responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 10  صفحه : 167
وَأَقُولُ: أَلْفَاظُ الْإِلِّ وَالْعَهْدِ وَالْمِيثَاقِ وَالْيَمِينِ يَخْتَلِفُ مَفْهُومُهَا اللُّغَوِيُّ. وَقَدْ
تَتَوَارَدُ مَعَ هَذَا عَلَى حَقِيقَةٍ وَاحِدَةٍ بِضُرُوبٍ مِنَ التَّخْصِيصِ، فَالْعَهْدُ مَا يَتَّفِقُ رَجُلَانِ أَوْ فَرِيقَانِ مِنَ النَّاسِ عَلَى الْتِزَامِهِ بَيْنَهُمَا لِمَصْلَحَتِهِمَا الْمُشْتَرِكَةِ، فَإِنْ أَكَّدَاهُ وَوَثَّقَاهُ بِمَا يَقْتَضِي زِيَادَةَ الْعِنَايَةِ بِحِفْظِهِ وَالْوَفَاءِ بِهِ سُمِّيَ مِيثَاقًا، وَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنَ الْوَثَاقِ بِالْفَتْحِ وَهُوَ الْحَبْلُ وَالْقَيْدُ، وَإِنْ أَكَّدَاهُ بِالْيَمِينِ خَاصَّةً سُمِّي يَمِينًا، وَقَدْ يُسَمَّى بِذَلِكَ لِوَضْعِ كُلٍّ مِنَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ يَمِينَهُ فِي يَمِينِ الْآخَرِ عِنْدَ عَقْدِهِ، وَالْيَمِينُ فِي الْأَصْلِ الْيَدُ الْمُقَابِلَةُ لِلشِّمَالِ، وَالْحَلِفُ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَنِ اسْتَعْمَلَ الْإِلَّ بِمَعْنَى الْعَهْدِ أَرَادَ بِهِ الْمُطْلَقَ مِنْهُ، وَمِنْ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ الْحِلْفِ - بِالْكَسْرِ - وَهُوَ الْمُحَالَفَةُ أَصْلُهُ مِنْ مَادَّةِ الْحَلِفِ أَيِّ الْيَمِينِ. وَقَوْلُ ابْنِ إِسْحَاقَ: إِنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي أَهْلِ الْعَهْدِ الْعَامِّ أَرَادَ بِهِمْ غَيْرَ مَنِ اسْتَثْنَاهُمُ اللهُ تَعَالَى فِي الْآيَةِ السَّابِقَةِ وَالْآيَةِ الرَّابِعَةِ، وَالصَّوَابُ أَنَّهُ يَشْمَلُ أَهْلَ الْعَهْدِ الَّذِينَ غَدَرُوا، وَيَشْمَلُ مَنْ لَا عَهْدَ لَهُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ بِالْأَوْلَى؛ لِأَنَّهُمْ لِشِدَّةِ عَدَاوَتِهِمْ لِلْمُؤْمِنِينَ لَمْ يُرِيدُوا فِي وَقْتٍ مِنَ الْأَوْقَاتِ أَنْ يُقَيِّدُوا أَنْفُسَهُمْ مَعَهُمْ بِعَهْدِ سَلْمٍ مُطْلَقٍ وَلَا مُؤَقَّتٍ، فَإِنْ لَمْ يَشْمَلْهُمْ بِالنَّصِّ شَمِلَهُمْ بِالْحُكْمِ.
يُرْضُونَكُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ أَيْ: يُخَادِعُونَكُمْ فِي حَالِ الضَّعْفِ بِمَا يَنْبِذُونَ بِهِ مِنَ الْكَلَامِ الْعَذْبِ الَّذِي يَرَوْنَ أَنَّهُ يُرْضِيكُمْ سَوَاءٌ كَانَ عَهْدًا أَوْ وَعَدًا أَوْ يَمِينًا مُؤَكِّدًا لَهُمَا وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ الْمَمْلُوءَةُ بِالْحِقْدِ وَالضِّغْنِ أَنْ تُصَدِّقَ أَفْوَاهَهُمْ، يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ (48: 11) فَهُمْ إِنْ ظَهَرُوا عَلَيْكُمْ نَكَثُوا الْعُهُودَ، وَحَنِثُوا بِالْأَيْمَانِ، وَفَتَكُوا بِكُمْ جُهْدَ طَاقَتِهِمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ أَيْ: خَارِجُونَ مِنْ قُيُودِ الْعُهُودِ وَالْمَوَاثِيقِ مُتَجَاوِزُونَ لِحُدُودِ الصِّدْقِ وَالْوَفَاءِ فَالْفِسْقُ عَلَى مَعْنَاهُ فِي أَصْلِ اللُّغَةِ وَهُوَ الْخُرُوجُ وَالِانْفِصَالُ، يَقُولُونَ: فَسَقَتِ الرُّطَبَةُ إِذَا خَرَجَتْ مِنْ قِشْرَتِهَا، وَيُفَسَّرُ فِي كُلِّ مَقَامٍ بِمَا يُنَاسِبُهُ، وَإِنَّمَا وَصَفَ أَكْثَرَهُمْ بِالْفُسُوقِ؛ لِأَنَّهُمْ هُمُ النَّاكِثُونَ النَّاقِضُونَ لِعُهُودِهِمْ، وَأَقَلُّهُمُ الْمُوفُونَ وَهُمُ الَّذِينَ اسْتَثْنَاهُمُ اللهُ تَعَالَى، وَأَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِالِاسْتِقَامَةِ لَهُمْ مَا اسْتَقَامُوا لَهُمْ.
اشْتَرَوْا بِآيَاتِ اللهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ لَا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 10  صفحه : 167
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست