responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 10  صفحه : 242
وَالشَّيْبُ دَاءٌ نَجِيسٌ لَا دَوَاءَ لَهُ ... لِلْمَرْءِ كَانَ صَحِيحًا صَائِبَ الْقَحْمِ
وَفَسَّرَهُ بِقَوْلِهِ: أَيْ هُوَ دَاءُ عَيَاءٍ لِلرَّجُلِ الصَّحِيحِ الْجَلِدِ الَّذِي إِذَا تَقَحَّمَ فِي الشَّدَائِدِ أَصَابَ فِيهَا وَلَمْ يُخْطِئْ.
(قَالَ) وَمِنَ الْمَجَازِ النَّاسُ أَجْنَاسٌ، وَأَكْثَرُهُمْ أَنْجَاسٌ، وَنَجَّسَتْهُ الذُّنُوبُ إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ وَتَقُولُ: لَا تَرَى أَنْجَسَ مِنَ الْكَافِرِ، وَلَا أَنْجَسَ مِنَ الْفَاجِرِ اهـ.
هَذَا تَحْقِيقُ مَعْنَى النَّجَسِ وَالنَّجَاسَةِ فِي اللُّغَةِ. وَأَمَّا فِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ. فَالنَّجَسُ مَا يَجِبُ التَّطْهِيرُ لِمَا يُصِيبُهُ سَوَاءٌ أَكَانَ قَذِرًا فِي الْحِسِّ كَالْبَوْلِ وَالْغَائِطِ، أَمْ لَا كَالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ وَالْكَلْبِ عِنْدَ مَنْ يَقُولُ بِنَجَاسَةِ أَعْيَانِهَا وَهُمُ الْأَكْثَرُونَ. وَمِنْ ثَمَّ قَالَ بَعْضُهُمْ بِنَجَاسَةِ أَعْيَانِ الْمُشْرِكِينَ، وَوُجُوبِ تَطْهِيرِ مَا تُصِيبُهُ أَبْدَانُهُمْ مَعَ الْبَلَلِ.
وَحُكِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَمَالِكٍ وَعَنِ الْهَادِي وَالْقَاسِمِ وَالنَّاصِرِ مِنْ أَئِمَّةِ الْعِتْرَةِ، وَهُوَ مَذْهَبُ جُمْهُورِ الظَّاهِرِيَّةِ وَالشِّيعَةِ الْإِمَامِيَّةِ. وَجُمْهُورُ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ عَلَى خِلَافِهِ وَمِنْهُمْ أَهْلُ الْمَذَاهِبِ الْأَرْبَعَةِ، وَالْآيَةُ لَيْسَتْ نَصًّا وَلَا ظَاهِرًا رَاجِحًا فِيهِ، وَالسُّنَّةُ الْعَمَلِيَّةُ لَا تُؤَيِّدُهُ بَلْ تَنْفِيهِ، وَلَاسِيَّمَا قَوْلُ مَنْ يَجْعَلُ أَهْلَ الْكُتُبِ مُشْرِكِينَ كَالْإِمَامِيَّةِ، فَإِنَّ إِبَاحَةَ طَعَامِ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَنِكَاحِ نِسَائِهِمْ نَزَلَ فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ، وَهِيَ آخِرُ مَا نَزَلَ، فَهِيَ بَعْدَ سُورَةِ التَّوْبَةِ بِالْإِجْمَاعِ، وَإِبَاحَتُهُمَا تَسْتَلْزِمُ طَهَارَتَهُمَا.
وَمِنَ الْمَعْلُومِ الْقَطْعِيِّ لِكُلِّ مُطَّلِعٍ عَلَى السِّيرَةِ النَّبَوِيَّةِ، وَتَارِيخِ ظُهُورِ الْإِسْلَامِ بِالضَّرُورَةِ، أَنَّ الْمُسْلِمِينَ كَانُوا يُعَاشِرُونَ الْمُشْرِكِينَ وَيُخَالِطُونَهُمْ وَلَاسِيَّمَا بَعْدَ صُلْحِ الْحُدَيْبِيَةِ، إِذَا امْتَنَعَ اضْطِهَادُ الْمُشْرِكِينَ وَتَعْذِيبُهُمْ لِمَنْ لَا عَصَبِيَّةَ لَهُ، وَلَا جِوَارَ يَمْنَعُهُ مِنْهُمْ، وَكَانَتْ رُسُلُهُمْ وَوُفُودُهُمْ تَرِدُ عَلَى النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَيَدْخُلُونَ مَسْجِدَهُ، وَكَذَلِكَ أَهْلُ الْكِتَابِ كَنَصَارَى نَجْرَانَ وَالْيَهُودِ، وَلَمْ يُعَامِلْ أَحَدٌ أَحَدًا مِنْهُمْ مُعَامَلَةَ الْأَنْجَاسِ، وَلَمْ يَأْمُرْ بِغَسْلِ شَيْءٍ مِمَّا أَصَابَتْهُ أَبْدَانُهُمْ، بَلْ رُوِيَ عَنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ مِمَّا احْتَجَّ بِهِ الْجُمْهُورُ عَلَى طَهَارَةِ أَبْدَانِهِمْ مِنَ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ، وَمِنْهَا أَنَّهُ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ تَوَضَّأَ مِنْ مَزَادَةِ مُشْرِكَةٍ، وَأَكَلَ مِنْ طَعَامِ الْيَهُودِ، وَرَبَطَ ثُمَامَةَ بْنَ أُثَالٍ وَهُوَ مُشْرِكٌ بِسَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي الْمَسْجِدِ، وَمِنْهَا إِطْعَامُهُ هُوَ وَأَصْحَابُهُ لِلْوَفْدِ مِنَ الْكَفَّارِ وَلَمْ يَأْمُرْ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ بِغَسْلِ الْأَوَانِي الَّتِي كَانُوا يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ فِيهَا، وَرَوَى أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ: كُنَّا نَغْزُو مَعَ رَسُولِ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فَنُصِيبُ مِنْ آنِيَةِ الْمُشْرِكِينَ وَأَسْقِيَتِهِمْ فَنَسْتَمْتِعُ بِهَا وَلَا يَعِيبُ ذَلِكَ عَلَيْنَا.
وَقَدِ اسْتَدَلَّ الْقَائِلُونَ بِنَجَاسَةِ الْكَافِرِ بِمَفْهُومِ حَدِيثِ إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَا يَنْجُسُ وَقَدْ رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ كُلُّهُمْ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَجَاءَ بِلَفْظِ. " الْمُسْلِمُ " مِنْ حَدِيثِ حُذَيْفَةَ رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إِلَّا الْبُخَارِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ. وَهُوَ مَفْهُومُ لَقَبٍ وَلَيْسَ بِحُجَّةٍ عِنْدَ
الْجُمْهُورِ الْقَائِلِينَ بِمَفْهُومِ الْمُخَالَفَةِ.

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 10  صفحه : 242
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست