عِنْدُ أَحْمَدَ وَالنَّسَائِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ بِسِيَاقٍ آخَرَ; وَهُوَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: ((تَصَدَّقُوا)) فَقَالَ رَجُلٌ: عِنْدِي دِينَارٌ، قَالَ: ((تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى نَفْسِكَ)) قَالَ: عِنْدِي دِينَارٌ آخَرُ، قَالَ: ((تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى زَوْجِكَ)) قَالَ: عِنْدِي دِينَارٌ آخَرُ، قَالَ: ((تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى وَلَدِكَ)) قَالَ عِنْدِي دِينَارٌ آخَرُ، قَالَ: ((تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى خَادِمِكَ)) قَالَ: عِنْدِي دِينَارٌ آخَرُ، قَالَ: ((أَنْتَ أَبْصَرُ بِهِ)) وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَلَكِنَّهُ قَدَّمَ الْوَلَدَ عَلَى الزَّوْجَةِ، وَرَوَاهُ أَيْضًا الشَّافِعِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَلَمْ يَذْكُرُوا أَنَّ ذَلِكَ كَانَ سَبَبَ نُزُولِ الْآيَةِ.
وَقَدْ زَعَمَ كَثِيرٌ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ أَنَّ الْجَوَابَ غَيْرُ مُطَابِقٍ لِلسُّؤَالِ; لِأَنَّهُ بَيَانٌ لِمَنْ يُنْفَقُ عَلَيْهِ لَا لِمَا يُنْفَقْ، وَخَرَّجُوهَا عَلَى أُسْلُوبِ الْحَكِيمِ، كَأَنَّهُ قَالَ: إِنَّهُ يَنْبَغِي السُّؤَالُ عَمَّنْ يُنْفَقُ عَلَيْهِ لَا عَنْ جِنْسِ مَا يُنْفِقُ أَوْ نَوْعِهِ، وَلَيْسَ مَا قَالُوا بِصَوَابٍ; فَإِنَّ جَعْلَ السُّؤَالِ بِـ ((مَا)) خَاصًّا بِالسُّؤَالِ عَنِ الْمَاهِيَّةِ وَالْحَقِيقَةِ مِنِ اصْطِلَاحِ عُلَمَاءِ الْمَنْطِقِ لَا مِنْ أَسَالِيبِ الْعَرَبِيَّةِ. قَالَ الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ: لَيْسَ الْمُرَادُ السُّؤَالَ عَنْ جِنْسِ مَا يُنْفَقُ أَوْ نَوْعِهِ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ أَوْ بُرٍّ أَوْ شَعِيرٍ، وَإِنَّمَا السُّؤَالُ عَنْ كَيْفِيَّةِ الْإِنْفَاقِ وَتَوْجِيهِهِ إِلَى الْأَحَقِّ بِهِ، وَذَلِكَ مَفْهُومٌ لِكُلِّ عَرَبِيٍّ، وَلَيْسَ أُسْلُوبُ الْقُرْآنِ جَارِيًا عَلَى مَذْهَبِ أَرِسْطُو فِي مَنْطِقِهِ وَإِنَّمَا هُوَ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ، وَسَبَقَ الْقَفَّالُ إِلَى بَيَانِ ذَلِكَ فَقَالَ: إِنَّهُ وَإِنْ كَانَ السُّؤَالُ وَارِدًا بِلَفْظِ ((مَا)) إِلَّا أَنَّ الْمَقْصُودَ السُّؤَالُ عَنِ الْكَيْفِيَّةِ; لِأَنَّهُمْ كَانُوا عَالِمِينَ أَنَّ الَّذِي أُمِرُوا بِهِ إِنْفَاقُ مَالٍ يَخْرُجُ قُرْبَةً إِلَى اللهِ تَعَالَى، وَإِذَا كَانَ هَذَا مَعْلُومًا لَمْ يَنْصَرِفِ الْوَهْمُ إِلَى أَنَّ ذَلِكَ الْمَالَ أَيُّ شَيْءٍ هُوَ؟ وَإِذَا خَرَجَ هَذَا عَنْ أَنْ يَكُونَ مُرَادًا تَعَيَّنَ أَنَّ الْمَطْلُوبَ بِالسُّؤَالِ مَصْرَفُهُ أَيُّ شَيْءٍ هُوَ؟ حِينَئِذٍ يَكُونُ الْجَوَابُ مُطَابِقًا لِلسُّؤَالِ،

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 2  صفحه : 245
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست