responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 10  صفحه : 26
مِنْهُمْ وَخَافَ عَلَيْهِمْ، وَأَيِسَ مِنْ حَالِهِمْ لَمَّا رَأَى إِمْدَادَ اللهِ الْمُسْلِمِينَ بِالْمَلَائِكَةِ وَاللهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هَذَا مِنْ كَلَامِهِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُسْتَأْنَفًا.
تَفْسِيرُ الْآيَةِ بِوَسْوَسَةِ الشَّيْطَانِ وَإِغْوَائِهِ لِلْمُشْرِكِينَ، وَتَغْرِيرِهِ بِهِمْ قَبْلَ تَقَابُلِ الصُّفُوفِ، وَتَرَائِي الزُّحُوفِ وَبِتَخَلِّيهِ عَنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ
وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَخَرَّجَهُ عُلَمَاءُ الْبَيَانِ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ كَالزَّمَخْشَرِيِّ وَالْبَيْضَاوِيِّ بِنَحْوٍ مِمَّا ذَكَرْنَا، وَهُوَ لَا يَخْلُو مِنْ تَكَلُّفٍ فِي الْجُمَلِ الْأَخِيرَةِ إِلَّا أَنْ يُقَالَ: إِنَّهُ لَمَّا نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ تَبَرَّأَ مِنْهُمْ، وَقَالَ مَا قَالَ فِي نَفْسِهِ لَا لَهُمْ، وَمِثْلُ هَذَا الْخِطَابِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى سَمَاعِ الْمُخَاطَبِينَ لَهُ حَتَّى فِي خِطَابِ النَّاسِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ، وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللهَ (59: 16) قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ سَارَ إِبْلِيسُ بِرَايَتِهِ وَجُنُودِهِ مَعَ الْمُشْرِكِينَ، وَأَلْقَى فِي قُلُوبِ الْمُشْرِكِينَ أَنَّ أَحَدًا لَنْ يَغْلِبَكُمْ، وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ. فَلَمَّا الْتَقَوْا، وَنَظَرَ الشَّيْطَانُ إِلَى إِمْدَادِ الْمَلَائِكَةِ: نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ قَالَ: رَجَعَ مُدْبِرًا، وَقَالَ: إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ - الْآيَةَ. وَمِثْلَهُ قَالَ الْحَسَنُ.
أَقُولُ: مَعْنَى هَذَا أَنَّ جُنْدَ الشَّيْطَانِ الْخَبِيثِ كَانُوا مُنْبَثِّينَ فِي الْمُشْرِكِينَ يُوَسْوِسُونَ لَهُمْ بِمُلَابَسَتِهِمْ لِأَرْوَاحِهِمُ الْخَبِيثَةِ مَا يُغْرِيهِمْ وَيَغُرُّهُمْ، كَمَا كَانَ الْمَلَائِكَةُ مُنْبَثِّينِ فِي الْمُؤْمِنِينَ يُلْهِمُونَهُمْ بِمُلَابَسَتِهِمْ لِأَرْوَاحِهِمُ الطَّيِّبَةِ مَا يُثَبِّتُونَ بِهِ قُلُوبَهُمْ، وَيَزِيدُهُمْ ثِقَةً بِوَعْدِ اللهِ بِنَصْرِهِمْ كَمَا تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي تَفْسِيرِ آيَةِ إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ (8: 12) إِلَخْ. فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ، وَأَوْشَكَ أَنْ يَتَلَاحَمَا فَرَّ الشَّيْطَانُ بِجُنُودِهِ مِنْ بَيْنِ الْمُشْرِكِينَ. لِئَلَّا تَصِلَ إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ الْمُلَابِسَةُ لِلْمُؤْمِنِينَ، وَهُمَا ضِدَّانِ لَا يَجْتَمِعَانِ، وَلَوِ اجْتَمَعَا لَقَضَى أَقْوَاهُمْ وَهُمُ الْمَلَائِكَةُ عَلَى أَضْعَفِهِمَا، فَخَوْفُ الشَّيْطَانِ إِنَّمَا كَانَ مِنْ إِحْرَاقِ الْمَلَائِكَةِ لِجُنُودِهِ لَا عَلَى الْمُشْرِكِينَ، كَمَا يُقْذَفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ.
وَقَدْ بَيَّنَّا فِي مَوَاضِعَ مِنْ هَذَا التَّفْسِيرِ وَغَيْرِهِ أَنَّ الْعَوَالِمَ الرُّوحِيَّةَ الْخَفِيَّةَ كَعَوَالِمِ الْعَنَاصِرِ الْمَادِّيَّةِ مِنْهَا الْمُؤْتَلِفُ وَالْمُخْتَلِفُ، وَمِنْهَا مَا يَتَّحِدُ بِغَيْرِهِ فَيَتَأَلَّفُ مِنْهُمَا حَقِيقَةٌ وَاحِدَةٌ كَحَقِيقَةِ الْمَاءِ وَالْهَوَاءِ، وَمِنْهَا مَا لَا يَتَّحِدُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ، وَلَا يَجْتَمِعَانِ فِي حَيِّزٍ وَاحِدٍ الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ (24: 26) وَكَذَلِكَ جَعَلَنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا
(6: 112) .
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلٌ آخَرُ: هُوَ أَنَّ الشَّيْطَانَ تَمَثَّلَ فِي صُورَةِ سُرَاقَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ سَيِّدِ بَنِي مُدْلِجٍ، وَقَالَ لِلْمُشْرِكِينَ مَا قَصَّتْهُ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ أَوَّلًا وَآخِرًا. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي الْكَلْبِيُّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ إِبْلِيسَ خَرَجَ مَعَ قُرَيْشٍ فِي صُورَةِ سُرَاقَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ، فَلَمَّا حَضَرَ الْقِتَالَ وَرَأَى الْمَلَائِكَةَ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ: إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ،

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 10  صفحه : 26
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست