responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 10  صفحه : 365
هَذَا السِّيَاقُ مِنْ هُنَا إِلَى آخِرِ السُّورَةِ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، وَمَا كَانَتْ وَسِيلَةً لَهُ مِنْ هَتْكِ أَسْتَارِ النِّفَاقِ، وَتَطْهِيرِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ عَوَامِلِ الشِّقَاقِ. إِلَّا الْآيَتَيْنِ فِي آخِرِهَا، وَمَا يَتَخَلَّلُهَا مِنْ بَعْضِ الْحِكَمِ وَالْأَحْكَامِ، عَلَى السُّنَّةِ الْمَعْرُوفَةِ فِي أُسْلُوبِ الْقُرْآنِ. وَمُنَاسَبَتُهُ لِمَا قَبْلَهُ أَنَّ الْمُرَادَ قِتَالُهُمْ فِي تَبُوكَ: هُمُ الرُّومُ وَأَتْبَاعُهُمُ الْمُسْتَعْبَدُونَ مِنْ عَرَبِ الشَّامِ، وَكُلُّهُمْ مِنَ النَّصَارَى الَّذِينَ نَزَلَتِ الْآيَاتُ الْأَخِيرَةُ فِي حُكْمِ قِتَالِ الْيَهُودِ وَقِتَالِهِمْ، وَبَيَانِ حَقِيقَةِ أَحْوَالِهِمْ، وَأَهَمُّهَا خُرُوجُهُمْ عَنْ هِدَايَةِ دِينِ الْمَسِيحِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فِي كُلٍّ مِنَ الْعَقَائِدِ وَالْفَضَائِلِ وَالْأَعْمَالِ. وَكَانَ ذِكْرُ النَّسِيءِ فِي آخِرِهِ لِمَا ذَكَرْنَا. وَإِنَّنَا نُقَدِّمُ عَلَى تَفْسِيرِ الْآيَاتِ بَيَانَ سَبَبِ غَزْوَةِ تَبُوكَ وَفَاءً بِمَا وَعَدْنَا بِهِ فَنَقُولُ:
غَزْوَةُ تَبُوكَ وَسَبَبُهَا:
تَبُوكُ مَكَانٌ مَعْرُوفٌ فِي مُنْتَصَفِ الطَّرِيقِ بَيْنَ الْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ وَدِمَشْقَ تَقْرِيبًا. وَقَالُوا: إِنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَدِينَةِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مَرْحَلَةً، وَبَيْنَهَا وَبَيْنَ دِمَشْقَ إِحْدَى
عَشْرَةَ مَرْحَلَةً، وَاللَّفْظُ مَمْنُوعٌ مِنَ الصَّرْفِ لِلْعَلَمِيَّةِ وَالتَّأْنِيثِ عَلَى الْأَشْهَرِ.
قَالَ الْحَافِظُ فِي فَتْحِ الْبَارِي: وَكَانَ السَّبَبُ فِيهَا - أَيِ الْغَزْوَةِ - مَا ذَكَرَهُ ابْنُ سَعْدٍ وَشَيْخُهُ وَغَيْرُهُ قَالُوا: بَلَغَ الْمُسْلِمِينَ مِنَ الْأَنْبَاطِ الَّذِي يَقْدَمُونَ بِالزَّيْتِ مِنَ الشَّامِ إِلَى الْمَدِينَةِ أَنَّ الرُّومَ جَمَعَتْ جُمُوعًا، وَأَجْلَبَتْ مَعَهُمْ لَخْمَ وَجُذَامَ وَغَيْرَهُمْ مِنْ مُتَنَصِّرَةِ الْعَرَبِ، وَجَاءَتْ مُقَدِّمَتُهُمْ إِلَى الْبَلْقَاءِ. فَنَدَبَ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ النَّاسَ إِلَى الْخُرُوجِ، وَأَعْلَمَهُمْ بِجِهَةِ غَزْوِهِمْ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْكَلَامِ عَلَى حَدِيثِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ. وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ: كَانَتْ نَصَارَى الْعَرَبِ كَتَبَتْ إِلَى هِرَقْلَ: إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ الَّذِي خَرَجَ يَدَّعِي النُّبُوَّةَ هَلَكَ، وَأَصَابَتْهُمْ سِنُونَ فَهَلَكَتْ أَمْوَالُهُمْ، فَبَعَثَ رَجُلًا مِنْ عُظَمَائِهِمْ يُقَالُ لَهُ قَبَادُ وَجَهَّزَ مَعَهُ أَرْبَعِينَ أَلْفًا، فَبَلَغَ النَّبِيَّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ ذَلِكَ وَلَمْ يَكُنْ لِلنَّاسِ قُوَّةٌ، وَكَانَ عُثْمَانُ قَدْ جَهَّزَ عِيرًا إِلَى الشَّامِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ هَذِهِ مِائَتَا بَعِيرٍ بِأَقْتَابِهَا وَأَحْلَاسِهَا وَمِائَتَا أُوقِيَّةٍ - أَيْ مِنَ الْفِضَّةِ - قَالَ: فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: " لَا يَضُرُّ عُثْمَانُ مَا عَمِلَ بَعْدَهَا " وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حُبَابٍ نَحْوَهُ. وَذَكَرَ أَبُو سَعِيدٍ فِي (شَرَفِ الْمُصْطَفَى) وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ مِنْ طَرِيقِ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ، أَنَّ الْيَهُودَ قَالُوا: يَا أَبَا الْقَاسِمِ إِنْ كُنْتَ صَادِقًا فَالْحَقْ بِالشَّامِ فَإِنَّهَا أَرْضُ الْمَحْشَرِ وَأَرْضُ الْأَنْبِيَاءِ. فَغَزَا تَبُوكَ لَا يُرِيدُ إِلَّا الشَّامَ، فَلَمَّا بَلَغَ تَبُوكَ أَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى مِنْ سُورَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ: وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا (17: 76) الْآيَةَ. انْتَهَى. وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ مَعَ كَوْنِهِ مُرْسَلًا. انْتَهَى مَا ذَكَرَهُ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 10  صفحه : 365
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست