responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 10  صفحه : 419
وَيَحْلِفُونَ بِاللهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَمَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً أَوْ مَغَارَاتٍ أَوْ مُدَّخَلًا لَوَلَّوْا إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ
هَاتَانِ الْآيَتَانِ فِي بَيَانِ سَبَبِ النِّفَاقِ، وَمُصَانَعَةِ الْمُنَافِقِينَ لِلْمُؤْمِنِينَ، وَهُوَ الْخَوْفُ وَبَيَانُ حَالِهِمْ فِيهِ، قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَيَحْلِفُونَ بِاللهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ قَالَ الطَّبَرِيُّ: وَيَحْلِفُونَ بِاللهِ لَكُمْ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقُونَ كَذِبًا وَبَاطِلًا أَنَّهُمْ لَمِنْكُمْ فِي الدِّينِ وَالْمِلَّةِ وَمَا هُمْ مِنْكُمْ أَيْ: لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ دِينِكُمْ وَمِلَّتِكُمْ، بَلْ هُمْ أَهْلُ شَكٍّ وَنِفَاقٍ وَلَكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ يَقُولُ: وَلَكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَخَافُونَكُمْ، فَهُمْ خَوْفًا مِنْكُمْ يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ إِنَّهُمْ مِنْكُمْ؛ لِيَأْمَنُوا فِيكُمْ فَلَا يُقْتُلُوا اهـ. وَأَقُولُ: إِنَّ الْفَرَقَ بِالتَّحْرِيكِ الْخَوْفُ الشَّدِيدُ الَّذِي يَفْرُقُ بَيْنَ الْقَلْبِ وَإِدْرَاكِهِ - أَوْ هُوَ كَمَا قَالَ الرَّاغِبُ: تَفَرُّقُ الْقَلْبِ مِنَ الْخَوْفِ، وَاسْتِعْمَالُ الْفَرَقِ فِيهِ كَاسْتِعْمَالِ الصَّدْعِ وَالشَّقِّ فِيهِ، وَفِعْلُهُ بِوَزْنِ فَرَحَ، فَالْمَعْنَى أَنَّهُمْ يَحْلِفُونَ مِنْ شِدَّةِ خَوْفِهِمُ الَّذِي فَرَقَ قُلُوبَهُمْ وَمَزَّقَهَا. ثُمَّ بَيَّنَ سُوءَ حَالِهِمْ فِي هَذَا الْفَرَقِ بِقَوْلِهِ: لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً أَوْ مَغَارَاتٍ أَوْ مُدَّخَلًا لَوَلَّوْا إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ الْمَلْجَأُ: الْمَكَانُ الَّذِي يَلْجَأُ إِلَيْهِ الْخَائِفُ؛ لِيَعْتَصِمَ بِهِ مِنْ حِصْنٍ أَوْ قَلْعَةٍ أَوْ جَزِيرَةٍ فِي بَحْرٍ أَوْ قُنَّةٍ فِي جَبَلٍ، وَالْمَغَارَاتُ: جَمْعُ مَغَارَةٍ وَهِيَ الْغَارُ فِي الْجَبَلِ، وَتَقَدَّمَ اشْتِقَاقُهُ فِي تَفْسِيرِ آيَةِ الْغَارِ، وَالْمُدَّخَلُ بِالتَّشْدِيدِ (مُفْتَعَلٌ مِنَ الدُّخُولِ) السِّرْبُ فِي الْأَرْضِ يَدْخُلُهُ الْإِنْسَانُ بِمَشَقَّةٍ، وَالْجِمَاحُ: السُّرْعَةُ الشَّدِيدَةُ الَّتِي تَتَعَسَّرُ مُقَاوَمَتُهَا أَوْ تَتَعَذَّرُ. يَقُولُ: إِنَّهُمْ لِشِدَّةِ كُرْهِهِمْ لِلْقِتَالِ مَعَكُمْ وَلِمُعَاشَرَتِكُمْ، وَلِشِدَّةِ رُعْبِهِمْ مِنْ ظُهُورِ نِفَاقِهِمْ لَكُمْ، يَتَمَنَّوْنَ الْفِرَارَ مِنْكُمْ، وَالْمَعِيشَةَ فِي مَضِيقٍ مِنَ الْأَرْضِ يَعْتَصِمُونَ بِهِ مِنِ انْتِقَامِكُمْ، بِحَيْثُ لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً يَلْجَؤُونَ إِلَيْهِ، أَوْ مَغَارَاتٍ يَغُورُونَ فِيهَا، أَوْ مُدَّخَلًا يَنْدَسُّونَ وَيَنْجَحِرُونَ فِيهِ، لَوَلَّوْا إِلَيْهِ - أَيْ: إِلَى مَا يَجِدُونَهُ مِمَّا ذُكِرَ - وَهُمْ يُسْرِعُونَ مُتَقَحِّمِينَ
كَالْفَرَسِ الْجَمُوحِ لَا يَرُدُّهُمْ شَيْءٌ. وَهَذَا الْوَصْفُ مَنْ أَبْلَغِ مُبَالَغَةِ الْقُرْآنِ فِي تَصْوِيرِ الْحَقَائِقِ الَّتِي لَا تَتَجَلَّى لِلْفَهْمِ وَالْعِبْرَةِ بِدُونِهَا، فَتَصَوَّرْ شُخُوصَهُمْ وَهُمْ يَعْدُونَ بِغَيْرِ نِظَامٍ، يَلْهَثُونَ كَمَا تَلْهَثُ الْكِلَابُ، يَتَسَابَقُونَ إِلَى تِلْكَ الْمَلَاجِئِ مِنْ مَغَارَاتٍ وَمُدَّخَلَاتٍ، فَيَتَسَلَّقُونَ إِلَيْهَا، أَوْ يَنْدَسُّونَ فِيهَا. فَكَذَلِكَ كَانَ تَصَوُّرُهُمْ عِنْدَ مَا سَمِعُوا الْآيَةَ فِي وَصْفِهِمْ.
قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَإِنَّمَا وَصَفَهُمُ اللهُ بِمَا وَصَفَهُمْ بِهِ مِنْ هَذِهِ الصِّفَةِ؛ لِأَنَّهُمْ إِنَّمَا أَقَامُوا بَيْنَ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 10  صفحه : 419
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست