responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 10  صفحه : 42
الْآيَاتُ الثَّلَاثُ الْأُولَى بَيَانٌ لِحَالِ فَرِيقٍ مُعَيَّنٍ مِنَ الْكُفَّارِ، الَّذِينَ عَادُوا النَّبِيَّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَقَاتَلُوهُ بَعْدَ بَيَانِ حَالِ مُشْرِكِي قَوْمِهِ فِي قِتَالِهِمْ لَهُ فِي بَدْرٍ، وَالْمُرَادُ بِهَذَا الْفَرِيقِ: الْيَهُودُ الَّذِينَ كَانُوا فِي بِلَادِ الْعَرَبِ كُلِّهَا أَوِ الْحِجَازِ مِنْهَا، وَهُوَ الرَّاجِحُ عِنْدِي. قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: نَزَلَتْ فِي سِتَّةِ رَهْطٍ مِنَ الْيَهُودِ مِنْهُمُ ابْنُ تَابُوتٍ اهـ. أَوْ يَهُودُ الْمَدِينَةِ أَوْ بَنُو قُرَيْظَهَ مِنْهُمْ، وَهُوَ قَوْلُ مُجَاهِدٍ، وَكَانَ زَعِيمَهُمِ الطَّاغُوتُ كَعْبُ بْنُ الْأَشْرَفِ كَأَبِي جَهْلٍ فِي مُشْرِكِي مَكَّةَ - وَالْآيَةُ الرَّابِعَةُ فِي حُكْمِ أَمْثَالِ هَؤُلَاءِ الْخَوَنَةِ، وَالْخَامِسَةُ فِي تَهْدِيدِهِمْ، وَتَأْمِينِ الرَّسُولِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ مِنْ عَاقِبَةِ كَيْدِهِمْ. قَالَ تَعَالَى: إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ أَيْ: إِنَّ شَرَّ مَا يَدِبُّ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ عِنْدَ اللهِ أَيْ فِي حُكْمِهِ الْعَدْلِ عَلَى الْخَلْقِ، هُمُ الْكُفَّارُ الَّذِينَ جَمَعُوا مَعَ أَصْلِ الْكُفْرِ الْإِصْرَارَ عَلَيْهِ وَالرُّسُوخَ فِيهِ بِحَيْثُ لَا يُرْجَى إِيمَانُهُمْ جُمْلَتُهُمْ أَوْ إِيمَانُ جُمْهُورِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ بَيْنَ رُؤَسَاءَ حَاسِدِينَ لِلرَّسُولِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ مُعَانِدِينَ لَهُ جَاحِدِينَ بِآيَاتِ اللهِ الْمُؤَيِّدَةِ لِرِسَالَتِهِ عَلَى عِلْمٍ، عَلَى التَّقْلِيدِ لَا يَنْظُرُونَ فِي الدَّلَائِلِ وَالْآيَاتِ، وَلَا يَبْحَثُونَ فِي الْحُجَجِ وَالْبَيِّنَاتِ، حَتَّى حَمَلَهُمْ ذَلِكَ عَلَى نَقْضِ الْعُهُودِ، وَنَكْثِ الْأَيْمَانِ بِحَيْثُ لَا حِيلَةَ فِي الْحَيَاةِ مَعَهُمْ أَوْ فِي جِوَارِهِمْ حَيَاةَ سَلْمٍ وَأَمَانٍ كَمَا ثَبَتَ بِالتَّجْرِبَةِ.
عَبَّرَ عَنْهُمْ بِالدَّوَابِّ وَهُوَ اللَّفْظُ الَّذِي غَلَبَ اسْتِعْمَالُهُ فِي الْبَهَائِمِ ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ أَوْ فِيمَا يُرْكَبُ مِنْهَا لِإِفَادَةِ أَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنْ شِرَارِ الْبَشَرِ فَقَطْ، بَلْ هُمْ أَضَلُّ مِنْ عَجْمَاوَاتِ الدَّوَابِّ؛ لِأَنَّ فِيهَا مَنَافِعَ لِلنَّاسِ، وَهَؤُلَاءِ لَا خَيْرَ فِيهِمْ، وَلَا نَفْعَ لِغَيْرِهِمْ مِنْهُمْ، فَإِنَّهُمْ لِشِدَّةِ تَعَصُّبِهِمْ لِجِنْسِهِمْ قَدْ صَارُوا أَعْدَاءً لِسَائِرِ الْبَشَرِ. كَمَا قَالَ فِي وَصْفِ أَمْثَالِهِمْ: أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا (25: 44) وَكَمَا قَالَ فِي الْآيَةِ 22 مِنْ هَذِهِ السُّورَةِ: إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللهِ
الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ وَقَدِ اقْتَبَسَ أُسْتَاذُنَا الْإِمَامُ هَذَا الِاسْتِعْمَالَ فَقَالَ فِي مَقَالَةٍ مِنْ مَقَالَاتِ الْعُرْوَةَ الْوُثْقَى: وَكَثِيرٌ مِمَّنْ عَلَى شَكْلِ الْإِنْسَانِ يَحْيَا حَيَاتَهُ هَذِهِ بِرُوحِ حَيَوَانٍ آخَرَ، وَهُوَ يُعَانِي تَحْصِيلَ شَهَوَاتِهَا أَوْ قَالَ كَلِمَةً أُخْرَى قَرِيبَةً مِنْهَا أَكْثَرَ مِمَّا يُعَانِيهِ الْإِنْسَانُ فِي إِبْرَازِ مَزَايَا الْإِنْسَانِ.
وَقَالَ: الَّذِينَ كَفَرُوا فَعَبَّرَ عَنْهُمْ بِفِعْلِ الْكُفْرِ دُونَ الْوَصْفِ (الْكَافِرُونَ) لِلْإِشَارَةِ إِلَى أَنَّهُمْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ فَعَرَضَ لَهُمُ الْكُفْرُ، وَهَذَا ظَاهَرٌ فِي جُمْلَةِ الْيَهُودِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِمُحَمَّدٍ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ كَمَا كَفَرُوا بِمَنْ قَبْلَهُ، وَهُمْ فِي عُرْفِ الْقُرْآنِ مُتَكَافِلُونَ مُتَشَابِهُونَ، آخِرُهُمْ فِي ذَلِكَ كَأَوَّلِهِمْ، وَهُمْ أَظْهَرُ فِي يَهُودِ الْمَدِينَةِ الَّذِينَ كَانُوا فِي عَصْرِ الرِّسَالَةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللهَ سَيَبْعَثُ النَّبِيَّ الْكَامِلَ الَّذِي بَشَّرَ بِهِ مُوسَى فِي التَّوْرَاةِ كَمَا تَقَدَّمَ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 10  صفحه : 42
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست