responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 10  صفحه : 36
مَازَالَ الْبَشَرُ يُمَارُونَ فِي كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى الْحِسِّيَّاتِ وَالضَّرُورِيَّاتِ، وَإِنَّمَا الْكَلَامُ الْمَقْبُولُ فِي كُلِّ مَوْضُوعٍ لِعُلَمَاءِ أَهْلِهِ، أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ يُمَارُونَ فِي مَضَارِّ شُرْبِ الْخَمْرِ، وَيَدَّعُونَ نَفْعَهَا، وَالْأَطِبَّاءُ الْمُحَقِّقُونَ يُثْبِتُونَ خِلَافَ ذَلِكَ، يُثْبِتُونَ أَنَّ إِثْمَهَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهَا، وَأَنَّ النَّفْعَ الْقَلِيلَ الْخَاصَّ بِبَعْضِ الْأَحْوَالِ الْمَرَضِيَّةِ قَدْ يُعَارِضُهَا فِيهَا نَفْسَهَا مِنَ الضَّرَرِ مَا هُوَ أَقْوَى مِنْهُ، فَيُجْعَلُ تَرْكُ التَّدَاوِي بِهَا أَوْلَى إِذَا وُجِدَ أَيُّ شَيْءٍ آخَرَ يَقُومُ مَقَامَهَا.
إِنَّنِي ذَكَرْتُ فِي فَاتِحَةِ هَذَا التَّفْسِيرِ مِنَ الْجُزْءِ الْأَوَّلِ أَنَّ مَسْلَكَ جَرِيدَةِ الْعُرْوَةِ الْوُثْقَى فِي الدَّعْوَةِ إِلَى الْإِصْلَاحِ الْإِسْلَامِيِّ مِنْ طَرِيقِ إِرْشَادِ الْقُرْآنِ، وَبَيَانِهِ لِسُنَنِ اللهِ تَعَالَى فِي الْإِنْسَانِ وَالْأَكْوَانِ قَدْ فَتَحَ لِي فِي فَهْمِ الْقُرْآنِ بَابًا لَمْ يَأْخُذْ بِحَلْقَتِهِ أَحَدٌ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ الْمُتَقَدِّمِينَ، وَإِنَّنِي أَخْتِمُ هَذَا الْفَصْلَ الِاسْتِطْرَادِيَّ بِمَقَالَةٍ مِنْ مَقَالَاتِ تِلْكَ الْجَرِيدَةِ افْتَتَحَهُ أُسْتَاذُنَا مُحَرِّرُهَا رَحِمَهُ اللهُ بِهَذِهِ الْآيَةِ الَّتِي نَحْنُ بِصَدَدِ تَفْسِيرِهَا، لِيَكُونَ مِصْبَاحًا لِلْمُفَسِّرِينَ وَالْمُرْشِدِينَ وَالْوُعَّاظِ يَهْتَدُونَ بِضَوْئِهِ - وَلِيُعْلَمَ الْفَرْقُ بَيْنَ فَهْمِ هَذَا الْإِمَامِ وَأُسْتَاذِهِ الْحَكِيمِ لِلْقُرْآنِ، وَبَيْنَ أَفْهَامِ الْمُتَقَدِّمِينَ الَّذِينَ كَانَتْ حُظُوظُهُمْ مِنْ تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ كِتَابَةَ سَطْرَيْنِ أَوْ بِضْعَةَ أَسْطُرٍ أَكْثَرُهَا فِي غَيْرِ سَبِيلِ هِدَايَتِهَا. وَهَذَا نَصُّ الْمَقَالَةِ:
الْمَقَالَةُ الثَّامِنَةَ عَشْرَةَ
سُنَنُ اللهِ فِي الْأُمَمِ وَتَطْبِيقُهَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ
إِنَّ اللهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ (13: 11) ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ (8: 53) .
تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ، تَهْدِي إِلَى الْحَقِّ، وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ، وَلَا يَرْتَابُ فِيهَا إِلَّا الضَّالُّونَ، هَلْ يُخْلِفُ اللهُ وَعْدَهُ وَوَعِيدَهُ وَهُوَ أَصْدَقُ مَنْ وَعَدَ، وَأَقْدَرُ مَنْ أَوْعَدَ؟ هَلْ كَذَبَ اللهُ رُسُلَهُ؟ هَلْ وَدَّعَ أَنْبِيَاءَهُ وَقَلَاهُمْ؟ هَلْ غَشَّ خَلْقَهُ، وَسَلَكَ بِهِمْ طَرِيقَ الضَّلَالِ؟ نَعُوذُ بِاللهِ! ! هَلْ أَنْزَلَ الْآيَاتِ الْبَيِّنَاتِ لَغْوًا وَعَبَثًا؟ هَلِ افْتَرَتْ عَلَيْهِ رُسُلُهُ كَذِبًا؟ هَلِ اخْتَلَقُوا عَلَيْهِ إِفْكًا؟ هَلْ خَاطَبَ اللهُ عَبِيدَهُ بِرُمُوزٍ لَا يَفْهَمُونَهَا، وَإِشَارَاتٍ لَا يُدْرِكُونَهَا؟ هَلْ دَعَاهُمْ إِلَيْهِ بِمَا لَا يَعْقِلُونَ؟ نَسْتَغْفِرُ اللهَ، أَلَيْسَ قَدْ أَنْزَلَ الْقُرْآنَ عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ؟ وَفَصَّلَ فِيهِ كُلَّ أَمْرٍ،
وَأَوْدَعَهُ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ؟ تَقَدَّسَتْ صِفَاتُهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُ الظَّالِمُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا هُوَ الصَّادِقُ فِي وَعْدِهِ وَوَعِيدِهِ، مَا اتَّخَذَ رَسُولًا كَذَّابًا، وَلَا أَتَى شَيْئًا عَبَثًا، وَمَا هَدَانَا إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ، وَلَا تَبْدِيلَ لِآيَاتِهِ، تَزُولُ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ، وَلَا يَزُولُ حُكْمٌ مِنْ أَحْكَامِ كِتَابِهِ الَّذِي: لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ (41: 42) .

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 10  صفحه : 36
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست