responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 10  صفحه : 412
هَذَا شُرُوعٌ فِي بَيَانِ حَالِ أُنَاسٍ مِنْ أُولَئِكَ الْمُنَافِقِينَ بِأَقْوَالٍ قَالُوهَا فِيمَا بَيْنَهُمْ جَهْرًا وَأُمُورٍ أَكَنُّوهَا فِي أَنْفُسِهِمْ سِرًّا، وَأَقْوَالٍ سَيَقُولُونَهَا، وَأَقْسَامٍ سَيُقْسِمُونَهَا، وَأَعْذَارٍ سَيَعْتَذِرُونَهَا غَيْرَ مَا سَبَقَ مِنْهُمْ، وَشُئُونٍ عَامَّةٍ فِيهِمْ - أَكْثَرُهَا مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ - مَعَ مَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ وَيُنَاسِبُهُ مِنَ الْحُكْمِ وَالْأَحْكَامِ، وَالْعَقَائِدِ وَالْآدَابِ، قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلَا تَفْتِنِّي هَذَا بَيَانٌ لِأَوَّلِ اسْتِئْذَانٍ مُعَيَّنٍ وَقَعَ مِنْ أُولَئِكَ الْمُنَافِقِينَ فِي التَّخَلُّفِ، وَاتَّفَقَتِ الرِّوَايَاتُ عَلَى أَنَّ جَدَّ بْنَ قَيْسٍ مِنْ شُيُوخِهِمْ قَالَ هَذَا لِلنَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فِي أَوَّلِ عَهْدِ الدَّعْوَةِ لِلْغَزْوَةِ، وَأَثْنَاءِ التَّجْهِيزِ لِلسَّفَرِ، وَرُوِيَ أَنَّ غَيْرَهُ مِنْهُمْ قَالَ لَمَّا دَعَاهُمْ إِلَى تَبُوكَ: إِنَّهُ لَيَفْتِنَكُمْ بِالنِّسَاءِ. أَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَالطَّبَرَانِيُّ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ وَأَبُو نُعَيمٍ فِي الْمَعْرِفَةِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ قَالَ: لَمَّا أَرَادَ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أَنْ يَخْرُجَ إِلَى غَزْوَةِ تَبُوكَ قَالَ لِجَدِّ بْنِ قَيْسٍ: " مَا تَقُولُ فِي مُجَاهَدَةِ بَنِي الْأَصْفَرِ "؟ قَالَ: إِنِّي أَخْشَى إِنْ رَأَيْتُ نِسَاءَ بَنِي الْأَصْفَرِ أَنْ أُفْتَنَ، فَأْذَنْ لِي وَلَا تَفْتِنِّي. وَرَوَى ابْنُ حَاتِمٍ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ يَقُولُ لِجَدِّ بْنِ قَيْسٍ: " يَا جِدُّ هَلْ لَكَ فِي جِلَادِ بَنِي الْأَصْفَرِ "؟ قَالَ جِدٌّ: أَتَأْذَنُ لِي يَا رَسُولَ اللهِ فَإِنِّي رَجُلٌ أُحِبُّ النِّسَاءَ، وَإِنِّي أَخْشَى إِنْ رَأَيْتُ نِسَاءَ بَنِي الْأَصْفَرِ أَنْ أَفْتَتِنَ. قَالَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَهُوَ مُعْرِضٌ عَنْهُ: " قَدْ أَذِنْتُ لَكَ " فَأَنْزَلَ اللهُ
الْآيَةَ. وَقَدْ عَبَّرَ عَنْ قَوْلِهِ بِالْفِعْلِ الْمُضَارِعِ لِاسْتِحْضَارِ تِلْكَ الْحَالِ لِغَرَابَتِهَا، فَإِنَّ مِثْلَهُ فِي نِفَاقِهِ لَا يَخْشَى عَلَى نَفْسِهِ إِثْمَ الِافْتِتَانِ بِالنِّسَاءِ إِذْ لَا يَجِدُ مِنْ دِينِهِ مَانِعًا مِنَ التَّمَتُّعِ بِهِنَّ وَهُوَ يُحِبُّهُنَّ، بَلْ شَأْنُ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ مُرَغِّبًا لَهُ فِي هَذِهِ الْغَزْوَةِ. وَقَدْ رَدَّ اللهُ شُبْهَتَهُ وَشُبْهَةَ مَنْ وَافَقَهُ عَلَيْهَا وَرَدَّدُوا مَعْنَاهَا بِقَوْلِهِ: أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا بَدَأَ الرَّدَّ عَلَى قَائِلِي هَذَا الْقَوْلِ بِأَدَاةِ الِافْتِتَاحِ (أَلَا) الْمُفِيدَةِ لِلتَّنْبِيهِ وَالتَّأَمُّلِ فِيمَا بَعْدَهَا؛ وَلِتَحْقِيقِ مَضْمُونِهِ إِنْ كَانَ خَبَرًا لِتَوْجِيهِ السَّمْعِ وَالْقَلْبِ لَهُ، وَعَبَّرَ عَنِ افْتِتَانِهِمْ بِالسُّقُوطِ فِي الْفِتْنَةِ لِلْمُبَالَغَةِ، وَقَدَّمَ الظَّرْفَ: فِي الْفِتْنَةِ عَلَى عَامِلِهِ: (سَقَطُوا) لِلدَّلَالَةِ عَلَى الْحَصْرِ، يَقُولُ: أَلَا فَلْيَعْلَمُوا أَنَّهُمْ سَقَطُوا وَتَرَدَّوْا بِهَذَا الْقَوْلِ فِي هَاوِيَةِ الْفِتْنَةِ بِأَوْسَعِ مَعْنَاهَا، لَا فِي شَيْءٍ آخَرَ مِنْ شُبُهَاتِهَا أَوْ مُشَابِهَاتِهَا، مِنْ حَيْثُ يَزْعُمُونَ اتِّقَاءَ التَّعَرُّضِ لِشُبْهَةِ نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِهَا، وَهُوَ الْإِثْمُ بِالنَّظَرِ إِلَى جَمَالِ نِسَاءِ الرُّومِ، وَاشْتِغَالِ الْقَلْبِ بِجَمَالِهِنَّ، فَتَرَدَّوْا فِي شَرٍّ مِمَّا اعْتَذَرُوا بِهِ.
وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ هَذَا وَعِيدٌ لَهُمْ عَلَى الْفِتْنَةِ الَّتِي تَرَدَّوْا فِيهَا، وُضِعَ فِيهِ الْمُظْهَرُ مَوْضِعَ ضَمِيرِهِمْ لِلنَّصِّ عَلَى أَنَّ عِقَابَهُمْ بِإِحَاطَةِ جَهَنَّمَ بِهِمْ عِقَابٌ عَلَى الْكُفْرِ الَّذِي حَمَلَهُمْ عَلَى ذَلِكَ الِاعْتِذَارِ، الَّذِي هُوَ ذَنْبٌ فِي نَفْسِهِ كَانَ أَقْصَى عِقَابِهِ مَسَّ النَّارِ دُونَ إِحَاطَتِهَا لَوْ لَمْ يَكُنْ سَبَبُهُ الْكُفْرَ بِتَكْذِيبِ الرَّسُولِ فِيمَا جَاءَ بِهِ مِنْ حُكْمِ الْجِهَادِ وَثَوَابِهِ وَالْعِقَابِ عَلَى تَرْكِهِ، أَوِ الشَّكِّ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 10  صفحه : 412
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست