responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 10  صفحه : 195
مَكَّةَ فَقَالَ لِلْعَبَّاسِ: أَيْ عَمِّ أَلَا تُهَاجِرُ؟ أَلَا تَلْحَقُ بِرَسُولِ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَ: أَعْمُرُ الْمَسْجِدَ وَأَحْجُبُ الْبَيْتَ، فَأَنْزَلَ اللهُ: أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ الْآيَةَ. وَرَوَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ الْعَبَّاسُ حِينَ أُسِرَ يَوْمَ بَدْرٍ: إِنْ كُنْتُمْ سَبَقْتُمُونَا بِالْإِسْلَامِ وَالْهِجْرَةِ وَالْجِهَادِ لَقَدْ كُنَّا نَعْمُرُ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ، وَنَسَقِي الْحَاجَّ، وَنَفُكُّ الْعَانِيَ (أَيِ الْأَسِيرَ) فَأَنْزَلَ اللهُ: أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ.
وَرَوَى أَبُو جَعْفَرِ بْنُ جَرِيرٍ عَنْ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ قَالَ: افْتَخَرَ طَلْحَةُ بْنُ شَيْبَةَ مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ، وَعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ - فَقَالَ طَلْحَةُ: أَنَا صَاحِبُ الْبَيْتِ مَعِي مِفْتَاحُهُ، وَلَوْ أَشَاءُ بِتُّ فِيهِ. وَقَالَ الْعَبَّاسُ: أَنَا صَاحِبُ السِّقَايَةِ وَالْقَائِمُ عَلَيْهَا وَلَوْ أَشَاءُ بِتُّ فِي الْمَسْجِدِ. فَقَالَ عَلِيٌّ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ: مَا أَدْرِي مَا تَقُولَانِ، لَقَدْ صَلَّيْتُ إِلَى الْقِبْلَةِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ قَبْلَ النَّاسِ وَأَنَا صَاحِبُ الْجِهَادِ. فَأَنْزَلَ اللهُ: أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ الْآيَةَ كُلَّهَا. فَهَذِهِ الرِّوَايَاتُ فِي أَسْبَابِ النُّزُولِ وَقَائِعٌ فِي تَفْسِيرِ الْآيَاتِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ أَسْبَابًا.
وَالْمُعْتَمَدُ مِنْ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ حَدِيثُ النُّعْمَانِ؛ لِصِحَّةِ سَنَدِهِ وَمُوَافَقَةِ مَتْنِهِ لِمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْآيَاتُ مِنْ كَوْنِ مَوْضُوعِهَا فِي الْمُفَاضَلَةِ أَوِ الْمُسَاوَاةِ بَيْنَ خِدْمَةِ الْبَيْتِ وَحُجَّاجِهِ - مِنْ أَعْمَالِ الْبِرِّ الْبَدَنِيَّةِ الْهَيِّنَةِ الْمُسْتَلَذَّةِ - وَبَيْنَ الْإِيمَانِ وَالْجِهَادِ بِالْمَالِ وَالنَّفْسِ وَالْهِجْرَةِ وَهِيَ أَشَقُّ الْعِبَادَاتِ النَّفْسِيَّةِ الْبَدَنِيَّةِ الْمَالِيَّةِ، وَالْآيَاتُ تَتَضَمَّنُ الرَّدَّ عَلَيْهَا كُلَّهَا. وَفِي أَثَرِ عَلِيٍّ أَنَّ الْعَبَّاسَ ذَكَرَ حِجَابَةَ الْبَيْتِ، وَهِيَ لَمْ تَكُنْ لَهُ دُونَ السِّقَايَةِ الَّتِي كَانَتْ لَهُ، وَأَثَرُ ابْنِ عَبَّاسٍ فِيهِ تَقَدَّمَ مَعْنَاهُ فِي تَفْسِيرِ الْآيَتَيْنِ السَّابِقَتَيْنِ.
تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ عِمَارَةِ الْمَسْجِدِ فِي اللُّغَةِ وَالِاصْطِلَاحِ. وَالسِّقَايَةُ فِي اللُّغَةِ: الْمَوْضِعُ الَّذِي
يُسْقَى فِيهِ الْمَاءُ وَغَيْرُهُ، وَكَذَا الْإِنَاءُ الَّذِي يُسْقَى بِهِ، وَمِنْهُ: جَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ (12: 70) سُمِّيَتْ سِقَايَةً؛ لِأَنَّهَا يُسْقَى بِهَا، وَصُوَاعًا لِأَنَّهَا يُكَالُ بِهَا كَالصَّاعِ وَهُوَ يُؤَنَّثُ وَيُذَكَّرُ. قَالَ فِي اللِّسَانِ (كَغَيْرِهِ) وَالسِّقَايَةُ: الْمَوْضِعُ الَّذِي يُتَّخَذُ فِيهِ الشَّرَابُ فِي الْمَوَاسِمِ وَغَيْرِهَا. (ثُمَّ قَالَ) وَفِي الْحَدِيثِ كُلُّ مَأْثُرَةٍ مِنْ مَآثِرِ الْجَاهِلِيَّةِ تَحْتَ قَدَمِيَّ إِلَّا سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَسِدَانَةَ الْبَيْتِ هِيَ مَا كَانَتْ قُرَيْشٌ تَسْقِيهِ الْحُجَّاجَ مِنَ الزَّبِيبِ الْمَنْبُوذِ فِي الْمَاءِ، وَكَانَ يَلِيهَا الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَالْإِسْلَامِ اهـ. وَالْحَدِيثُ الَّذِي ذَكَرَهُ وَرَدَ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ خُطْبَتِهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ.
وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي الْأَسْمَاءِ وَاللُّغَاتِ مَا نَصُّهُ: سِقَايَةُ الْعَبَّاسِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ مَوْضِعٌ بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ زَادَهُ اللهُ تَعَالَى شَرَفًا، يَسْتَقِي فِيهَا الْمَاءَ؛ لِيَشْرَبَهُ النَّاسُ وَبَيْنَهَا وَبَيْنَ زَمْزَمَ أَرْبَعُونَ ذِرَاعًا، حَكَى الْأَزْرَقِيُّ فِي كِتَابِهِ تَارِيخِ مَكَّةَ وَغَيْرُهُ مِنَ الْعُلَمَاءِ: أَنَّ السِّقَايَةَ حِيَاضٌ مِنْ أَدَمٍ كَانَتْ عَلَى عَهْدِ قُصَيِّ بْنِ كِلَابٍ تُوضَعُ بِفَنَاءِ الْكَعْبَةِ، وَيُسْتَقَى فِيهَا الْمَاءُ الْعَذْبُ مِنَ الْآبَارِ عَلَى الْإِبِلِ وَيُسْقَاهُ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 10  صفحه : 195
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست