responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 2  صفحه : 170
(كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ)
أَيْ: إِنَّ مِنْ سُنَّةِ اللهِ تَعَالَى أَنْ يُجَازِيَ الْكَافِرِينَ مِثْلَ هَذَا الْجَزَاءِ، فَيُعَذِّبُهُمْ فِي مُقَابَلَةِ تَعَرُّضِهِمْ لِلْعَذَابِ بِتَعَدِّي حُدُودِهِ فَيَكُونُوا هُمُ الظَّالِمِينَ لِأَنْفُسِهِمْ. وَقَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ: ((وَلَا تَقْتُلُوهُمْ. . . . حَتَّى يَقْتُلُوكُمْ فَإِنْ قَتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ)) مِنْ قَتَلَ الثُّلَاثِيِّ، وَيَخْرُجُ عَلَى أَنَّ قَتْلَ بَعْضِ الْأُمَّةِ كَقَتْلِ جَمِيعِهَا لِتَكَافُلِهَا. وَالْمُرَادُ حَتَّى لَا يَقْتُلُوا أَحَدًا مِنْكُمْ، فَإِنْ قَتَلُوا أَحَدًا فَاقْتُلُوهُمْ وَهُوَ أُسْلُوبٌ عَرَبِيٌّ بَلِيغٌ. ثُمَّ قَالَ:
(فَإِنِ انْتَهَوْا) عَنِ الْقِتَالِ فَكُفُّوا عَنْهُمْ، أَوْ عَنِ الْكُفْرِ فَإِنَّ اللهَ يَقْبَلُ مِنْهُمْ (فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) يَمْحُو عَنِ الْعَبْدِ مَا سَلَفَ، إِذَا هُوَ تَابَ عَمَّا اقْتَرَفَ، وَيَرْحَمُهُ فِيمَا بَقِيَ، إِذَا هُوَ أَحْسَنَ وَاتَّقَى (إِنَّ رَحْمَةَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) (7: 56) .
(وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ) عَطَفَ عَلَى (قَاتِلُوا) فِي الْآيَةِ الْأُولَى، فَتِلْكَ بَيَّنَتْ بِدَايَةَ الْقِتَالِ وَهَذِهِ بَيَّنَتْ غَايَتَهُ وَهِيَ أَلَّا يُوجَدَ شَيْءٌ مِنَ الْفِتْنَةِ فِي الدِّينِ ; وَلِهَذَا قَالَ الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ: أَيْ حَتَّى لَا تَكُونَ لَهُمْ قُوَّةٌ يَفْتِنُونَكُمْ بِهَا وَيُؤْذُونَكُمْ ; لِأَجْلِ الدِّينِ، وَيَمْنَعُونَكُمْ مِنْ إِظْهَارِهِ أَوِ الدَّعْوَةِ إِلَيْهِ (وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ) وَفِي آيَةِ سُورَةِ الْأَنْفَالِ: (وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ) (9: 39) أَيْ: يَكُونُ دِينُ كُلِّ شَخْصٍ خَالِصًا لِلَّهِ لَا أَثَرَ لِخَشْيَةِ غَيْرِهِ فِيهِ، فَلَا يُفْتَنُ لِصَدِّهِ عَنْهُ وَلَا يُؤْذَى فِيهِ، وَلَا يُحْتَاجُ فِيهِ إِلَى الدِّهَانِ وَالْمُدَارَاةِ، أَوِ الِاسْتِخْفَاءِ أَوِ الْمُحَابَاةِ، وَقَدْ كَانَتْ مَكَّةُ إِلَى هَذَا الْعَهْدِ قَرَارَ الشَّرَكِ، وَالْكَعْبَةُ مُسْتَوْدَعَ الْأَصْنَامِ، فَالْمُشْرِكُ فِيهَا حُرٌّ فِي ضَلَالَتِهِ، وَالْمُؤْمِنُ مَغْلُوبٌ عَلَى هِدَايَتِهِ، قَالَ: (فَإِنِ انْتَهَوْا) أَيْ: فِي هَذِهِ الْمَرَّةِ عَمَّا كَانُوا عَلَيْهِ (فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ) أَيْ: فَلَا عُدْوَانَ عَلَيْهِمْ ; لِأَنَّ الْعُدْوَانَ إِنَّمَا يَكُونُ عَلَى الظَّالِمِينَ تَأْدِيبًا لَهُمْ لِيَرْجِعُوا عَنْ ظُلْمِهِمْ، فِي الْكَلَامِ إِيجَازٌ بِالْحَذْفِ، وَاسْتِغْنَاءٌ عَنِ الْمَحْذُوفِ بِالتَّعْلِيلِ الدَّالِّ عَلَيْهِ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى: فَإِنِ انْتَهَوْا عَمَّا كَانُوا عَلَيْهِ مِنَ الْقِتَالِ وَالْفِتْنَةِ فَلَا عُدْوَانَ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَّا عَلَى مَنْ كَانَ مِنْهُمْ ظَالِمًا بِارْتِكَابِهِ مَا يُوجِبُ الْقِصَاصَ ; أَيْ: فَلَا يُحَارَبُونَ عَامَّةً وَإِنَّمَا يُؤْخَذُ الْمُجْرِمُ بِجَرِيمَتِهِ، ثُمَّ زَادَ تَعْلِيلَ الْإِذْنِ بِالْقِتَالِ بَيَانًا بِبِنَائِهِ عَلَى قَاعِدَةٍ عَادِلَةٍ مَعْقُولَةٍ فَقَالَ تَعَالَى:
(الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 2  صفحه : 170
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست