responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 2  صفحه : 12
(قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ وَمَا أَنْتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُمْ بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ) .
قَالُوا: كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَتَشَوَّفُ لِتَحْوِيلِ الْقِبْلَةِ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَيَرْجُوهُ، بَلْ قَالَ (الْجَلَالُ) : إِنَّهُ كَانَ يَنْتَظِرُهُ ; لِأَنَّ الْكَعْبَةَ قِبْلَةُ أَبِيهِ إِبْرَاهِيمَ، وَالتَّوَجُّهُ إِلَيْهَا أَدْعَى إِلَى إِيمَانِ الْعَرَبِ ; أَيْ: وَعَلَى الْعَرَبِ الْمُعَوَّلُ فِي ظُهُورِ هَذَا الدِّينِ الْعَامِّ ; لِأَنَّهُمْ كَانُوا
أَكْمَلَ اسْتِعْدَادًا لَهُ مِنْ جَمِيعِ الْأَنَامِ.
قَالَ الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ: وَلَا بُعْدَ فِي تَشَوُّفِهِ إِلَى قِبْلَةِ إِبْرَاهِيمَ، وَقَدْ جَاءَ بِإِحْيَاءِ مِلَّتِهِ، وَتَجْدِيدِ دَعْوَتِهِ، وَلَا يُعَدُّ هَذَا مِنَ الرَّغْبَةِ عَنْ أَمْرِ اللهِ تَعَالَى إِلَى هَوَى نَفْسِهِ، كَلَّا إِنَّ هَوَى الْأَنْبِيَاءِ لَا يَعْدُو أَمْرَ اللهِ تَعَالَى وَمُوَافَقَةَ رِضْوَانِهِ، وَلَوْ كَانَ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ هَوًى وَرَغْبَةٌ فِي أَمْرٍ مُبَاحٍ مَثَلًا وَأَمَرَهُ اللهُ تَعَالَى بِخِلَافِهِ لَانْقَلَبَتْ رَغْبَتُهُ فِيهِ إِلَى الرَّغْبَةِ عَنْهُ إِلَى مَا أَمَرَ اللهُ تَعَالَى بِهِ وَرَضِيَهُ ; بَلِ الْمَقَامُ أَدَقُّ وَالسِّرُّ أَخْفَى، إِنَّ رُوحَ النَّبِيِّ مُنْطَوِيَةٌ عَلَى الدِّينِ فِي جُمْلَتِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَنْزِلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ بِتَفْصِيلِ مَسَائِلِهِ، فَهِيَ تَشْعُرُ بِصَفَائِهَا وَإِشْرَاقِهَا بِحَاجَةِ الْأُمَّةِ الَّتِي بُعِثَ فِيهَا شُعُورًا إِجْمَالِيًّا كُلِّيًّا، لَا يَكَادُ يَتَجَلَّى فِي جُزْئِيَّاتِ الْمَسَائِلِ وَآحَادِ الْأَحْكَامِ إِلَّا عِنْدَ شِدَّةِ الْحَاجَةِ إِلَيْهَا، وَالِاسْتِعْدَادِ لِتَشْرِيعِهَا، عِنْدَ ذَلِكَ يَتَوَجَّهُ قَلْبُ النَّبِيِّ إِلَى رَبِّهِ طَالِبًا بِلِسَانِ اسْتِعْدَادِهِ بَيَانَ مَا يَشْعُرُ بِهِ مُجْمَلًا، وَإِيضَاحَ مَا يَلُوحُ لَهُ مُبْهَمًا، فَيَنْزِلُ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلَى قَلْبِهِ، وَيُخَاطِبُهُ بِلِسَانِ قَوْمِهِ عَنْ رَبِّهِ، وَهَكَذَا الْوَحْيُ إِمْدَادٌ فِي مَوْطِنِ اسْتِعْدَادٍ لَا كَسْبَ فِيهِ لِلْعِبَادِ، وَإِذَا كَانَ حُكْمٌ شُرِعَ لِسَبَبٍ مُؤَقَّتٍ وَزَمَنٍ فِي عِلْمِ اللهِ مُعَيَّنٍ، فَإِنَّ رُوحَ النَّبِيِّ تَشْعُرُ بِذَلِكَ فِي الْجُمْلَةِ،

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 2  صفحه : 12
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست