responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 10  صفحه : 54
صُنْعُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ وَغَيْرِهَا مِنْ قُوَى الْحَرْبِ بِدَلِيلِ: مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ الْمُطْلَقُ إِلَّا بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ " وَقَدْ وَرَدَ أَنَّ الصَّحَابَةَ اسْتَعْمَلُوا الْمَنْجَنِيقَ مَعَ رَسُولِ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فِي غَزْوَةِ خَيْبَرَ وَغَيْرِهَا. وَكُلُّ الصِّنَاعَاتِ الَّتِي عَلَيْهَا مَدَارُ الْمَعِيشَةِ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ كَصِنَاعَاتِ آلَاتِ الْقِتَالِ.
وَقَدْ أَدْرَكَ بَعْضَ هَذِهِ الْآلَاتِ الْحَرْبِيَّةِ السَّيِّدُ الْآلُوسِيُّ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ الْمُتَأَخِّرِينَ، فَقَالَ بَعْدَ إِيرَادِ بَعْضِ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي الرَّمْيِ مَا نَصَّهُ: وَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ الرَّمْيَ بِالنِّبَالِ الْيَوْمَ لَا يُصِيبُ هَدَفَ الْقَصْدِ مِنَ الْعَدْوِ، وَلِأَنَّهُمُ اسْتَعْمَلُوا الرَّمْيَ بِالْبُنْدُقِ وَالْمَدَافِعِ وَلَا يَكَادُ يَنْفَعُ مَعَهُمَا نَبْلٌ، وَإِذَا لَمْ يُقَابَلُوا بِالْمِثْلِ عَمَّ الدَّاءُ الْعُضَالُ، وَاشْتَدَّ الْوَبَالُ وَالنَّكَالُ، وَمَلَكَ الْبَسِيطَةَ أَهْلُ الْكُفْرِ وَالضَّلَالِ، فَالَّذِي أُرَاهُ وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللهِ تَعَالَى تَعَيُّنِ تِلْكَ الْمُقَابَلَةِ عَلَى أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ، وَحُمَاةِ الدِّينِ، وَلَعَلَّ فَضْلَ ذَلِكَ الرَّمْيِ يَثْبُتُ لِهَذَا الرَّمْيِ لِقِيَامِهِ مَقَامَهُ فِي الذَّبِّ عَنْ بَيْضَةِ الْإِسْلَامِ، وَلَا أَرَى مَا فِيهِ مِنَ النَّارِ لِلضَّرُورَةِ الدَّاعِيَةِ إِلَيْهِ إِلَّا سَبَبًا لِلْفَوْزِ بِالْجَنَّةِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى، وَلَا يَبْعُدُ
دُخُولُ مِثْلِ هَذَا الرَّمْيِ فِي عُمُومِ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ.
وَأَقُولُ: قَدْ جَزَمَ الْعُلَمَاءُ قَبْلَهُ بِعُمُومِ نَصِّ الْآيَةِ، قَالَ الرَّازِيُّ بَعْدَ أَنْ أَوْرَدَ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ فِي تَفْسِيرِهَا مِنْهَا الرَّمْيُ الْوَارِدُ فِي الْحَدِيثِ: قَالَ أَصْحَابُ الْمَعَانِي: الْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: إِنَّ هَذَا عَامٌّ فِي كُلِّ مَا يُتَقَوَّى بِهِ عَلَى حَرْبِ الْعَدُوِّ، وَكُلَّ مَا هُوَ آلَةٌ لِلْغَزْوِ وَالْجِهَادِ فَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْقُوَّةِ، ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثَ الرَّمْيِ وَأَنَّهُ كَحَدِيثِ الْحَجُّ عَرَفَةُ وَأَنَا لَا أَدْرِي سَبَبًا لِالْتِجَاءِ الْآلُوسِيِّ فِي الْمَسْأَلَةِ إِلَى الرَّأْيِ وَالِاجْتِهَادِ، وَاكْتِفَائِهِ بِدُخُولِ هَذِهِ الْآلَاتِ فِي عُمُومِ نَصِّ الْآيَةِ بِعَدَمِ الِاسْتِبْعَادِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ بَعْضُ الْمُعَمَّمِينَ فِي عَصْرِهِ حَرَّمُوا اسْتِعْمَالَ هَذِهِ الْآلَاتِ النَّارِيَّةِ بِشُبْهَةٍ أَنَّهَا مِنْ قَبِيلِ التَّعْذِيبِ بِالنَّارِ الَّذِي مَنَعَهُ الْإِسْلَامُ كَمَا يُشِيرُ إِلَيْهِ قَوْلُهُ: وَلَا أَرَى مَا فِيهِ مِنَ النَّارِ إِلَخْ.
نَعَمْ: إِنَّ الْإِسْلَامَ دِينُ الرَّحْمَةِ قَدْ مَنَعَ مِنَ التَّعْذِيبِ بِالنَّارِ كَمَا كَانَ يَفْعَلُ الظَّالِمُونَ وَالْجَبَّارُونَ مِنَ الْمُلُوكِ بِأَعْدَائِهِمْ، كَأَصْحَابِ الْأُخْدُودِ الْمُلْعُونِينَ فِي سُورَةِ الْبُرُوجِ، وَلَكِنْ مِنَ الْجَهْلِ وَالْغَبَاوَةِ أَنْ يُعَدَّ حَرْبُ الْأَسْلِحَةِ النَّارِيَّةِ لِلْأَعْدَاءِ الَّذِينَ يُحَارِبُونَنَا بِهَا مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ بِأَنْ يُقَالَ: إِنَّ دِينَنَا دِينُ الرَّحْمَةِ يَأْمُرُنَا أَنْ نَحْتَمِلَ قَتْلَهُمْ إِيَّانَا بِهَذِهِ الْمَدَافِعِ، وَأَلَّا نُقَاتِلَهُمْ بِهَا رَحْمَةً بِهِمْ، مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّ اللهَ تَعَالَى أَبَاحَ لَنَا فِي التَّعَامُلِ فِيمَا بَيْنَنَا أَنْ نَجْزِيَ عَلَى السَّيِّئَةِ بِمِثْلِهَا عَمَلًا بِالْعَدْلِ، وَجَعَلَ الْعَفْوَ فَضِيلَةً لَا فَرِيضَةً فَقَالَ: وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ (42: 40 و14) إِلَى أَخِرِ الْآيَاتِ. وَقَالَ: وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ (16: 126) أَفَلَا يَكُونُ مِنَ الْعَدْلِ بَلْ فَوْقَ الْعَدْلِ فِي الْأَعْدَاءِ أَنْ نُعَامِلَهُمْ بِمِثْلِ الْعَدْلِ الَّذِي نُعَامِلُ بِهِ إِخْوَانَنَا أَوْ بِمَا وَرَدَ بِمَعْنَى الْآيَةِ فِي بَعْضِ الْآثَارِ، قَاتِلُوهُمْ بِمِثْلِ مَا يُقَاتِلُونَكُمْ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 10  صفحه : 54
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست