responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 12  صفحه : 18
السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ يَنْزِلُ مِنْهُ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا نَعُدُّهُ (32: 5) وَقَالَ فِي آيَةِ الْحَدِيدِ: (يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا) (57: 4) إِلَخْ.
وَقَدْ بَيَّنْتُ فِي آخِرِ تَفْسِيرِ آيَةِ الْأَعْرَافِ أَنَّ بَعْضَ الْمُتَكَلِّمِينَ تَكَلَّفُوا تَفْسِيرَ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَالْكُرْسِيِّ وَالْعَرْشِ الْعَظِيمِ أَوْ تَأْوِيلَهُنَّ بِالْأَفْلَاكِ التِّسْعَةِ عِنْدَ فَلَاسِفَةِ الْيُونَانِ الْمُخَالِفَ لِلْقُرْآنِ، وَأَنَّ عِلْمَ الْفَلَكِ الْأُورُبِّيَّ قَدْ نَقَضَ فِي الْقُرُونِ الْأَخِيرَةِ تِلْكَ النَّظَرِيَّاتِ الْخَيَالِيَّةَ، بِالْأَدِلَّةِ الْعِلْمِيَّةِ مِنْ رِيَاضِيَّةٍ حِسَابِيَّةٍ هَنْدَسِيَّةٍ، وَمِنْ طَبِيعِيَّةٍ عَمَلِيَّةٍ كَتَحْلِيلِ النُّورِ وَسُرْعَتِهِ وَوَزْنِ الْحَرَارَةِ، وَأَنَّ مَا ثَبَتَ فِي عِلْمِ الْفَلَكِ الْحَدِيثِ وَمَبَاحِثِ التَّكْوِينِ قَرِيبٌ مِنْ نُصُوصِ الْقُرْآنِ، كَبُعْدِهِ عَمَّا يُخَالِفُ مِنْ نَظَرِيَّاتِ الْيُونَانِ.
وَأَزِيدُكَ هُنَا أَنَّ هَذِهِ الْأَرْضَ فِي اصْطِلَاحِ الْهَيْئَةِ الْقَدِيمَةِ هِيَ مَرْكَزُ الْعَالَمِ كُلِّهِ، وَيُحِيطُ بِهَا فَلَكُ الْقَمَرِ فَهُوَ سَمَاؤُهَا، وَيُحِيطُ بِهِ فَلَكُ عُطَارِدَ فَأَفْلَاكُ الزُّهْرَةِ فَالشَّمْسِ فَالْمِرِّيخِ فَالْمُشْتَرِي فَزُحَلَ فَفَلَكِ النُّجُومِ كُلِّهَا فَالْفَلَكِ الْأَطْلَسِ الْمُحِيطِ بِكُلِّ ذَلِكَ، فَعَلَى هَذَا لَمْ يَخْلُقِ اللهُ إِلَّا أَرْضًا وَاحِدَةً فِي قَلْبِ تِسْعِ سَمَاوَاتٍ، وَالسَّمَاءُ فِي اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ مَا سَمَا وَعَلَا، فَكُلُّ مَا فِي جِهَةِ الْعُلُوِّ فَهُوَ سَمَاءٌ، وَنَقَلَ الرَّاغِبُ عَنْ بَعْضِهِمْ: كُلُّ سَمَاءٍ بِالْإِضَافَةِ إِلَى دُونِهَا فَسَمَاءٌ، وَبِالْإِضَافَةِ إِلَى فَوْقِهَا فَأَرْضٌ، إِلَّا السَّمَاءَ الْعُلْيَا فَإِنَّهَا سَمَاءٌ بِلَا أَرْضٍ، وَحُمِلَ عَلَى هَذَا قَوْلُهُ: (اللهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ) (65: 12) وَالسَّبْعُ مِثْلٌ وَالْعَدَدُ لَا مَفْهُومَ لَهُ.
وَأَعْجَبُ مِنْ هَذَا أَنَّ الْعِلْمَ الْعَصْرِيَّ بِسُنَنِ التَّكْوِينِ الْعَامَّةِ يَرْتَقِي فِي هَذِهِ الْأَجْيَالِ دَرَجَةً بَعْدَ دَرَجَةٍ، وَأَنَّ بَعْضَ مَا يَنْكَشِفُ مِنْهَا لِلْعُلَمَاءِ مِنَ النَّظَرِيَّاتِ وَالْأُصُولِ قَدْ يَنْقُضُ بَعْضَ مَا سَبَقَهُ مِنْهَا، وَلَكِنْ لَمْ يَنْقُضْ شَيْءٌ مِنْهَا شَيْئًا مِمَّا ثَبَتَ فِي الْقُرْآنِ، عَلَى لِسَانِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فَأَصْلُ السَّدِيمِ الْمُشَارِ إِلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كُرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ) (41: 11) وَأَصْلُ خَلْقِ الْأَحْيَاءِ النَّبَاتِيَّةِ وَالْحَيَوَانِيَّةِ مِنَ الْمَاءِ لَا يَزَالُ كُلٌّ مِنْهُمَا ثَابِتًا عِنْدَ جَمِيعِ الْعُلَمَاءِ.
وَقَدْ عَبَّرَ بِهِ عَنْ مَادَّةِ التَّكْوِينِ الَّتِي هِيَ مَادَّةُ خَرَابِ الْعَالَمِ الَّذِي تَرْجِعُ بِهِ هَذِهِ
الْأَجْرَامُ إِلَى مَادَّتِهَا الْأَصْلِيَّةِ بِقَوْلِهِ - تَعَالَى -: (فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ 44) (: 10) وَعَبَّرَ عَنْهُ كَذَلِكَ بِالْغَمَامِ فِي قَوْلِهِ: (وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلَائِكَةُ تَنْزِيلًا) (25: 25) وَقَوْلِهِ: (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ) (2: 210) وَالْغَمَامُ فِي اللُّغَةِ السَّحَابُ الرَّقِيقُ، فَالدُّخَانُ وَالْغَمَامُ وَالْبُخَارُ وَالسَّدِيمُ كُلُّهَا مَظَاهِرُ لِهَذِهِ الْمَادَّةِ اللَّطِيفَةِ (الْمَاءِ) قَالَ حُكَمَاؤُنَا: الْبُخَارُ جِسْمٌ مُرَكَّبٌ مِنْ أَجْزَاءٍ مَائِيَّةٍ وَهَوَائِيَّةٍ، وَالدُّخَانُ مُرَكَّبٌ مِنْ أَجْزَاءٍ أَرْضِيَّةٍ وَنَارِيَّةٍ وَهَوَائِيَّةٍ، وَالْغُبَارُ مُرَكَّبٌ مِنْ أَجْزَاءٍ أَرْضِيَّةٍ وَهَوَائِيَّةٍ، اهـ. وَأَرَقُّهُ الْهَبَاءُ قَالَ - تَعَالَى -:

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 12  صفحه : 18
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست