responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 10  صفحه : 294
النَّصَارَى هِيَ أَسَاسُ الدِّينِ أَوْ رُكْنُهُ الْأَعْظَمُ، فَلَوْ كَانَتْ عَقِيدَةً إِلَهِيَّةً مُوحًى بِهَا إِلَى الْأَنْبِيَاءِ لَصَرَّحُوا كُلُّهُمْ بِهَا تَصْرِيحًا لَا يَقْبَلُ التَّأْوِيلَ كَمَا صَرَّحُوا بِالتَّوْحِيدِ الَّذِي اعْتَرَفَ هُوَ وَغَيْرُهُ بِأَنَّهُ ظَاهِرٌ (وَبَيِّنٌ جِدًّا) فِي الْعَهْدِ الْقَدِيمِ، وَهَاتَانِ الْعَقِيدَتَانِ عَلَى أَتَمِّ التَّنَاقُضِ. وَمَا ذَكَرَهُ مِنَ الْإِشَارَةِ إِلَيْهَا فِي أَوَّلِ سِفْرِ التَّكْوِينِ بِذِكْرِ اللهِ وَلَفْظِ (رُوحِ اللهِ) غَيْرُ مُسَلَّمٍ ; فَإِنَّهُ لَمْ يَفْهَمْ ذَلِكَ مِنْهُمَا أَحَدٌ مِنَ الْيَهُودِ، وَلَا غَيْرِهِمْ قَبْلَ ابْتِدَاعِ هَذِهِ الْعَقِيدَةِ، وَلَا يَجُوزُ بَلْ لَا يُعْقَلُ أَنْ يَكُونَ أَسَاسُ الْعَقِيدَةِ فِي كِتَابِ اللهِ مُبْهَمًا لَا يَفْهَمُهُ الْمُخَاطَبُونَ مِنْهُ، كَمَا عَلِمْتَ آنِفًا مِنِ اسْتِشْهَادِهِ بِالْمِزْمَارِ (33: 6) وَهَذَانِ اللَّفْظَانِ مَوْجُودَانِ فِي الْقُرْآنِ الْمَجِيدِ الَّذِي يُصَرِّحُ بِكُفْرِ الْقَائِلِينَ بِالتَّثْلِيثِ.
(6) مَا ذَكَرَهُ فِي مَسْأَلَةِ (وِحْدَةِ اللهِ) مِنْ سَبَبِ التَّصْرِيحِ بِتَوْحِيدِ اللهِ تَعَالَى
بِأَقْوَى النُّصُوصِ فِي الْعَهْدِ الْقَدِيمِ، وَهُوَ سَدُّ ذَرِيعَةِ الْوَثَنِيَّةِ الَّتِي كَانَتْ كَثِيرَةَ الشُّيُوعِ فِي الْأَزْمِنَةِ الْأُولَى هُوَ حُجَّةٌ عَلَيْهِ، فَإِنَّ تِلْكَ الْوَثَنِيَّةَ الَّتِي أَرَادَ اللهُ تَعَالَى سَدَّ ذَرَائِعِهَا بِنُصُوصِ التَّوْحِيدِ الْقَطْعِيَّةِ لِمُوسَى وَغَيْرِهِ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، كَانَ مِنْ أَرْكَانِهَا عَقِيدَةُ التَّثْلِيثِ الْهِنْدِيَّةُ الْمِصْرِيَّةُ الْيُونَانِيَّةُ، فَمَا وَقَعَ فِيهِ النَّصَارَى مِنَ الْوَثَنِيَّةِ هُوَ الَّذِي أُرِيدَ وِقَايَةُ أَتْبَاعِ الْأَنْبِيَاءِ مِنْهُ بِتِلْكَ النُّصُوصِ الْإِلَهِيَّةِ فِي كُتُبِهِمْ، وَلَا سِيَّمَا الْوَصِيَّةُ الْأُولَى مِنْ وَصَايَا التَّوْرَاةِ، وَإِنَّمَا أَوْقَعَهُمْ فِيهِ هَذِهِ الْأَلْفَاظُ الْمُجْمَلَةُ فِي رَسَائِلِ بُولُسَ وَأَنَاجِيلِ تَلَامِيذِهِ، وَعَدَمِ تَأْوِيلِهِمْ لَهَا بِهَا يُوَافِقُ تَوْحِيدَ جَمِيعِ الْأَنْبِيَاءِ وَنُصُوصَ التَّنْزِيهِ فِيهَا وَفِي الْإِنْجِيلِ أَيْضًا.
(7) إِنَّ اسْتِشْهَادَهُ عَلَى " كَلِمَةِ ابْنِ اللهِ " بِمَا جَاءَ فِي الْفَصْلِ 3 مِنْ سِفْرِ دَانْيَالَ غَرِيبٌ جِدًّا جِدًّا، فَإِنَّ عَادَتَهُ فِي قَامُوسِهِ أَنْ يَذْكُرَ بِجَانِبِ كُلِّ كَلِمَةٍ تَفْسِيرًا لَهَا وَشَاهِدًا عَلَيْهَا مِنْ كَلَامِ اللهِ أَوْ كَلَامِ الْأَنْبِيَاءِ، وَالْعِبَارَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا هُنَا هِيَ كَلِمَةُ الْمَلِكِ بَابِلَ نِبُوخَذْ نَصْرِ الْوَثَنِيِّ قَالَهَا فِي أَحَدِ الْأَفْرَادِ الَّذِينَ أَلْقَاهُمْ فِي أَتُونِ النَّارِ وَلَمْ يَحْتَرِقُوا، وَهِيَ " وَمَنْظَرُ الرَّابِعِ شَبِيهٌ بِابْنِ الْآلِهَةِ " فَلْيَنْظُرِ الْمُسْلِمُونَ وَغَيْرُهُمْ مِنَ الْعُقَلَاءِ بِمَ يُؤَيِّدُ هَؤُلَاءِ النَّصَارَى تَسْمِيَتَهُمُ الْمَسِيحَ ابْنَ اللهِ؟ ! وَبِمَ يُثْبِتُونَ أَنَّ لِلَّهِ ابْنًا حَقِيقِيًّا؟ إِنَّهُمْ يُحَاوِلُونَ إِثْبَاتَ هَذَا أَوْ يُؤَيِّدُونَهُ بِكَلَامِ الْوَثَنِيِّينَ فِي عَقَائِدِهِمْ، ثُمَّ يُنْكِرُونَ أَنَّهُمْ وَثَنِيُّونَ.
(8) إِنَّهُ حَاوَلَ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ مَا أَمَرَ الْمَسِيحُ بِهِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ خِطَابِهِمْ لِلَّهِ تَعَالَى فِي الصَّلَوَاتِ بِقَوْلِهِ فِي أَوَّلِ الصَّلَاةِ الرَّبَّانِيَّةِ " أَبَانَا الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ " إِلَخْ وَمَا فِي مَعْنَاهُ كَقَوْلِهِ " أَبِي وَأَبِيكُمْ " وَبَيْنَ رِوَايَتِهِمْ عَنْهُ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ مِنْ قَوْلِهِ " أَبِي " فَهُوَ يَزْعُمُ تَقْلِيدًا لِرُؤَسَاءِ مَلَّتِهِ أَنَّ إِضَافَةَ الْأَبِ إِلَى ضَمِيرِ الْمُتَكَلِّمِ مِنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَإِضَافَتَهُ إِلَى ضَمِيرِ الْجَمِيعِ فِيمَا أَمَرَهُمْ بِهِ مِنْ قَوْلِ " أَبَانَا " دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ أُبُوَّتَهُ تَعَالَى لَهُ حَقِيقِيَّةٌ وَأُبُوَّتَهُ لِلْمُؤْمِنِينَ عَلَى سَبِيلِ التَّبَنِّي.
وَهَذَا مِنْ أَغْرَبِ مَا يُؤْثَرُ عَنْهُمْ مِنَ التَّحَكُّمِ وَالِابْتِدَاعِ الْمُخَالِفِ لِلُّغَةِ وَلِلْعَقْلِ
وَلِلنَّقْلِ الْمَأْثُورِ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 10  صفحه : 294
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست