responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 2  صفحه : 184
بِالْفَتْحِ وَالْبَاقُونَ بِالْفَتْحِ. وَهُوَ أَبْلَغُ ; لِأَنَّهُ نَفْيٌ لِجِنْسِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ يَشْمَلُ جَمِيعَ أَفْرَادِهَا بِالنَّصِّ وَيَتَضَمَّنُ مَعْنَى النَّهْيِ عَنْهَا بِطَرِيقِ الْأَوْلَوِيَّةِ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى بَعْدَ النَّهْيِ عَنْ هَذِهِ الْمَحْظُورَاتِ: (وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللهُ) وَفِيهِ الْتِفَاتٌ إِلَى الْخِطَابِ وَيُشْعِرُ الْعَطْفُ بِمَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ أَنِ اتْرُكُوا هَذِهِ الْأُمُورَ الْمَمْنُوعَةَ فِي الْحَجِّ لِتَخْلِيَةِ نُفُوسِكُمْ وَتَصْفِيَتِهَا، وَحَلُّوهَا بَعْدَ ذَلِكَ بِفِعْلِ الْخَيْرِ لِتَتِمَّ لَكُمْ تَزْكِيَّتُهَا، فَإِنَّ النُّفُوسَ بَعْدَ ذَلِكَ تَكُونُ أَشَدَّ اسْتِعْدَادًا لِلِاتِّصَافِ بِالْخَيْرِ، وَاللهُ لَا يُضِيعُ عَلَيْكُمْ أَقَلَّ شَيْءٍ مِنْهُ ; لِأَنَّهُ عَالِمٌ بِهِ وَبِأَنَّكُمْ وَافَقْتُمْ فِيهِ سُنَّتَهُ وَشَرِيعَتَهُ (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى) قَالُوا: إِنَّ هَذَا نَزَلَ فِي رَدْعِ أَهْلِ الْيَمَنِ عَنْ تَرْكِ التَّزَوُّدِ زَعْمًا أَنَّهُ مِنْ مُقْتَضَى التَّوَكُّلِ عَلَى اللهِ فَقَدْ أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُمْ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: كَانَ أَهْلُ الْيَمَنِ يَحُجُّونَ وَلَا يَتَزَوَّدُونَ وَيَقُولُونَ: نَحْنُ مُتَوَكِّلُونَ، ثُمَّ يَقْدُمُونَ فَيَسْأَلُونَ النَّاسَ فَنَزَلَتْ. فَالْمُرَادُ بِالتَّقْوَى عَلَى هَذَا اتِّقَاءُ السُّؤَالِ وَبَذْلِ مَاءِ الْوَجْهِ.
قَالَ الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ: وَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ مِنَ الْعِبَارَةِ، بَلِ الْمُتَبَادَرُ مِنْهَا أَنَّ الزَّادَ هُوَ زَادُ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ وَمَا تُدَّخَرُ مِنَ الْخَيْرِ وَالْبِرِّ كَمَا يُرْشِدُ إِلَيْهِ التَّعْلِيلُ فِي قَوْلِهِ: (فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى) وَالْمَعْنَى مِنَ التَّقْوَى مَعْرُوفٌ وَهُوَ مَا بِهِ يَتَّقِي سَخَطَ اللهِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ إِلَّا الْبِرُّ وَالتَّنَزُّهُ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَلَا يُعَلِّلُ بِأَنَّ التَّقْوَى خَيْرُ زَادٍ إِلَّا وَهُوَ يُرِيدُ التَّزَوُّدَ مِنْهَا، أَمَّا مَعْنَى الَّذِي ذَكَرُوهُ فَلَا يَصْلُحُ مُرَادًا مِنَ الْآيَةِ ; لِأَنَّهُ لَوْلَا مَا أَوْرَدُوا مِنَ السَّبَبِ لَمْ يَخْطُرْ بِبَالِ سَامِعِ اللَّفْظِ، وَالسَّبَبُ لَيْسَ مَذْكُورًا فِي الْآيَةِ وَلَا مُشَارًا إِلَيْهِ فِيهَا فَلَا يَصْلُحُ قَرِينَةً عَلَى الْمُرَادِ مِنْ أَلْفَاظِهَا، نَعَمْ إِنَّ السَّبَبَ قَدْ يُنِيرُ السَّبِيلَ فِي فَهْمِ الْآيَةِ، وَلَكِنْ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ مَفْهُومَةً بِنَفْسِهَا ; لِأَنَّ السَّبَبَ لَيْسَ مِنَ الْقُرْآنِ وَلِذَلِكَ أَتَمَّهَا بِقَوْلِهِ: (وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ) يَعْنِي مَنْ كَانَ لَهُ لُبٌّ وَعَقْلٌ فَلْيَتَّقِنِي فَإِنَّهُ يَكُونُ عَلَى نُورٍ مِنْ فَائِدَةِ التَّقْوَى وَأَهْلًا لِلِانْتِفَاعِ بِهَا.
أَقُولُ: وَيَدْخُلُ فِي فِعْلِ الْخَيْرِ وَالطَّاعَةِ الْأَخْذُ بِالْأَسْبَابِ كَالتَّزَوُّدِ وَتَحَامِي وَسَائِلِ الْحَاجَةِ إِلَى السُّؤَالِ الْمَذْمُومِ وَاللهُ أَعْلَمُ.
(لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 2  صفحه : 184
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست