responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 10  صفحه : 298
الْيَهُودِ فِي بِلَادِ الْعَرَبِ أَوْ غَيْرِهَا قَالُوا عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ بَعِيدٍ فِي نَفْسِهِ، وَلَوْ كَانَتِ الْآيَةُ نَصًّا فِيهِ لَجَزَمْنَا بِهِ ; لِأَنَّهُ عَدَمُ وُصُولِ نَقْلٍ إِلَيْنَا فِيهِ لَا يَقْتَضِي عَدَمَ وُقُوعِهِ، وَالرَّاجِحُ الْمُخْتَارُ أَنَّ الْمُرَادَ بِكُلٍّ مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فِي الْآيَةِ الْجِنْسُ، وَهُوَ يَصْدُقُ بِوُقُوعِ ذَلِكَ مِنْ بَعْضِهِمْ فِي أَيِّ عَصْرٍ كَانَ، وَالْمُخْتَارُ فِي مُضَاهَأَتِهِمْ لِلَّذِينِ كَفَرُوا مِنْ قَبْلِهِمْ يَصْدُقُ فِي كُلِّ مَنْ وَقَعَ ذَلِكَ مِنْهُمْ وَاللهُ أَعْلَمُ بِهِمْ، وَقَدْ عَلِمْنَا مِنْ تَارِيخِ قُدَمَاءِ الْوَثَنِيِّينَ فِي الشَّرْقِ وَالْغَرْبِ أَنَّ عَقِيدَةَ الِابْنُ اللهُ، وَالْحُلُولِ، وَالتَّثْلِيثِ، كَانَتْ مَعْرُوفَةً عِنْدَ الْبَرَاهِمَةِ فِي الْهِنْدِ وَالْبُوذِيِّينَ فِيهَا وَفِي الصِّينِ وَالْيَابَانِ وَقُدَمَاءِ الْفُرْسِ وَالْمِصْرِيِّينَ وَالْيُونَانِ وَالرُّومَانِ، وَقَدْ بَيَّنَّا هَذَا فِي تَفْسِيرِ آيَةِ: (4: 171) الَّتِي تَقَدَّمَتِ الْإِشَارَةُ إِلَيْهَا آنِفًا وَهَذَا الْبَيَانُ لِهَذِهِ الْحَقِيقَةِ مِنْ مُعْجِزَاتِ الْقُرْآنِ، فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَعْرِفُهَا أَحَدٌ مِنَ الْعَرَبِ، وَلَا مِمَّنْ حَوْلَهُمْ، بَلْ لَمْ تَظْهَرْ إِلَّا فِي هَذَا الزَّمَانِ، كَمَا يُقَالُ مِثْلُ هَذَا فِيمَا بَيَّنَهُ مِنْ حَقِيقَةِ أَمْرِ كُتُبِهِمْ، وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ قَرِيبًا فِي فَصْلٍ خَاصٍّ.
قَاتَلَهُمُ اللهُ هَذِهِ الْجُمْلَةُ تُسْتَعْمَلُ فِي اللِّسَانِ الْعَرَبِيِّ لِلتَّعَجُّبِ، فَهُوَ الْمُرَادُ بِهَا لَا ظَاهِرُ مَعْنَاهَا. قَالَ فِي مَجَازِ الْأَسَاسِ: وَقَاتَلَهُ اللهُ مَا أَفْصَحَهُ اهـ. وَحَكَى النَّقَّاشُ أَنَّ أَصْلَ " قَاتَلَهُ اللهُ " الدُّعَاءُ، ثُمَّ كَثُرَ فِي اسْتِعْمَالِهِمْ حَتَّى قَالُوهُ عَلَى التَّعَجُّبِ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ وَهُمْ لَا يُرِيدُونَ الدُّعَاءَ اهـ. وَفَسَّرَهُ بَعْضُهُمْ بِالدُّعَاءِ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ اللَّعْنَةُ أَوِ الْهَلَاكُ. وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ تَقَدَّمَ مِثْلُ هَذِهِ الْجُمْلَةِ فِي الرَّدِّ عَلَى قَوْلِ الَّذِينَ قَالُوا: إِنَّ اللهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ مِنْ سُورَةِ الْمَائِدَةِ إِذْ قَالَ تَعَالَى: مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآيَاتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (5: 75) وَمِثْلُهُ فِي سُورَةِ
الْأَنْعَامِ بَعْدَ الِاسْتِدْلَالِ عَلَى الْخَالِقِ عَزَّ وَجَلَّ: ذَلِكُمُ اللهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (6: 95) وَالْإِفْكُ صَرْفُ الشَّيْءِ عَنْ وَجْهِهِ (وَبَابُهُ مِنْ وَزْنِ ضَرَبَ) وَيُقَالُ: أُفِكَ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ بِمَعْنَى صُرِفَ عَقْلُهُ عَنْ إِدْرَاكِ الْحَقِيقَةِ، وَرَجُلٌ مَأْفُوكُ الْعَقْلِ، فَمَادَّةُ أَفَكَ تُسْتَعْمَلُ فِي صَرْفِ الْعَقْلِ وَالنَّفْسِ عَنِ الْحَقِّ إِلَى الْبَاطِلِ وَنَحْوِهِ. وَالْمَعْنَى هُنَا: كَيْفَ يُصْرَفُونَ عَنْ حَقِيقَةِ التَّوْحِيدِ وَالتَّنْزِيهِ لِلْخَالِقِ عَزَّ وَجَلَّ، وَهُوَ الَّذِي تَجْزِمُ بِهِ الْعُقُولُ وَالَّذِي بَلَّغَهُ عَنِ اللهِ تَعَالَى كُلُّ رَسُولٍ، فَهُوَ جَمْعٌ بَيْنَ الْمَعْقُولِ وَالْمَنْقُولِ، وَيَقُولُونَ هَذَا الْقَوْلَ الَّذِي لَا يَقْبَلُهُ عَقْلٌ، وَلَمْ يَصِحَّ بِهِ عَنْ أَنْبِيَاءِ اللهِ وَرُسُلِهِ نَقْلٌ؟ فَأَيْنَ عُزَيْرٌ وَالْمَسِيحُ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ، الْخَالِقِ لهَذَا الْكَوْنِ الْعَظِيمِ، الَّذِي وَصَلَ مِنْ عَجَائِبَ سَعَتِهِ إِلَى عَالَمِ الْبَشَرِ الْقَلِيلِ أَنَّ بَعْضَ شُمُوْسِهِ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 10  صفحه : 298
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست