responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 10  صفحه : 187
عَمَرَ الرَّجُلُ اللهَ بِمَعْنَى عَبَدَهَ، قَالَ: وَالْعِمَارَةُ (بِالْكَسْرِ) مَا يَعْمُرُ بِهِ الْمَكَانُ، وَالْعُمَارَةُ (بِالضَّمِّ) أُجْرَةُ الْعِمَارَةِ. (قَالَ) وَالْعُمْرَةُ (بِالضَّمِّ) طَاعَةُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَالْعُمْرَةُ فِي الْحَجِّ مَعْرُوفَةٌ مَأْخُوذَةٌ مِنَ الِاعْتِمَارِ وَهُوَ الزِّيَارَةُ وَالْقَصْدُ. . . وَهُوَ فِي الشَّرْعِ زِيَارَةُ الْبَيْتِ الْحَرَامِ بِالشُّرُوطِ الْمَخْصُوصَةِ الْمَعْرُوفَةِ. قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وَلَمْ يَجِئْ فِيمَا أَعْلَمُ عَمَرَ بِمَعْنَى اعْتَمَرَ، وَلَكِنْ
عَمَرَ اللهَ إِذَا عَبَدَهُ، وَعَمَرَ فُلَانٌ رَكْعَتَيْنِ إِذَا صَلَّاهُمَا، وَهُوَ يَعْمُرُ رَبَّهُ يُصَلِّي وَيَصُومُ اهـ. مُلَخَّصًا.
وَقَالَ الرَّاغِبُ: الْعِمَارَةُ نَقِيضُ الْخَرَابِ يُقَالُ: عَمَرَ أَرْضَهُ يَعْمُرُهَا. قَوْلُهُ إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللهِ (9: 18) إِمَّا مِنَ الْعِمَارَةِ الَّتِي هِيَ حِفْظُ الْبِنَاءِ أَوْ مِنَ الْعُمْرَةِ الَّتِي هِيَ الزِّيَارَةُ أَوْ مِنْ قَوْلِهِمْ: عَمَرْتُ بِمَكَانِ كَذَا أَيْ أَقَمْتُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ يُقَالُ: عَمَرْتُ الْمَكَانَ وَعَمَرْتُ بِالْمَكَانِ انْتَهَى. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُقَالُ عَمَرَ بِمَعْنَى اعْتَمَرَ فَلْيُتَحَرَّ.
فَعُلِمَ مِنْ هَذِهِ النُّصُوصِ أَنَّ عِمَارَةَ الْمَسْجِدِ تُطْلَقُ عَلَى عِبَادَةِ اللهِ فِيهِ مُطْلَقًا، وَعَلَى النُّسُكِ الْمَخْصُوصِ الْمُسَمَّى بِالْعُمْرَةِ، وَهِيَ خَاصَّةٌ بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَعَلَى لُزُومِهِ وَالْإِقَامَةِ فِيهِ لِخِدْمَتِهِ الْحِسِّيَّةِ، وَعَلَى بُنْيَانِهِ وَتَرْمِيمِهِ. وَكُلُّ ذَلِكَ مُرَادٌ هُنَا؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ يَدُلُّ عَلَيْهِ وَالْمَقَامَ يَقْتَضِيهِ، وَالْمُخْتَارُ عِنْدَنَا اسْتِعْمَالُ الْمُشْتَرِكِ فِي مَعَانِيهِ الَّتِي يَقْتَضِيهَا الْمَقَامُ تَبَعًا لِلشَّافِعِيِّ وَابْنِ جَرِيرٍ.
رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ لَمَّا أُسِرَ الْعَبَّاسُ يَوْمَ بَدْرٍ عَيَّرَهُ الْمُسْلِمُونَ بِالْكُفْرِ وَقَطِيعَةِ الرَّحِمِ، وَأَغْلَظَ عَلِيٌّ لَهُ الْقَوْلَ، فَقَالَ الْعَبَّاسُ: مَا لَكُمْ تَذْكُرُونَ مَسَاوِينَا، وَلَا تَذْكُرُونَ مَحَاسِنَنَا؟ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ: أَلَكُمْ مَحَاسِنُ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، إِنَّنَا لَنَعْمُرُ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ، وَنَحْجُبُ الْكَعْبَةَ، وَنَسَقِي الْحَاجَّ، فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ رَدًّا عَلَى الْعَبَّاسِ: مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللهِ إِلَخْ وَالْمُرَادُ أَنَّهَا تَتَضَمَّنُ الرَّدَّ عَلَى ذَلِكَ الْقَوْلِ الَّذِي كَانَ يَقُولُهُ وَيَفْخَرُ بِهِ هُوَ وَغَيْرُهُ مِنْ كُبَرَاءِ الْمُشْرِكِينَ أَيْضًا، لَا أَنَّهَا نَزَلَتْ عِنْدَمَا قَالَ ذَلِكَ الْقَوْلَ لِأَجْلِ الرَّدِّ عَلَيْهِ فِي أَيَّامِ بَدْرٍ مِنَ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنَ الْهِجْرَةِ، بَلْ نَزَلَتْ فِي ضِمْنِ السُّورَةِ بَعْدَ الرُّجُوعِ مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ كَمَا تَقَدَّمَ.
وَمَعْنَى الْجُمْلَةِ: مَا كَانَ يَنْبَغِي، وَلَا يَصِحُّ لِلْمُشْرِكِينَ، وَلَا مِنْ شَأْنِهِمُ الَّذِي يَقْتَضِيهِ
شِرْكُهُمْ، أَوِ الَّذِي يَشْرَعُهُ أَوْ يَرْضَاهُ اللهُ مِنْهُمْ أَوْ يُقِرُّهُمْ عَلَيْهِ أَنْ يَعْمُرُوا مَسْجِدَ اللهِ الْأَعْظَمَ وَبَيْتَهُ الْمُحَرَّمَ بِالْإِقَامَةِ فِيهِ لِلْعِبَادَةِ أَوِ الْخِدْمَةِ لَهُ، وَالْوِلَايَةِ عَلَيْهِ، وَلَا أَنْ يَزُورُوهُ حُجَّاجًا

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 10  صفحه : 187
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست