responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 2  صفحه : 126
بِالْأَشْغَالِ الشَّاقَّةِ كَاسْتِخْرَاجِ الْفَحْمِ الْحَجَرِيِّ مِنْ مَنَاجِمِهِ، وَمِنْهُمُ الْمُجْرِمُونَ الَّذِينَ يُحْكَمُ عَلَيْهِمْ بِالْأَشْغَالِ الشَّاقَّةِ الْمُؤَبَّدَةِ إِذَا كَانَ الصِّيَامُ يَشُقُّ عَلَيْهِمْ بِالْفِعْلِ وَكَانُوا يَمْلِكُونَ الْفِدْيَةَ. أَقُولُ: وَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنْ طَاقَةِ الْحَبْلِ أَوِ الْخَيْطِ أَوِ الْفَتْلَةِ الْوَاحِدَةِ مِنْ فِتَلِهِ الَّتِي يُبْرَمُ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ وَتُسَمَّى الْقُوَّةَ، أَوْ مِنَ الطَّوْقِ وَعَلَيْهِ قَوْلُ الرَّاغِبِ: الطَّاقَةُ اسْمٌ لِمِقْدَارِ مَا يُمْكِنُ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَفْعَلَهُ بِمَشَقَّةٍ، وَذَلِكَ تَشْبِيهٌ بِالطَّوْقِ الْمُحِيطِ بِالشَّيْءِ فَقَوْلُهُ: (وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ) (2: 286) أَيْ: مَا يَصْعُبُ عَلَيْنَا مُزَاوَلَتُهُ، وَلَيْسَ مَعْنَاهُ وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا قُدْرَةَ لَنَا بِهِ. . وَقَوْلُهُ: (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ) ظَاهِرُهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْمُطِيقَ لَهُ يَلْزَمُهُ فِدْيَةٌ أَفْطَرَ أَوْ لَمْ يُفْطِرْ، لَكِنْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إِلَّا مَعَ شَرْطٍ آخَرَ اهـ. أَيْ: وَهُوَ الْإِفْطَارُ.
وَرَوَى الْبُخَارِيُّ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ قَالَ: هِيَ مَنْسُوخَةٌ. وَأَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ: لَيْسَتْ بِمَنْسُوخَةٍ، هِيَ لِلشَّيْخِ الْكَبِيرِ وَالْمَرْأَةِ الْكَبِيرَةِ لَا يَسْتَطِيعَانِ أَنْ يَصُومَا فَيُطْعِمَانِ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ مَعَ زِيَادَةِ ((وَالْحُبْلَى وَالْمُرْضِعِ إِذَا خَافَتَا - يَعْنِي - عَلَى أَوْلَادِهِمَا أَفْطَرَتَا وَأَطْعَمَتَا)) وَأَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ أَيْضًا وَزَادَ فِي آخِرِهِ ((وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ لِأُمِّ وَلَدٍ لَهُ حُبْلَى: أَنْتِ بِمَنْزِلَةِ الَّذِي لَا يُطِيقُهُ فَعَلَيْكِ الْفِدَاءُ وَلَا قَضَاءَ عَلَيْكِ)) وَلَكِنَّ الشَّافِعِيَّةَ يُوجِبُونَ عَلَى الْحُبْلَى وَالْمُرْضِعِ الْفِدْيَةَ وَالْقَضَاءَ مَعًا. وَفِي حَدِيثِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ الْكَعْبِيِّ عِنْدَ أَحْمَدَ وَأَصْحَابِ السُّنَنِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: ((إِنَّ اللهَ
عَزَّ وَجَلَّ وَضَعَ عَنِ الْمُسَافِرِ الصَّوْمَ وَشَطْرَ الصَّلَاةِ وَعَنِ الْحُبْلَى وَالْمُرْضِعِ الصَّوْمَ)) وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَاهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: ((رُخِّصَ لِلشَّيْخِ الْكَبِيرِ أَنْ يُفْطِرَ وَيُطْعِمَ وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ)) وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي مَعْنَى الْآيَةِ وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ فِي الشُّيُوخِ وَالْعَجَائِزِ وَمَنْ فِي حُكْمِهِمْ.
قَالَ شَيْخُنَا: ذَهَبَ كَثِيرُونَ إِلَى أَنَّ الْآيَةَ مَنْسُوخَةٌ إِذْ فَهِمُوا أَنَّ الْإِطَاقَةَ بِمَعْنَى الِاسْتِطَاعَةِ، وَقَدَّرَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ كَالْجَلَالِ حَرْفَ نَفْيٍ فَقَالَ: وَعَلَى الَّذِينَ لَا يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ، لِيُوَافِقَ مَذْهَبَهُ، وَالْآيَةُ مُوَافَقَةٌ لَهُ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إِلَى جَعْلِ الْإِثْبَاتِ نَفْيًا كَمَا قُلْنَا آنِفًا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّ الْهَمْزَةَ فِي الْإِطَاقَةِ لِلسَّلْبِ فَمَعْنَاهَا الَّذِينَ لَا يُطِيقُونَهُ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرِ حَرْفِ النَّفْيِ. وَهُوَ قَوْلٌ مَنْقُولٌ مَعْقُولٌ، وَيَظْهَرُ بِإِرَادَةِ سَلْبِ الطَّاقَةِ ; أَيِ: الْقُوَّةِ بِهِ لَا قَبْلَهُ. وَالْقَاعِدَةُ أَنَّهُ لَا يُحْكَمُ بِالنَّسْخِ إِذَا أَمْكَنَ حَمْلُ الْقَوْلِ عَلَى الْإِحْكَامِ.
أَقُولُ: وَجُمْلَةُ الْقَوْلِ أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى أَقْسَامٍ فِي الصِّيَامِ:
الْأَوَّلُ: الْمُقِيمُ الصَّحِيحُ الْقَادِرُ عَلَى الصِّيَامِ بِلَا ضَرَرٍ يَلْحَقُهُ وَلَا مَشَقَّةٍ تُرْهِقُهُ، وَالصَّوْمُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ حَتْمًا، وَتَرْكُهُ مِنَ الْكَبَائِرِ. وَذَهَبَ كَثِيرٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ مُتَعَمِّدَهُ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ قَضَاءُ مِثْلِهِ وَلَا صِيَامُ الدَّهْرِ كُلِّهِ.
الثَّانِي: الْمَرِيضُ وَالْمُسَافِرُ، وَيُبَاحُ لَهُمَا الْإِفْطَارُ مَعَ وُجُوبِ الْقَضَاءِ ; لِأَنَّ مِنْ شَأْنِ الْمَرَضِ وَالسَّفَرَ التَّعَرُّضُ لِلْمَشَقَّةِ، فَإِذَا تَعَرَّضَا لِلضَّرَرِ بِالْفِعْلِ بِأَنْ عَلِمَا أَوْ ظَنَّا ظَنًّا قَوِيًّا أَنَّ الصَّوْمَ يَضُرُّهُمَا

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 2  صفحه : 126
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست