responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 11  صفحه : 36
ذَكَرَ السُّيُوطِيُّ فِي الدُّرِّ الْمَنْثُورِ عِدَّةَ رِوَايَاتٍ حَاصِلُهَا أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَأَلَ أَهْلَ قُبَاءَ عَنْ سَبَبِ ثَنَاءِ اللهِ تَعَالَى عَلَيْهِمْ بِهَذِهِ الْآيَةِ، فَأَجَابُوهُ بِأَنَّهُمْ يَسْتَنْجُونَ بِالْمَاءِ وَفِي بَعْضِهَا أَنَّهُمْ يُتْبِعُونَ الْحِجَارَةَ بِالْمَاءِ. وَذَكَرَ أَنَّ ابْنَ مَاجَهْ وَابْنَ الْمُنْذِرِ وَابْنَ أَبِي حَاتِمٍ وَالدَّارَقُطْنِيَّ وَالْحَاكِمَ وَغَيْرَهُمْ رَوَوْا عَنْ طَلْحَةَ بْنِ نَافِعٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو أَيُّوبَ وَجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ - أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ (فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا) قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ إِنَّ اللهَ قَدْ أَثْنَى عَلَيْكُمْ خَيْرًا فِي الطُّهُورِ، فَمَا طَهُورُكُمْ هَذَا؟ قَالُوا: نَتَوَضَّأُ لِلصَّلَاةِ وَنَغْتَسِلُ مِنَ الْجَنَابَةِ قَالَ: ((فَهَلْ مَعَ ذَلِكَ غَيْرُهُ؟)) قَالُوا: إِنَّ أَحَدَنَا إِذَا خَرَجَ مِنَ الْغَائِطِ أَحَبَّ أَنْ يَسْتَنْجِيَ بِالْمَاءِ قَالَ: ((هُوَ ذَاكَ فَعَلَيْكُمُوهُ)) .
أَقُولُ: طَلْحَةُ بْنُ نَافِعٍ هَذَا ثِقَةٌ رَوَى عَنْهُ الْجَمَاعَةُ كُلُّهُمْ، وَلَكِنَّ رِوَايَةَ الْبُخَارِيِّ عَنْهُ مَقْرُونَةٌ بِغَيْرِهِ، وَهِيَ أَرْبَعَةُ أَحَادِيثَ رَوَاهَا عَنْ جَابِرٍ، وَلَعَلَّهُ اقْتَصَرَ عَلَيْهَا، لِقَوْلِ شَيْخِهِ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ: إِنَّهُ لَمْ يَرْوِ عَنْ جَابِرٍ غَيْرَهَا، أَيْ لَمْ يَصِحَّ عَنْهُ غَيْرُهَا. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: إِنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِي أَيُّوبَ، وَلَكِنَّهُ هُنَا صَرَّحَ بِالسَّمَاعِ مِنْهُ فِيمَا رَوَاهُ مَنْ ذُكِرَ وَغَيْرُهُمْ. وَحَدِيثُهُ هَذَا عَلَى كُلِّ حَالٍ أَقْوَى مِنْ أَحَادِيثِ سُؤَالِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَهْلَ مَسْجِدِ قُبَاءَ وَجَعْلِهِ الثَّنَاءَ عَلَيْهِمْ، وَهُوَ فِي سُؤَالِ الْأَنْصَارِ، وَالْمَسْئُولُونَ مِنْهُمْ كُلُّهُمْ مِنْ سُكَّانِ الْمَدِينَةِ، وَيُؤَيِّدُهُ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ النَّاطِقَةُ بِأَنَّ الْمَسْجِدَ الَّذِي أَثْنَى الله عَلَيْهِ وَعَلَى أَهْلِهِ هُوَ مَسْجِدُهُ فِيهَا، وَقَدْ قُلْنَا: إِنَّهُ لَا مَانِعَ مِنْ إِرَادَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا، وَهُوَ أَوْلَى مِنَ الْقَوْلِ بِتَعَارُضِهِمَا، كَمَا أَنَّ الرِّوَايَاتِ فِيهِمَا لَا تُنَافِي إِرَادَةَ نَوْعَيِ الطَّهَارَةِ كِلَيْهِمَا، وَيُؤَيِّدُ إِرَادَةَ الطَّهَارَةِ الْمَعْنَوِيَّةِ قَوْلُهُ تَعَالَى: (أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ) هَذَا بَيَانٌ مُسْتَأْنَفٌ لِلْفَرْقِ بَيْنَ أَهْلِ الْمَسْجِدَيْنِ فِي مَقَاصِدِهِمَا مِنْهُمَا: أَهْلِ مَسْجِدِ الضِّرَارِ الَّذِي زَادُوا بِهِ رِجْسًا إِلَى
رِجْسِهِمْ، وَأَهْلِ مَسْجِدِ التَّقْوَى وَهُمُ الرَّسُولُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنْصَارُهُ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَكْمَلَ الطَّهَارَةِ لِظَاهِرِهِمْ وَبَاطِنِهِمْ، فَاسْتَفَادُوا بِذَلِكَ مَحَبَّةَ اللهِ لَهُمْ، وَوَرَدَ بِصِيغَةِ اسْتِفْهَامِ التَّقْرِيرِ، لِمَا فِيهِ مِنْ تَنْبِيهِ الشُّعُورِ وَقُوَّةِ التَّأْثِيرِ، وَالْبُنْيَانُ: مَصْدَرٌ كَالْعُمْرَانِ وَالْغُفْرَانِ وَيُرَادُ بِهِ الْمَبْنِيُّ، مِنْ دَارٍ أَوْ مَسْجِدٍ وَهُوَ الْمُتَعَيَّنُ هُنَا. وَتَقَدَّمَ آنِفًا مَعْنَى التَّأْسِيسِ، وَالشَّفَا: (بِالْفَتْحِ وَالْقَصْرِ) الْحَرْفُ وَالشَّفِيرُ لِلْجُرُفِ وَالنَّهْرِ وَغَيْرِهِ.
وَالْجُرُفُ (بِضَمَّتَيْنِ) : جَانِبُ الْوَادِي وَنَحْوُهُ الَّذِي يَنْحَفِرُ أَصْلُهُ بِمَا يَجْرُفُهُ السَّيْلُ مِنْهُ فَيَجْتَاحُ أَسْفَلَهُ فَيَصِيرُ مَائِلًا لِلسُّقُوطِ، وَالْهَارُ: الضَّعِيفُ الْمُتَصَدِّعُ الْمُتَدَاعِي لِلسُّقُوطِ وَهَذَا التَّعْبِيرُ يُضْرَبُ مَثَلًا لِمَا كَانَ فِي مُنْتَهَى الضَّعْفِ وَالْإِشْرَافِ عَلَى الزَّوَالِ، وَهُوَ مِنْ أَبْلَغِ الْأَمْثَالِ، لِمُنْتَهَى الْوَهْيِ وَالِانْحِلَالِ.

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 11  صفحه : 36
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست