responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 10  صفحه : 400
إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَيْ: إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ حَقِّيَّةَ هَذِهِ الْخَيْرِيَّةِ عِلْمًا إِذْعَانِيًّا يَبْعَثُ عَلَى الْعَمَلِ، وَجَوَابُ " إِنْ " مَحْذُوفٌ دَلَّ عَلَيْهِ مَا قَبْلَهُ، أَيْ: يَكُنْ خَيْرًا لَكُمْ، وَيُقَدِّرُهُ بَعْضُهُمْ أَمْرًا بِالِامْتِثَالِ، أَيْ فَانْفِرُوا وَجَاهِدُوا. وَقَدْ عَلِمَ تِلْكَ الْخَيْرِيَّةَ وَامْتَثَلَ هَذَا الْأَمْرَ الْمُؤْمِنُونَ الصَّادِقُونَ، وَاسْتَأْذَنَ بَعْضُ الْمُنَافِقِينَ النَّبِيَّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فِي التَّخَلُّفِ فَأَذِنَ لَهُمْ عَلَى ضَعْفِ أَعْذَارِهِمْ، وَتَخَلَّفَ مِنْهُمْ وَمِنَ الْمُؤْمِنِينَ أُنَاسٌ آخَرُونَ فَأَنْزَلَ اللهُ فِي الْجَمِيعِ الْآيَاتِ الْآتِيَةَ فِي أَثْنَاءِ السَّفَرِ.
لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لَاتَّبَعُوكَ وَلَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ عَفَا اللهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ
كَانَ دَأْبُ الْمُؤْمِنِينَ وَعَادَتُهُمْ إِذَا اسْتَنْفَرَهُمُ الرَّسُولُ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ لِلْقِتَالِ أَنْ يَنْفِرُوا بِهِمَّةٍ وَنَشَاطٍ، وَلَمَّا اسْتَنْفَرَهُمْ لِغَزْوَةِ تَبُوكَ تَثَاقَلُوا لِمَا تَقَدَّمَ مِنَ الْأَسْبَابِ، وَلِلتَّثَاقُلِ
دَرَجَاتٌ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ قُوَّةِ الْإِيمَانِ وَضَعْفِهِ، وَيُسْرِ الْأَسْبَابِ وَعُسْرِهَا، وَكَثْرَةِ الْأَعْذَارِ وَقِلَّتِهَا، وَلَكِنْ نَفَرَ الْأَكْثَرُونَ طَائِعِينَ، وَتَخَلَّفَ الْأَقَلُّونَ عَاجِزِينَ. وَأَمَّا الْمُنَافِقُونَ فَقَدْ كَبُرَ عَلَيْهِمُ الْأَمْرُ، وَعَظُمَ فِيهِمُ الْخَطْبُ، وَطَفِقُوا يَنْتَحِلُونَ الْأَعْذَارَ الْوَاهِيَةَ، وَيَسْتَأْذِنُونَهُ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فِي الْقُعُودِ وَالتَّخَلُّفِ فَيَأْذَنُ لَهُمْ، فَكَانَ نُزُولُ هَذِهِ الْآيَاتِ وَمَا بَعْدَهَا؛ لِبَيَانِ تِلْكَ الْحَالِ وَأَحْكَامِ تِلْكَ الْوَقَائِعِ. وَهِيَ لَا تُفْهَمُ إِلَّا بِمَعْرِفَةِ أَسْبَابِهَا، كَمَا كَانَ يَعْرِفُهَا مَنْ وَقَعَتْ مِنْهُمْ وَمَعَهُمْ وَفِيمَا بَيْنَهُمْ. وَمِنْ حِكْمَةِ اللهِ تَعَالَى فِي هَذَا الْأُسْلُوبِ أَنَّهُ يَضْطَرُّ الْمُؤْمِنِينَ بَعْدَ ذَلِكَ الْعَصْرِ إِلَى الْبَحْثِ عَنْ تَارِيخِهِ؛ لِيَسْتَعِينُوا بِهِ عَلَى فَهْمِ مَا تَعَبَّدَهُمُ اللهُ تَعَالَى بِهِ مِنَ الْآيَاتِ فَيَعْرِفُوا نَشْأَةَ دِينِهِمْ، وَسِيَاسَةَ مِلَّتِهِمْ، وَصِفَةَ تَكْوِينِ أُمَّتِهِمْ، وَلَا شَيْءَ أَعْوَنَ لِلْأُمَمِ عَلَى حِفْظِ حَقِيقَتِهَا كَمَعْرِفَةِ تَارِيخِهَا.
لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لَاتَّبَعُوكَ أَيْ: لَوْ كَانَ مَا اسْتَنْفَرْتَهُمْ لَهُ، وَدَعَوْتَهُمْ إِلَيْهِ أَيُّهَا الرَّسُولُ عَرَضًا - وَهُوَ مَا يَعْرِضُ لِلْمَرْءِ مِنْ مَنْفَعَةٍ وَمَتَاعٍ، مِمَّا لَا ثَبَاتَ لَهُ وَلَا بَقَاءَ -

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 10  صفحه : 400
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست