responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 10  صفحه : 353
مَنْ هُوَ أَعْلَى مِنْهُ فِي أَمْرٍ، وَعُثْمَانُ لَمْ يَحْنَقْ عَلَى أَبِي ذَرٍّ مَعَ كَوْنِهِ كَانَ مُخَالِفًا لَهُ فِي تَأْوِيلِهِ. (وَفِيهِ) التَّحْذِيرُ مِنَ الشِّقَاقِ، وَالْخُرُوجِ عَلَى الْأَئِمَّةِ، وَالتَّرْغِيبُ فِي الطَّاعَةِ لِأُولِي الْأَمْرِ - وَأَمْرُ الْأَفْضَلِ بِطَاعَةِ الْمَفْضُولِ خَشْيَةَ الْمَفْسَدَةِ - وَجَوَازُ الِاخْتِلَافِ فِي الِاجْتِهَادِ - وَالْأَخْذُ بِالشِّدَّةِ فِي الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ، وَإِنْ أَدَّى
ذَلِكَ إِلَى فِرَاقِ الْوَطَنِ - وَتَقْدِيمُ دَفْعِ الْمَفْسَدَةِ عَلَى جَلْبِ الْمَصْلَحَةِ؛ لِأَنَّ فِي بَقَاءِ أَبِي ذَرٍّ بِالْمَدِينَةِ مَصْلَحَةً كَبِيرَةً مِنْ بَثِّ عِلْمِهِ فِي طَالِبِ الْعِلْمِ، وَمَعَ ذَلِكَ رَجُحَ عِنْدَ عُثْمَانَ دَفْعُ مَا يُتَوَهَّمُ مِنَ الْمَفْسَدَةِ مِنَ الْأَخْذِ بِمَذْهَبِهِ الشَّدِيدِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِالرُّجُوعِ عَنْهُ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا كَانَ مُجْتَهِدًا اهـ.
وَمِنْ أَخْبَارِهِ مَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَنِ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: جَلَسْتُ إِلَى مَلَأٍ مِنْ قُرَيْشٍ، فَجَاءَ رَجُلٌ خَشِنُ الشَّعْرِ وَالثِّيَابِ وَالْهَيْئَةِ، حَتَّى قَامَ عَلَيْهِمْ فَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ: بَشِّرِ الْكَافِرِينَ بِرَضْفٍ يُحْمَى عَلَيْهِمْ فِي نَارِ جَهَنَّمَ، ثُمَّ يُوضَعُ عَلَى حَلَمَةِ ثَدْيِ أَحَدِهِمْ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ نُغْضِ كَتِفِهِ، وَيُوضَعَ عَلَى نُغْضِ كَتِفِهِ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ حَلَمَةِ ثَدْيِهِ يَتَزَلْزَلُ، ثُمَّ وَلَّى فَتَبِعْتُهُ وَجَلَسْتُ إِلَيْهِ وَأَنَا لَا أَدْرِي مَنْ هُوَ، فَقُلْتُ: لَا أَرَى الْقَوْمَ إِلَّا قَدْ كَرِهُوا الَّذِي قُلْتَ. قَالَ: إِنَّهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا: قَالَ لِي خَلِيلِي - قَالَ قُلْتُ: وَمَنْ خَلِيلُكَ؟ قَالَ: النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ " يَا أَبَا ذَرٍّ أَتُبْصِرُ أَحَدًا "؟ قَالَ: فَنَظَرْتُ إِلَى الشَّمْسِ مَا بَقِيَ مِنَ النَّهَارِ وَأَنَا أَرَى أَنَّ رَسُولَ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ يُرْسِلُنِي فِي حَاجَةٍ لَهُ قُلْتُ - نَعَمْ، قَالَ: " مَا أُحِبُّ أَنَّ لِي مِثْلَ أَحَدٍ ذَهَبًا أُنْفِقُهُ كُلُّهُ إِلَّا ثَلَاثَةَ دَنَانِيرَ " وَإِنَّ هَؤُلَاءِ لَا يَعْقِلُونَ إِنَّمَا يَجْمَعُونَ الدُّنْيَا، وَلَا وَاللهِ مَا أَسْأَلُهُمْ دُنْيَا وَلَا أَسْتَفْتِيهِمْ عَنْ دِينٍ حَتَّى أَلْقَى الله عَزَّ وَجَلَّ اهـ.
أَقُولُ: إِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ لَا يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ إِنْفَاقِ كُلِّ مَا زَادَ عَلَى الْحَاجَةِ، وَإِنَّمَا هُوَ فِي الزُّهْدِ فِي الْمَالِ - وَإِنَّمَا الزُّهْدُ مِنْ صِفَاتِ النَّفْسِ. وَتَفْضِيلِ إِنْفَاقِهِ فِي وُجُوهِ
الْبِرِّ عَلَى إِمْسَاكِ مَا فَضَلَ عَنِ الْحَاجَةِ وَهُوَ عَزِيمَةِ الْخَوَاصِّ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ عِيَالٌ لَا الْمَشْرُوعُ لِكُلِّ النَّاسِ، فَإِنَّ نُصُوصَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ تُنَافِي إِنْفَاقَ كُلِّ مَا يَمْلِكُ الْمَرْءَ كَمَا تَقَدَّمَ، وَتَأْمُرُ بِالْقَصْدِ وَالِاعْتِدَالِ، فَمِنَ الْآيَاتِ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا (25: 67) ووَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 10  صفحه : 353
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست