responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 10  صفحه : 170
وَقَرَأَ: فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَأَبَى أَنْ يَقْبَلَ الصَّلَاةَ إِلَّا بِالزَّكَاةِ: وَقَالَ رَحِمَ اللهُ أَبَا بَكْرٍ مَا كَانَ أَفْقَهُهُ. وَرُوِيَ
عَنْ عَبْدِ اللهِ (أَيِ ابْنِ مَسْعُودٍ) قَالَ: أُمِرْتُمْ بِإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَمَنْ لَمْ يُزَكِّ فَلَا صَلَاةَ لَهُ. وَرَوَى غَيْرُهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ كَمَا قَالَ ابْنُ زَيْدٍ بَعْدَهُ: رَحِمَ اللهُ أَبَا بَكْرٍ مَا كَانَ أَفْقَهُهُ. يَعْنِي بِهَذَا قَوْلَهُ: وَاللهِ لَا أُفَرِّقُ بَيْنَ شَيْئَيْنِ جَمَعَ اللهُ بَيْنَهُمَا.
وَفِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ مَبَاحِثُ: (الْمَبْحَثُ الْأَوَّلُ) أَنَّ الشَّرْطَ فِيهَا كَالشَّرْطِ فِي الْآيَةِ الْخَامِسَةِ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفَ الْجَوَابُ لِمُنَاسَبَةِ السِّيَاقِ، وَرَدَتْ تِلْكَ الْآيَةُ تَالِيَةً تِلْوَ الْأَمْرِ بِقَتْلِ الْمُشْرِكِينَ فَنَاسَبَ أَنْ يَكُونَ جَوَابُ الشَّرْطِ فِيهَا الْأَمْرَ بِتَرْكِهِ، وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ (5) وَوَرَدَتْ هَذِهِ الْآيَةُ تِلْوَ إِثْبَاتِ رُسُوخِ الْمُشْرِكِينَ فِي كُفْرِهِمْ وَضَلَالِهِمْ وَصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللهِ، وَكَوْنِهِ هُوَ الْبَاعِثُ لَهُمْ عَلَى قِتَالِ الْمُؤْمِنِينَ ابْتِدَاءً ثُمَّ عَلَى نَقْضِ عُهُودِهِمْ، فَنَاسَبَ أَنْ يَذْكُرَ فِي جَوَابِ شَرْطِهَا فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَهَذِهِ أَجْلَبُ لِقُلُوبِهِمْ، وَأَشَدُّ اسْتِمَالَةً لَهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ كَمَا قَالَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ.
(الْمَبْحَثُ الثَّانِي) اسْتَدَلَّ بَعْضُهُمْ بِهَا عَلَى كُفْرِ كُلٍّ مِنْ تَارِكِ الصَّلَاةِ، وَمَانِعِ الزَّكَاةِ، ذَلِكَ بِأَنَّهُ تَعَالَى اشْتَرَطَ فِيهَا لِتَحَقُّقِ أُخُوَّةِ الْإِيمَانِ، وَالدُّخُولِ فِي جَمَاعَتِهِ ثَلَاثَةَ أَشْيَاءَ: التَّوْبَةَ مِنَ الْكُفْرِ، وَإِقَامَ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ، فَانْتِفَاءُ أَحَدِ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ يَقْتَضِي انْتِفَاءَ مَا جُعِلَتْ شَرْطًا لَهُ وَهُوَ الْإِسْلَامُ، وَتَفَصَّى بَعْضُهُمْ مِنْ هَذَا بِادِّعَاءِ أَنَّ الْعِبَارَةَ إِنَّمَا تَدُلُّ عَلَى حُصُولِ الْإِسْلَامِ بِحُصُولِ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ فَقَطْ دُونَ انْتِفَائِهِ بِانْتِفَائِهَا فَهَذَا يَحْتَاجُ إِلَى دَلِيلٍ خَارِجِيٍّ، وَأَرْجَعَ ذَلِكَ إِلَى مَا زَعَمَهُ مِنْ أَنَّ التَّعْلِيقَ بِكَلِمَةِ " إِنْ " إِنَّمَا يَدُلُّ عَلَى اسْتِلْزَامِ الْمُعَلِّقِ لِلْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ حُصُولًا لَا انْتِفَاءً، فَهُوَ لَا يَقْتَضِي انْعِدَامَهُ بِانْعِدَامِهِ، لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْمُعَلِّقُ لَازِمًا أَعَمَّ فَيَتَحَقَّقُ بِدُونِ مَا جُعِلَ مَلْزُومًا لَهُ. وَهَذَا مِنَ الْجَدَلِيَّاتِ اللَّفْظِيَّةِ الْبَاطِلَةِ، فَلَيْسَ فِي الْمَقَامِ إِلَّا مَسْأَلَةُ الِاحْتِجَاجِ بِمَفْهُومِ الشَّرْطِ، وَهُوَ مِنْ ضَرُورِيَّاتِ اللُّغَةِ كَمَا بَيَّنَاهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ نَفْسِهَا مِنْ تَفْسِيرِ الْآيَةِ الْخَامِسَةِ، وَمَا أَوْرَدُوا عَلَى اطِّرَادِهِ مِنْ بَعْضِ النُّصُوصِ الَّتِي لَا يَظْهَرُ فِيهَا الْقَوْلُ بِالْمَفْهُومِ، فَمِنْهُ مَا سَبَبُهُ ضَعْفُ الْفَهْمِ، وَمِنْهُ مَا لَهُ سَبَبٌ خَارِجٌ عَنْ مَدْلُولِ اللُّغَةِ، فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا (24: 33) بِنَاءً
عَلَى أَنَّ مَفْهُومَهُ عَدَمُ النَّهْيِ عَنْ إِكْرَاهِهِنَّ إِنْ لَمْ يُرِدْنَ التَّحَصُّنَ - وَهُوَ غَفْلَةٌ ظَاهِرَةٌ عَنْ كَوْنِ الْإِكْرَاهِ إِنَّمَا يَتَحَقَّقُ عِنْدَ إِرَادَةِ التَّحَصُّنِ، وَلَا يُعْقَلُ عِنْدَ عَدَمِهَا وَهُوَ بَذْلُ الْعِرْضِ، وَبَيْعُ الْبُضْعِ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا (4: 31) اسْتَشْكَلَ الْأَشَاعِرَةُ الْقَوْلَ بِمَفْهُومِهِ عَلَى مَذْهَبِهِمْ، وَمَا هُوَ بِمُشْكِلٍ إِلَّا مِنْ حَيْثُ يَكُونُ حُجَّةً لِخُصُومِهِمُ الْمُعْتَزِلَةِ عَلَى عَدَمِ مَغْفِرَةِ الْكَبَائِرِ، وَمَا زَالَ الْمُتَعَصِّبُونَ لِلْمَذَاهِبِ يَجْنُونَ عَلَى اللُّغَةِ وَعَلَى نُصُوصِ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 10  صفحه : 170
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست