responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 12  صفحه : 208
وَهَذِهِ مَوْضُوعُهَا قِصَّةُ نَبِيٍّ كَرِيمٍ تَقَلَّبَ فِي أَطْوَارٍ كَثِيرَةٍ كَانَ قُدْوَةَ خَيْرٍ وَأُسْوَةً حَسَنَةً فِيهَا كُلِّهَا، فَالْبَيَانُ بِهَا أَخَصُّ.
الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ أَيْ آيَاتِ هَذِهِ السُّورَةِ هِيَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْبَيِّنِ الظَّاهِرِ بِنَفْسِهِ فِي حَقِيقَتِهِ وَإِعْجَازِهِ، وَكَوْنِهِ لَيْسَ مِنْ كَلَامِ الْبَشَرِ، وَالْمُظْهِرُ لَمَا شَاءَ اللهُ مِنْ حَقَائِقِ الدِّينِ وَمَصَالِحِ الدُّنْيَا، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: بَيَّنَ اللهُ حَلَالَهُ وَحَرَامَهُ، وَقَالَ الزَّجَّاجُ: مُبِينٌ لِلْحَقِّ مِنَ الْبَاطِلِ وَالْحَلَالِ مِنَ الْحَرَامِ. تَقُولُ الْعَرَبُ: أَبَانَ الشَّيْءُ فِعْلًا لَازِمًا بِمَعْنَى ظَهَرَ وَاتَّضَحَ.
وَتَقُولُ: أَبَانَ الرَّجُلُ كَذَا إِذَا أَظْهَرَهُ وَفَصَلَهُ مِنْ غَيْرِهِ مِمَّا شَأْنُهُ أَنْ يُشْتَبَهَ بِهِ، وَيَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا هُنَا كَمَا قُلْنَا آنِفًا.
(إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ) أَيِ الْكِتَابَ عَلَى رَسُولِنَا النَّبِيِّ الْعَرَبِيِّ حَالَ كَوْنِهِ قُرْآنًا عَرَبِيًّا أَيْ بَيَّنَ لَكُمْ بِلُغَتِكُمُ الْعَرَبِيَّةِ مَالَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ مِنَ الدِّينِ وَأَنْبَاءِ الرُّسُلِ وَالْعِلْمِ وَالْحِكْمَةِ وَالْأَدَبِ وَالسِّيَاسَةِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ مَعَانِيَهُ أَيُّهَا الْعَرَبُ، وَمَا تُرْشِدُ إِلَيْهِ مِنْ مَطَالِبِ الرُّوحِ
وَمَدَارِكِ الْعَقْلِ، وَتَزْكِيَةِ النَّفْسِ، وَتَثْقِيفِ مَدَارِكِ الْوِجْدَانِ وَالْحِسِّ، وَإِصْلَاحِ الِاجْتِمَاعِ الْعَامِّ، الْمُرَادُ بِهَا صَلَاحُ الْحَالِ، وَسَعَادَةُ الْمَآلِ، وَالْقُرْآنُ اسْمُ جِنْسٍ يُطْلَقُ عَلَى بَعْضِهِ كَالسُّورَةِ الْوَاحِدَةِ، وَقِيلَ: إِنَّهُ الْمُرَادُ هُنَا، وَعَلَى جُمْلَتِهِ كُلِّهَا.
نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَيُّهَا الرَّسُولُ الْمُصْطَفَى أَحْسَنَ الْقَصَصِ أَيْ نُحَدِّثُكَ أَحْسَنَ الِاقْتِصَاصِ وَالتَّحْدِيثِ بَيَانًا وَأُسْلُوبًا وَإِحَاطَةً، أَوْ أَحْسَنَ مَا يُقَصُّ وَيُتَحَدَّثُ عَنْهُ مَوْضُوعًا وَفَائِدَةً، وَيَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْمَعْنَيَيْنِ، فَالْقَصَصُ مَصْدَرٌ أَوِ اسْمٌ مِنْ قَصَّ الْخَبَرَ إِذَا حَدَّثَ بِهِ عَلَى أَصَحِّ الْوُجُوهِ وَأَصْدَقِهَا، لِأَنَّهُ مَنْ قَصَّ الْأَثَرَ وَاقْتَصَّهُ إِذَا تَتَبَّعَهُ وَأَحَاطَ بِهِ خَبَرًا، كَأَنَّهُ قَالَ نَقُصُّهُ عَنِ اقْتِصَاصٍ وَإِحَاطَةٍ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى اسْمِ الْمَفْعُولِ، فَيَكُونُ الْقَصَصُ بِمَعْنَى الْمَقْصُوصِ مِنَ الْأَخْبَارِ وَالْأَحَادِيثِ: (بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ) أَيْ بِإِيحَائِنَا إِلَيْكَ هَذِهِ السُّورَةَ مِنَ الْقُرْآنِ، إِذْ هُوَ الْغَايَةُ الْعُلْيَا فِي حُسْنِ فَصَاحَتِهِ وَبَلَاغَتِهِ وَتَأْثِيرِهِ وَحُسْنِ مَوْضُوعِهِ، (وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ) أَيْ وَإِنَّ الشَّأْنَ وَحَقِيقَةَ مَا يَتَحَدَّثُ عَنْهُ مِنْ قِصَّتِكَ أَنْتَ، أَنَّكَ كُنْتَ مِنْ قَبْلِ إِيحَائِنَا مِنْ جَمَاعَةِ الْغَافِلِينَ عَنْهُ مِنْ قَوْمِكَ الْأُمِّيِّينَ، الَّذِينَ لَا يَخْطُرُ فِي بَالِهِمُ التَّحْدِيثَ بِأَخْبَارِ الْأَنْبِيَاءِ وَأَقْوَامِهِمْ، وَبَيَانِ مَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنْ دِينٍ وَتَشْرِيعٍ كَيَعْقُوبَ وَأَوْلَادِهِ فِي بَدَاوَتِهِمْ، وَلَا مَا كَانَتِ الْأُمَمُ فِيهِ مِنْ تَرَفٍ وَحَضَارَةٍ كَالْمِصْرِيِّينَ الَّذِينَ وَقَعَ يُوسُفُ بَيْنَهُمْ، وَحَدَثَ لَهُمْ مَا حَدَثَ فِي بَعْضِ بُيُوتَاتِهِمُ الْعُلْيَا، ثُمَّ فِي بَيْتِ الْمَلِكِ وَإِدَارَةِ نِظَامِ الدَّوْلَةِ.

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 12  صفحه : 208
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست