responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 12  صفحه : 206
بِقَدْرِ الِاسْتِطَاعَةِ الشَّخْصِيَّةِ، وَلَا تَكُونُ لِجَمَاعَتِهِمْ - وَهِيَ الْأُمَّةُ - إِلَّا بِاعْتِصَامِهَا بِحَبْلِ اللهِ وَعُرْوَةِ الْوَحْدَةِ الْوُثْقَى، بِاجْتِنَابِ السَّوَادِ الْأَعْظَمِ مِنْهَا لِمَا نُهُوا عَنْهُ مِنَ التَّفَرُّقِ وَالتَّنَازُعِ فِي الْأُصُولِ الْقَطْعِيَّةِ مِنَ النُّصُوصِ وَالسُّنَّةِ الْعَمَلِيَّةِ، وَرَدِّ الِاخْتِلَافِ وَالتَّنَازُعِ فِي غَيْرِ الْقَطْعِيِّ إِلَى كِتَابِ اللهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ إِلَى تَرْجِيحِ أُولِي الْأَمْرِ فِي الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ مِنَ السِّيَاسَةِ وَالْقَضَاءِ، وَتَرْجِيحِ الْأَفْرَادِ فِي الْمَسَائِلِ الِاجْتِهَادِيَّةِ الْخَاصَّةِ، وَقَدْ فَصَّلْنَا هَذَا فِي مَوَاضِعِهِ، فَالْحَقُّ فِيهِ ظَاهِرٌ، وَلَكِنَّ تَنْفِيذَهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى وُجُودِ الْجَمَاعَةِ الَّتِي أَمَرَنَا الرَّسُولُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِاتِّبَاعِهَا وَعَدَمِ مُفَارَقَتِهَا قِيدَ شَعْرَةٍ، وَهِيَ جَمَاعَةُ (أُولِي الْأَمْرِ) وَأَهْلُ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ، وَهُمُ الَّذِينَ يَثِقُ بِهِمُ السَّوَادُ الْأَعْظَمُ مِنَ الْأُمَّةِ، وَيَنُوطُ بِهِمُ الشَّرْعُ نَصْبَ الْأَئِمَّةِ (الْخُلَفَاءِ) وَالسَّلَاطِينِ عَلَيْهَا وَعَزْلَهُمْ، وَقَدْ فُقِدُوا مَنْ أُمَّتِنَا بِاسْتِبْدَادِ الظَّالِمِينَ مِنْ مُلُوكِ الْعَصَبِيَّاتِ الْمُخْتَلِفَةِ بَعْدَ أَنْ قَضَى عَلَيْهَا الْإِسْلَامُ، وَتَبَرَّأَ الرَّسُولُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِمَّنْ دَعَا إِلَى عَصَبِيَّةٍ وَمِمَّنْ قَاتَلَ عَلَى عَصَبِيَّةٍ. فَالْوَاجِبُ عَلَى الْمُصْلِحِينَ وَضْعُ نِظَامٍ لِإِعَادَةِ حُكْمِ الْإِسْلَامِ وَقَدْ بَسَطْنَاهُ فِي كِتَابِ (الْخِلَافَةِ أَوِ الْإِمَامَةِ الْعُظْمَى) .
وَأَخْتِمُ هَذِهِ الْخُلَاصَةَ بِحَدِيثِ: ((شَيَّبَتْنِي هُودٌ وَأَخَوَاتُهَا)) رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ وَأَبِي جُحَيْفَةَ مَرْفُوعًا وَأَشَارَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ إِلَى صِحَّتِهِ. وَرُوِيَ عَنْ بِضْعَةِ نَفَرٍ مِنَ الصَّحَابَةِ بِزِيَادَةِ ((قَبْلَ الْمَشِيبِ)) وَبِزِيَادَةِ ((وَأَخَوَاتُهَا)) مِنَ الْمُفَصَّلِ فِي بَعْضِهَا، وَبِتَسْمِيَةِ الْوَاقِعَةِ وَالْحَاقَّةِ وَالْمُرْسَلَاتِ وَالنَّبَأِ ((عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ)) وَغَيْرِهَا مَنْ سُورِ قِيَامِ السَّاعَةِ فِي بَعْضٍ. وَأَسَانِيدُهَا حَسَنَةٌ فَلْيَتَدَبَّرْهَا الْمُؤْمِنُونَ.
12 - سُورَةُ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ
هِيَ مَكِّيَّةٌ وَآيَاتُهَا مِائَةٌ وَإِحْدَى عَشْرَةَ آيَةً فَقَطْ، وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ الثَّلَاثَ مِنْهَا مَدَنِيَّاتٌ فَلَا تَصِحُّ رِوَايَتُهُ وَلَا يَظْهَرُ لَهُ وَجْهٌ، وَهُوَ يُخِلُّ بِنَظْمِ الْكَلَامِ، وَقَدْ رَاجَعْتُ الْإِتْقَانَ فَإِذَا هُوَ يَنْقُلُهُ وَيَقُولُ: وَهُوَ وَاهٍ جِدًّا فَلَا يُلْتَفَتُ إِلَيْهِ، وَمِنَ الْعَجَائِبِ أَنْ يُذْكَرَ هَذَا اسْتِثْنَاءً فِي الْمُصْحَفِ الْمِصْرِيِّ وَيُزَادَ عَلَيْهِ الْآيَةُ السَّابِعَةُ.
وَالْمُنَاسَبَةُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ سُورَةِ هُودٍ أَنَّهَا مُتَمِّمَةٌ لِمَا فِيهَا مِنْ قَصَصِ الرُّسُلِ - عَلَيْهِمُ السَّلَامُ - وَالِاسْتِدْلَالِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى كَوْنِهَا وَحْيًا مِنَ اللهِ - تَعَالَى - دَالًّا عَلَى رِسَالَةِ مُحَمَّدٍ خَاتَمِ النَّبِيِّينَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِآيَتَيْنِ مُتَشَابِهَتَيْنِ، فَفِي آخِرِ قِصَّةِ نُوحٍ مِنَ الْأُولَى: تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلَا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا 11: 49 وَفِي آخِرِ الثَّانِيَةِ ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمَرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ 12: 102 وَإِشَارَةُ التَّأْنِيثِ فِي الْأُولَى لِلْقِصَّةِ الْمُنَزَّلَةِ بِهَذَا التَّفْصِيلِ وَالْبَلَاغَةِ الْعَجِيبَةِ، وَقِيلَ: لِلسُّورَةِ، وَإِشَارَةُ التَّذْكِيرِ فِي الثَّانِيَةِ لِقَوْلِهِ - تَعَالَى - فِي أَوَّلِ السُّورَةِ: نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ 12: 3.

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 12  صفحه : 206
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست